Site icon IMLebanon

اعترافاتُ “قرصان” أوْقعتْ بـ”المرأة الأقوى في لبنان”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: … «فضيحة»، «هزّة»، «فيلم هوليوودي»، «صندوق فرجة»، «ماتريوشكا فضائحية». هذا غيضٌ من فيض التوصيفات التي «غرقت» بها بيروت على خلفية «الانقلاب» الدراماتيكي في ملف الفنان المسرحي زياد عيتاني الذي كان يُلاحق قضائياً بتهمة التعامل مع اسرائيل، وإذ بمعطياتٍ «صاعقة» تُحوِّل المقدّم سوزان الحاج، التي كانت توصف بأنها «المرأة الأقوى في لبنان» حين تولّت منصب مديرة مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي، مشتبهاً فيها وتم توقيفها على ذمة التحقيق بـ «فبْركة» ملف عيتاني عبر «قرصان معلوماتية» (هاكر) بهدف تلفيق تهمة التواصل له مع ضابطة «وهميّة» في «الموساد» تُدعى «كوليت».

ولم يتأخّر انكشاف هذا «التحوّل الصادِم» في ملف عيتاني والذي كان خرج الى العلن بعد إعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق «براءة» الفنان المسرحي، في أن يصبح «حقلاً مغناطيسياً» تقاطعتْ فيه التجاذبات السياسية والانتخابية والطائفية كما تلك المتّصلة بـ «صراع الأجهزة الأمنية»، باعتبار أن الجهاز الذي كان تولّى التحقيق الأوّلي مع المسْرحي بعد توقيفه وانتزَع منه «اعترافات التعامل» التي جرى على أساسها الادّعاء عليه من القضاء العسكري هو «أمن الدولة» المحسوبة قيادتُه على فريقِ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في حين أن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي «نسفتْ» مسار القضية وقلبتْها إلى «فبْركةٍ»، وُضعت معها المقدّم الحاج في دائرة الاشتباه، محسوبة على فريق رئيس الحكومة سعد الحريري.

وشغل هذا الحدَث لبنان بعدما صار «القضية رقم واحد»، وسط ترقُّب لانكشاف «الصندوق الأسود» لهذا الملفّ الذي جرى ربْط المقدّم الحاج به انطلاقاً مما قيل عن اعترافاتٍ أدْلى بها الـ «هاكر» إيلي.غ، وهو مخبر لدى «أمن الدولة» بأنه تولى فتْح حسابات وهمية في إحدى الدول الأوروبية لفبْركة تهمة التعامل بناءً على طلب المديرة السابقة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية. أما في المسْرح الخلْفي لـ «الفخّ» الذي نُصب للفنان المسْرحي، فقد ذُكرت الخلفية «الانتقامية» من عيتاني لقيامه في أواخر ايلول من العام الماضي بالتقاط «سكرين شوت» لإعجاب الحاج بتغريدة للمخرج شربل خليل تسيء الى المرأة السعودية بعد قرار المملكة السماح لها بالقيادة (عادت وأزالت الـ like بعد وقت قصير جداً هي التي كانت غرّدت قبْلها مشيدةً بالقرار الملَكي)، ثم إرسالها الى مستشار وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي لتصل الى الصحافي زياد عيتاني، صاحب موقع «أيوب» الالكتروني، وهو ما تسبب أوائل تشرين الأول بقرار المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بفصْل المقدّم، التي كانت أول ضابطة تنضمّ إلى صفوف قوى الأمن الداخلي، من منصبها ووضعها بالتصرّف.

ولم يبدأ التحوّل في قضية عيتاني، الذي كان أوقف في 3 تشرين الثاني من العام الماضي إلا قبل أيام وصولاً الى خلاصاتٍ يُنتظر أن تتكرّس غداً مع توقُّع صدور قرار تخليته، وتدحض ما كانت توصلتْ إليه التحقيقات معه من «أمن الدولة» والتي تحدّثتْ حينها عن اعترافه بأنه كان كُلّف بمهام من «الموساد» بينها رصْد مجموعة من الشخصيات السياسية الرفيعة بهدف اغتيالها ومنها الوزير المشنوق وعدد من الوزراء والنواب والسياسيين، والتقرّب منهم عبر معاونين لهم من أجل الحصول على أكبر قدر من المعلومات. وترافق ذلك مع تسريباتٍ صحافية نقلاً عن مصادر أمنية حول «الضابطة الفاتنة» وكيف تعرّف عليها زياد عبر «فيسبوك» ظنّاً منه أنّها سويدية، وأنه في أوائل 2016 نجحت «كوليت» في تجنيده للعمل لمصلحتها بعدما أطلعتْه على هويتها الحقيقية وانه التقاها شخصياً للمرة الأولى في أغسطس من العام الماضي في تركيا.

وتشير المعلومات المتقاطعة الى انه قبل أيام سطّر قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض ابو غيدا (سبق أن أحيل عيتاني عليه) استنابة قضائية طلب فيها من فرع المعلومات استيضاح جوانب فنية وتقنية في الملف وتحديداً ما يتعلّق بموضوع الاتصالات، بسبب غموضٍ يعتري بعض الاعترافات التي أدلى بها عيتاني أمام جهاز أمن الدولة (قال إنه أدلى بها تحت التعذيب)، لتتكشف عملية التقصي من «المعلومات» عن وجود «ip» مفبْرك كان يتم عبره الاتصال بالفنان المسرحي، فجرى توقيف الشخص الذي يقف وراءه وهو إيلي.غ الذي أوْصل التحقيق معه الى طلب سماع المقدّم الحاج وسط معلومات عن توقيفات أخرى شملت أمس زوجة المقرْصن ووالدها وعن توقيفات ستتوالى لجلاء كامل الصورة.

وأكد النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود انه «اثناء تنفيذ استنابة القاضي ابو غيدا، تبينت أمور استدعت قيام شبهة على جرم اقتُرف ويجري التحقيق فيه بإشرافي شخصياً، ويتم الاستماع إلى عدد من الاشخاص بينهم المقدم سوزان الحاج. وبنتيجة التحقيق سنتّخذ القرارات المناسبة»، موضحاً لموقع «النهار» أن «ما يجري تداوله إعلامياً هو عمل يتعلق بالقضاء وحده. ونحن نتابع هذا التحقيق، ونقوم بواجباتنا. وعندما ينتهي سنقرر نتيجته، ومن بينها مسألة الاستماع إلى عدد من الاشخاص بينهم الحاج التي لا تزال رهن الاستماع».

وفي موازاة المسار القضائي المستجدّ وعلى وقع إشارة بعض التقارير الى أن المقدم الحاج لم تكن اعترفت أمام المحققين بفبركة ملف عيتاني، مذكّرة بأنها سبق أنّ رفعت دعوى بحق الشخص الآخر الذي يحمل الاسم نفسه (زياد عيتاني الصحافي)، كان الشق السياسي من هذا الملف يتفاعل منذراً بتداعيات على خط علاقة رئيسيْ الجمهورية والحكومة ولا سيما مع السجال الذي اندلع بين وزير الداخلية (محسوب على الحريري) ووزير العدل سليم جريصاتي بعد «تغريدة» المشنوق التي قال فيها «كل اللبنانيين يعتذرون من زياد عيتاني. البراءة ليست كافية. الفخر به وبوطنيته هو الحقيقة الثابتة والوحيدة. والويل للحاقدين، الأغبياء الطائفيين، الذين لم يجدوا غير هذا الهدف الشريف، البيروتي الأصيل، العروبي الذي لم يتخلَّ عن عروبته وبيروتيته يوماً واحداً».

وقد ردّ جريصاتي (من فريق عون) بالقول: «الشعب اللبناني لا يعتذر من أحد، ولا يليق بأي مسؤول تقديم أوراق الاعتماد الانتخابية من طريق طلب مثل هذا الاعتذار، وإعلان البراءة أو الادانة من اختصاص القضاء وحده، الذي يلفظ أحكامه وحيداً باسم الشعب اللبناني».

وفيما كانت الإشارات تتزايد الى مخاطر ترْك هذا «الفتيل» يشتعل في السياسة كما على صعيد المساس بمكانة الأجهزة الأمنية ودورها، دخل الحريري وقبل عودته الى بيروت على خط «سحْبه» ببيانٍ دعا فيه «الى سحب قضية الفنان عيتاني من التجاذب السياسي والاعلامي، والتوقف عن استغلالها لاغراض تسيء الى دور القضاء والأجهزة الأمنية المختصة»، لافتاً الى «ان هذه القضية في عهدة الاجهزة القضائية والأمنية التي تتحمل مسؤولياتها وفقاً للقوانين بعيداً عن أي تسييس، وهو ما تولاه جهاز أمن الدولة في مرحلة ما وقام بواجباته في إجراء التحقيقات اللازمة استناداً للمعلومات التي تكونت بين يديه. وهو ما تقوم به حالياً قوى الامن الداخلي وفرع المعلومات التي وضعت يدها على الملف بتكليف من الجهة القضائية المختصة»، ومعتبراً «ان دعوات ومحاولات الاستغلال والتسييس غير مقبولة، ويجب التوقف عنها».

بدوره أعلن عون، الذي كان استقبل المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، أن»ما تناقلته وسائل الإعلام وما صدر من مواقف عن عمل الأجهزة الأمنية والتحقيقات التي تجريها في مواضيع تتعلق بأمن البلاد وسلامتها، هو خارج عن إطار الاصول والقواعد القانونية التي تحفظ سرية التحقيق، كما انه يستبق الأحكام التي يمكن ان يصدرها القضاء، فضلاً عن كونه مليئا بالمغالطات»، داعياً الى»ضرورة التزام الجميع سرية التحقيق وضرورة إبقاء الملفات التي وضع القضاء يده عليها، بعيدة من أي استغلال لأي هدف كان».

وفي حين كانت مواقع التوصل الاجتماعي»تنفجر»بتعليقاتٍ على هذا الملف، أطلق النائب وليد جنبلاط موقفاً(مدوياً) أعلن فيه أنه لا علاقة للبنانيين بالاعتذار من زياد عيتاني. اعتذروا انتم يا أهل السلطة من هذه الفضيحة الأمنية والقضائية واستقيلوا. والفضائح لا تعد ولا تحصى في جعبتكم لكن الأخطر انكم خلقتم مناخاً من التشكيك في الأجهزة ستستفيد منه الاسرائيلي الى اقصى حد، وبالتالي تعرضون الامن الوطني بجهلكم للخطر».