كتب شادي عواد في صحيفة “الجمهورية”:
على الرغم من تطبيقه منذ فترة طويلة، ما زالت تدور في المجتمع اللبناني أحاديث كثيرة حول قانون السير الجديد وميزاته وعيوبه، بحيث يراه البعض وسيلة لحلّ الأزمات المرورية وزيادة السلامة على الطرق، بينما يرى البعض الآخر أنه لن يكون مفيداً إذا لم يتزامن مع صيانة الطرق وجعلها مطابِقة للمواصفات.
يتمّ في جميع بلدان العالم التحكّم بحركة المرور على الطرقات، من خلال قوانين رادعة تنظّم سير المركبات وتمنع الفوضى المرورية، ما يؤدي الى مزيد من الأمان على الطرقات. والأمر نفسه يحصل في لبنان من خلال قانون السير الجديد الذي رفع قيمة الغرامات لتكون رادعاً للكثيرين الذين تعوّدوا على المخالفات وقيمتها الزهيدة.
وعلى الرغم من أنّ القانون الجديد بشكل عام مبنيّ على فكر متطوّر يضع الجميع أمام إلتزاماته، إلّا أنه يبقى ناقصاً إذا لم تقُم الدولة أيضاً بتجهيز الطرق وصيانتها وإصلاحها وإزالة كل ما من شأنه إعاقة حركة المرور وتعريض سلامة مستخدمي الطريق للخطر، إضافة الى تجهيزها بوسائل التحكّم المرورية اللازمة وفقاً للمواصفات العالمية المتعارف عليها، والتي على أساسها تمّ وضع قانون السير الجديد.
إلتزامات المواطن
يجب على كل مواطن يستخدم الطريق، عدم تعريض الأرواح والأموال والأعراض للخطر أو الإخلال بأمان الطريق وبنيته التحتية وتجهيزاته وأمن مستخدميه والبيئة المحيطة أو تعطيل وإعاقة استخدام الغير له وكذلك الإلتزام بقواعد وآداب المرور سواءٌ في الشوارع العامة أو على الطرقات الداخلية.
وتشمل قواعد المرور الإلتزام بنظام السير، والوقوف، ومستوى السرعة والإتجاهات والأولويات في المرور، حيث توجد كل هذه القواعد على شكل إشارات إلزامية وإرشادية أو على شكل خطوط مرسومة يتمّ توزيعها على الشوارع والطرقات للتقيّد بها. وهذه القواعد ليست حكراً على سائقي المركبات، بل أيضاً يجب على سائقي الدراجات النارية والمشاة إحترامها والإلتزام بها. فعندما يلتزم الجميع بقواعد وآداب المرور فذلك يوفّر الأمان لكل الناس على الطرقات، ويُعتبر من حسن الأخلاق ويعبّر عن حضارة البلد.
إلتزامات الدولة
مثلها مثل المواطن، على الدولة أيضاً واجبات يجب أن تلتزم بها إستكمالاً لتطبيق قانون السير وزيادة الأمان على الطرقات اللبنانية. فلا يخفى على أحد أنّ الطرق في لبنان يعاني الكثير منها من رداءة وتهالك بنيتها الأساسية وضعف خدمات الصيانة والرقابة عليها، مع سوء وتلف الطبقة الإسفلتية وغياب الإنارة الليلية عليها. فمن الشائع في لبنان أنه ما أن ينتهي مقاول من تنفيذ أيّ مشروع صيانة على الطريق، حتى تبدأ عمليات حفر وتكسير أخرى تؤدي الى تهالك الطريق مجدداً. وكل ذلك يتسبّب في معاناة المواطن وتضرّر السيارات ووقوع عدد من الحوادث. ورغم الجهود المبذولة من قبل المعنيين، إلّا أنّ واقع الطرق في لبنان ما يزال خجولاً.
خلاصة
ليس من الغريب القول إنّ تطبيق قانون السير وحده لا يكفي لتقليل الحوادث وضبط الطرقات، إذا لم يترافق تطبيقه مع صيانة الطرق وجعلها ملائمة مع قانون السير. وعلى الرغم من رداءة الطرقات، هذا لا يعني أنه لا يجب تطبيق القانون بما هو متوفّر الآن، على أمل أن تصبح الطرقات في لبنان على المستوى المطلوب من الأمان. في المقابل إذا قلّ عدد الحوادث والضحايا على الطرقات، هذا أيضاً لا يعني أنها مطابقة للمواصفات ولا يجب صرف الموازنات لصيانتها. فالمسؤلية مشترَكة بين المواطن والدولة، وعلى كل منهما الإلتزام بواجباته لتحقيق السلامة والأمان على الطرقات.