لا تزال دائرة الشمال ذات الغالبية المسيحية، والتي تضم أقضية زغرتا-بشري- الكورة والبترون، تستأثر باهتمام المراقبين. ذلك أن المنازلة للفوز بالمقاعد العشرة في هذه الدائرة (7موارنة، 3 أرثوذكس) تكتسب بعدا رئاسيا لم يتأخر كثيرون في التقاط إشاراته من بوابة عدد من المرشحين المحتملين لتولي زمام الحكم في 2022.
وفي انتظار اليوم الانتخابي الموعود، لا تزال الكواليس السياسية تشهد محادثات انتخابية تمهيدا لرسم الصورة النهائية للتحالفات في مهلة أقصاها 26 آذار الجاري، طبقا لما ينص عليه القانون الانتخابي الجديد. وفي غمرة الغرق في مستنقع المفاوضات الانتخابية، أعادت جولة رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية جبران باسيل ذات الطابع الانتخابي في قرى قضاء زغرتا إلى الواجهة العلاقات العونية مع تيار المردة، والتي شهدت تدهورا كبيرا نتيجة تحالفات واتفاقات سبقت الاستحقاق الرئاسي عام 2016.
وأتت جولة باسيل في وقت كان النائب سليمان فرنجية يعلن أن صورة لوائح تياره باتت تقارب الاكتمال، ويشير بتهكم إلى أن لا علم له بزيارة باسيل إلى عقر داره الشمالية. وهو ما اعتبر إشارة إلى أن انتخابات 2018 لم تفلح، حتى اللحظة على الأقل في إصلاح ما أفسدته رئاسيات 2016، علما أن بنشعي نجحت في مد
يدها الانتخابية إلى أحد ألد خصومها السياسيين، النائب بطرس حرب الذي لا يلتقي مع بنشعي إلا على ضرورة مواجهة باسيل في معقله البتروني في معركة ينتظر أن تكون قاسية.
وإذا كانت أوساط مقربة من بنشعي تقر عبر “المركزية” بأن التحالف مع حرب قائم أولا على مصالح انتخابية يفرضها ما تسميه “القانون الغريب العجيب”، فإنها تؤكد أن لا كلام مع التيار العوني في المرحلة الراهنة”، غير أن تطبيع العلاقات بين الطرفين بعد الانتخابات يبقى إحتمالا قائما على قاعدة أن “لا مستحيل في السياسة، وخصوصا في لبنان”. وتشدد الأوساط، على أن زيارة باسيل إلى زغرتا لا تشكل استفززا لفرنجية، وإن كانت لم تنل الضجة التي كانت متوقعة لها، خصوصا أنها تهدف أولا إلى رص الصفوف البرتقالية قبيل استحقاق 6 أيار.
وفي رد على الكلام عن أن الالتقاء مع النائب بطرس حرب موضعي وانتخابي حصرا، تكشف أوساط بنشعي أن إقدام رئيس تيار المردة على هذه الخطوة يأتي بمثابة رد الجميل لحرب “الذي ساند فرنجية في خلال المعركة الرئاسية بعدما أيده الرئيس سعد الحريري، قبل أن ينقل جرعة الدعم هذه إلى العماد ميشال عون”، مؤكدة أن التحالف الانتخابي قد لا يتحول سياسياً على المدى الطويل، نظرا إلى التموضعات المتناقضة بين الطرفين”.
وفيما يميل كثيرون إلى القول إن المردة، ذا الخط السياسي المعروف، قد شذ عن القاعدة بالتحالف مع حرب، فإن الأوساط تؤكد أن فرنجية سيلتقي انتخابيا مع حلفائه التقليديين في مختلف أقضية الدائرة. وتلفت في هذا الاطار إلى أن المردة سيؤيد سليم سعادة (مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي) وفايز غصن (مردة) عن الأرثوذكس في الكورة، إلى جانب روي عيسى الخوري ووليم طوق (شقيق السيدة ميريام سكاف)وروي عيسى الخوري في بشري، والنائبين سليم كرم وإسطفان الدويهي، وطوني سليمان فرنجية في زغرتا.
إلا أن حسم ترشيحات المردة في معقلهم الشمالي لا يتيح لكوادر التيار أن يسقطوا من حساباتهم النتائج المرتقبة لزيارة الرئيس سعد الحريري إلى الرياض، وانعكاساتها على الخيارات الانتخابية الزرقاء، خصوصا إذا ما صح الكلام عن اتجاه سعودي إلى “شد عصب” مكونات فريق 14 آذار”.
وفي هذا الاطار، تنبه مصادر مطلعة على شؤون وشجون الشمال الانتخابية عبر “المركزية” إلى أن في الدائرة الشمالية ذات الغالبية المسيحية الساحقة ما يقارب 11 ألف ناخب سني، ما يعني أن لهم تأثيرا كبيرا في نتائج صناديق الاقتراع، علما أن كلاما يدور في الصالونات عن اتجاه الرئيس الحريري إلى التحالف مع العونيين، في امتداد انتخابي للتسوية الرئاسية.