يبدو أن الطلاق بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” أصبح أمراً واقعاً، بعدما أصبحت نقاط التباعد بين الطرفين أكثر بكثير من نقاط التلاقي بينهما، باعتبار أن القصة ليست وليدة ساعتها، وهي تعود إلى أشهر عدة من الفتور وعدم التنسيق بين الفريقين، بحسب الآلية التي كانت متبعة في الماضي.
وذكرت المعلومات لصحيفة “السياسة” الكويتية، أن “حزب الله” يسجل على رئيس “التيار” الوزير جبران باسيل مجموعة من المواقف، يرى فيها إساءات مباشرة وغير مباشرة له، بعدما كان باسيل صرّح بها للإعلام في مناسبات عدة، ومنها مثلاً ما نقلته عنه إحدى المجلات الأجنبية، اعتبر فيها أن من حق إسرائيل العيش بسلام، وهذا الموقف يتعارض مع ستراتيجية “حزب الله” الذي تعتبر إسرائيل كياناً مغتصباً ودولة عدوة، يجب التصدي لها ومحاربتها في أي وقت، أما النقطة الثانية، فتتعلق بالمواقف التي يعبر عنها باسيل في مجالسه الخاصة المتعلقة بسيادة الدولة، وعدم استعداد تياره لتغطية سلاح “حزب الله”، من خلال كلامه المستمر عن الرئيس القوي والجيش القوي، في حين أن النقطة الثالثة، تتعلق بخلاف باسيل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ووصفه بالبلطجي من دون الاعتذار منه كما كان يأمل “حزب الله”، والاكتفاء بإبداء الأسف لتناول هذا الموضوع بالإعلام، إضافة إلى أن النقطة الرابعة، تتمثل بمعارضة “التيار الوطني الحر” بشدة إعلان “حزب الله” ترشيح الحاج حسين زعيتر عن دائرة كسروان–جبيل من دون التنسيق معه، وهو ما اعتبره باسيل تجاوزاً له وتدخلاً في شؤون منطقته، على أن النقطة الخامسة، تتركز حول الخلاف داخل مجلس الوزراء بشأن ملف الطاقة ومعارضة “حزب الله” لموضوع البواخر الذي يتمسك بها التيار، ما دفع برئيس الجمهورية ميشال عون، إلى التدخل المباشر في هذا الموضوع والإعلان عن عدم موافقته على أي جلسة لمجلس الوزراء، ما لم يكن ملف الكهرباء بنداً أول على جدول أعمالها.
وفي هذا السياق، تبين الوقائع الميدانية للحراك الانتخابي على الأرض، أن الحزب والتيار يعيشان حالة افتراق واضحة تماماً، قد تنسحب خلافاً في جميع الدوائر الانتخابية بدءاً من دائرة كسروان–جبيل، مروراً بدائرتي بعبدا وجزين، وصولاً إلى البقاع الغربي وبعلبك–الهرمل، وبالتالي فإن الأمور بين الطرفين ذاهبة إلى التصعيد أكثر، ما لم يرضخ التيار إلى شروط الحزب الذي أمّن له الفوز الكاسح بأكبر كتلة نيابية مسيحية في انتخابات 2005 و2009، فهل ستبقى مواقف الطرفين على ما هي عليه، أم ستتدخل دمشق وطهران لمعالجة هذا الأمر وجمعهما من جديد لمقتضيات المصلحة المشتركة بينهم، مقابل الدعم المتجدد من قبل السعودية لحلفائها في لبنان؟