كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: نطلق في لبنان «ماراثون» الانتخابات النيابية الذي يُتوَّج في 6 مايو المقبل داخل صناديق الاقتراع التي تُفتح ليوم واحد في طول البلاد وعرضها لاختيار برلمان جديد (بتأخير 5 أعوام) سيولد وفق قانونٍ يُعتمد للمرة الأولى في تاريخها ويقوم على النسبية ضمن 15 دائرة مع صوتٍ تفضيلي.
وبدت بيروت أمس أشبه بـ «علبة أرقامٍ» وسط انهماك بقراءة خلاصات «دفتر» الترشيحات لاستحقاق 6 ايار الذي حفل بسوابق تاريخية سواء لناحية إجمالي عدد المرشحين الذي بلغ 976 سيتنافسون على 128 مقعداً يتقاسمهم مناصفةً المسيحيون والمسلمون أو لجهة عدد المرشحات من ضمنهم والذي رسا على 111 أي ما يوازي 8 أضعاف الرقم الذي سجّل العام 2009 وكان 14 مرشحة.
وإذا كانت الأنظار تتجه على العدد، من الرجال كما النساء، الذي سيكمل في السباق الانتخابي وينجح في الانضواء «الإجباري» ضمن لوائح ينبغي تسجيلها رسمياً بحلول منتصف ليل 26 – 27 الجاري، فإن الأكيد من «المسْح» الأولي للائحة الترشيحات يشي بأن برلمان 2018 وإن كان لن يحمل مفاجآت في «التركيبة الجينية» التي تحكم اللعبة السياسية التي تتحكّم بها أحزاب سياسية – طائفية «ثابتة»، إلا أنه سيغيب عنه حكماً 41 وجهاً اختاروا الانسحاب من المشهد البرلماني، إما على قاعدة «تسليم الدفة» للابن او القريب وإما من ضمن قرار باعتزال العمل التشريعي. ومن أبرز الذين عزفوا عن الترشح، الرئيس فؤاد السنيورة، والنواب وليد جنبلاط، سليمان فرنجية، دوري شمعون، أحمد فتفت، محمد الصفدي، محمد قباني، عاصم قانصوه وفريد الخازن.
ومع طي صفحة الترشيحات، ستكرّ ابتداءً من الأحد سبحة إعلان الأحزاب الرئيسية أسماء مَن ستخوض عبرهم «الامتحان» النيابي وبرامجها الانتخابية في خطوة على طريق حسْم التحالفات التي يتم وضْع اللمسات الأخيرة عليها عبر مشاورات ماراثونية ووفق حساباتٍ تراعي شعار «الربح أولا»، ما يؤسس للوحة تجمع بين متحالفين في مكان وخصوم في مكان آخر.
وفي هذا السياق، يعلن رئيس الحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري الاحد المقبل سيعلن أسماء مرشحيه في احتفال يقام في «البيال» قد يسبقه لقاء مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع سيكون الأول منذ أزمة استقالة الحريري في نوفمبر الماضي، وسيكرّس مساراً من تطبيع العلاقة بين الحليفيْن القديميْن والتي مرّت بصعود وهبوط مرات عدة، علماً انها يفترض أن تفتح الطريق في الانتخابات المقبلة أمام تحالفات موْضعية بينهما في دوائر محددة لا سيما في جبل لبنان.
ولن يمرّ 14 مارس إلا ويكون جعجع أعلن في مهرجان تعمّد اختيار موعده في ذكرى «انتفاضة الاستقلال» العام 2005 أسماء مرشّحي «القوات» وبرنامجها الانتخابي وذلك على مسرح «بلاتيا» في ساحل علما (كسروان)، وذلك قبل ان يتولى «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) كشف كل أسماء مرشحيه واللوائح في احتفالية يقيمها في 24 الجاري في «الفوروم دو بيروت».
ولم تحجب الحماوة الانتخابية التي ستتصاعد تدريجاً في الطريق الى 6 مايو الاهتمام بالتحضيرات المتسارعة لمؤتمرات الدعم الدولية الثلاث للبنان التي تبدأ من روما الخميس المقبل قبل مؤتمر «سيدر 1» في باريس في 6 ابريل ثم محطة بروكسيل اواخر الشهر نفسه، وسط جهد يتركّز في بيروت على مساريْن: الأول إنجاز مشروع موازنة 2018 الذي اقتربت الحكومة من بتّه تمهيداً لإحالته على البرلمان وذلك لإعطاء إشارة جدية الى وضع الإصلاحات المالية – الاقتصادية الضرورية على السكة استجابةً لدفتر شروط المجتمع الدولي. والثاني استكمال حشْد التأييد العربي والغربي للمشاركة الفاعلة في هذه المؤتمرات في ظل ارتياح لبناني كبير الى القرار السعودي والإماراتي بعد الكويتي بالمساهمة الوازنة فيها، كإحدى ترجمات الزيارة «الناجحة جداً» التي قام بها الرئيس الحريري للرياض الأسبوع الماضي والتي انطوت على إشارات سعودية الى محض الثقة المطلقة للحريري في إدارته للمرحلة المقبلة في لبنان.
وقد تطرّق الحريري خلال جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت أمس في القصر الجمهوري الى محطته في السعودية مشيراً الى أنها كانت إيجابية جداً، «والسعودية ستشارك في مؤتمرات دعم لبنان»، مؤكداً أن «سياسة النأي بالنفس التي التزمتها الحكومة مهمة بالنسبة الى السعودية ولبنان».
وشكّل هذا العنوان أحد محاور «الكلمة النارية» التي ألقاها وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمر وزراء الداخلية العرب في الجزائر وصوّب فيها على «حزب الله» وإيران اذ أكد «نحن في لبنان نسعى جاهدين وسيتضح ذلك بعد الانتخابات النيابية الى ان تكون الدولة هي الجهة الوحيدة التي تحتكر السلاح وقرار الحرب والسلم»، موضحاً «لن نقبل ان يكون لبنان شوكة في خاصرة العرب ويجب الا تيأسوا وتستسهلوا تسليم لبنان لإيران وغيرها»، لافتاً الى ان «المجموعة التي فجرت السفارة الاميركية في بيروت العام 1983 ها هي تتورط في اليمن والعراق وسورية والبحرين وتتغلغل في النسيج الاجتماعي الخليجي».
وإذ أكد المشنوق، الذي كان التقى نظيره السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، ان «عاصفة الحزم كانت الاطار الوحيد لمواجهة التوغل الايراني»، قال «لست من هواة المواجهة المجانية مع ايران ولا أستسهل خيارات من هذا النوع بل سبق لي ودعوت الى حوار معها»، معتبراً «ان حجم الحضور الايراني في أزمات دولنا يستوجب استراتيجية مشتركة تتجاوز الحد الادنى من التفاهم والتوافق، وكل تأجيل هو هدية للمشروع الايراني».
في موازاة ذلك، يسود ترقب حيال ما ستؤول إليه قضية المسرحي اللبناني زياد عيتاني الذي كان أوقف في نوفمبر من العام الماضي من قبل جهاز أمن الدولة بشبهة التعامل مع اسرائيل، قبل أن «تنفجر» مفاجأة ان ملفه «مُفبْرك» من مُخْبر – قرصان يُدعى ايلي.غ (يعمل لحساب أمن الدولة) واعترف بعد توقيفه من قبل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بأن مديرة مكتب جرائم المعلوماتية السابقة المقدّم سوزان الحاج هي التي طلبت منه تلفيق التهمة لعيتاني، انتقاماً لمساهمته في الترويج لـ «لايك»، كانت قالت إنها قامت به عن طريق الخطأ، لتغريدةٍ للمخرج شربل خليل تسيء الى المرأة السعودية بعد قرار السماح لها بالقيادة، الأمر الذي تسبب أوائل اكتوبر الماضي بفصْلها من مركزها ووضْعها بالتصرف.
وكان المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود ختم أمس التحقيقات الاولية التي اجريت في شعبة المعلومات وبإشرافه في قضية عيتاني – الحاج (أوقفت على ذمة التحقيق قبل ايام)، وأصدر قراراً بتوقيف الحاج والمخبر ايلي غ. على ذمة التحقيق، وترك زوجة الأخير بسند اقامة.