لا يختلف إثنان على أن القانون الانتخابي الجديد، بتقسيمات دوائره الـ 15 يعطي الناخبين من الطائفة السنية ثقلا مرجحا في الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في 6 أيار المقبل. وتنطبق هذه القاعدة في عدد من الدوائر على رأسها زحلة، وبيروت الأولى (حيث تعد محلة المدور، التي ضمّت إلى الأشرفية والرميل والصيفي، معقلا سنيا مهما) ودائرة الشمال ذات الغالبية المسيحية (الكورة، زغرتا، بشري البترون).
إلا أن هذه الصورة لا تنفي أن التطورات السياسية التي سجلها المشهد اللبناني في العام الأول من التسوية الرئاسية، التي أبرمها الحريري مع الرئيس العماد ميشال عون، تركت تداعيات على عدد من المعاقل الزرقاء التاريخية، في مقدمها دائرة بيروت الثانية التي تضم: المزرعة، الباشورة، المصيطبة، رأس بيروت، عين المريسة، المرفأ، زقاق البلاط، ميناء الحصن. ويتنافس فيها 117 مرشحا للفوز بـ 11 مقعدا موزعة كالآتي: 6 سنة، 2 شيعة، 1 درزي، 1 روم أرثوذكس، 1 إنجيلي.
وفي المرحلة الجديدة من الرحلة الطويلة في اتجاه 6 أيار المفترض ان تشكل التحالفات الانتخابية عنوانها العريض، تنبه مصادر مطلعة على الملف الانتخابي في دائرة بيروت الثانية عبر “المركزية” إلى أن التحالفات السياسية التي نسجها رئيس الحكومة، ومن ورائه تيار المستقبل في المرحلة الأخيرة، قد تضعه في بعض المواقع الحرجة في بيروت الثانية، مشيرة إلى أن التيار الأزرق قد يجد نفسه عالقا بين حليفيه القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.وفي وقت يكثر فيه الكلام عن أن الحريري، ومن باب ما يعتبرها “ضرورة صون استقرار البلد” يتجه إلى مد يده الانتخابية إلى التيار الوطني الحر، في مسعى إلى إعطاء دفع لاتفاق تشرين الأول 2016 بين الطرفين، تنبه المصادر إلى أن رئيس الحكومة فرمل هذه الاندفاعة بإعلانه رفض التحالف مع حزب الله، بما قد يقلص فرص الإلتقاء مع “الشريك المسيحي في الحكم” في استحقاق 2018، في حال ترجم تفاهم مار مخايل انتخابيا في العاصمة.
غير أن أجواء العونيين تفيد “المركزية” بأن المفاوضات لا تزال جارية مع تيار “المستقبل”، فيما تصب الرابية جهودها على شبك أيديها مع القوات اللبنانية، في بيروت الثانية، في إحدى محاولات الطرفين لترجمة تفاهم معراب في صناديق الاقتراع. وفي خطوة من هذا النوع، محاولة من القوتين المسيحيتين الكبريين لصون ما يعرف بـ “حقوق المسيحيين” في ايصال نوابهم بأصواتهم، حتى في الدوائر التي يسجلون فيها حضورا “ضعيفا” بالمقارنة مع القوى الأخرى، كما هي الحال في بيروت الثانية وبعلبك – الهرمل. وإذا كانت أوساط قواتية تؤكد لـ “المركزية” أن الاعداد لتحالف من هذا النوع يطبخ في كواليس الحزبين، فإنها تشير إلى أن معراب مصرة على تقاسم المقعدين المسيحيين مع الشريك البرتقالي، وهو ما قد يثير إشكالات معه.
وفي الانتظار، لا يزال تيار المستقبل يترقب الخيارات النهائية للرئيس الحريري (قبل أيام من إعلان الترشيحات في احتفال يقام في البيال عصر الأحد)، ويراقب نتائج الزيارة التي قام بها الحريري إلى السعودية، ويراهن على قدرة حليفيه المسيحيين على الالتقاء انتخابيا في معقله البيروتي، بما يعفيه من موقف حرج سيترك تداعيات في صناديق أيار. علما أن تيار المستقبل سيقف في مواجهة عدد من خصومه وفي طليعتهم الوزير السابق أشرف ريفي، ورئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي (الذي يتجه إلى خوض المنازلة وتشكيل لائحة خاصة به)، إضافة إلى الثنائي الشيعي وبعض القوى الدائرة في فلكه، بما يجعل المعركة قاسية.