يمكن من خلال تتبّع حركة الاتصالات الجارية على الساحة الدولية، ومضمون المواقف السياسية التي تُطلق خلالها، تحديد أولويتين يركّز عليهما المسؤولون في عواصم القرار، سيكثفون الجهود على ما يبدو، في المرحلة المقبلة، لمحاولة تحقيق خرق فيهما. هاتان الاولويتان تتمثلان، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”، بوقف تدهور الوضع الميداني في سوريا من جهة، وبتطويق التمدد الايراني في الشرق الاوسط من جهة ثانية.
وفي السياق، تتحدث المصادر عن زيارة بدأها نائب مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ساترفيلد، لباريس حيث يلتقي بعض المسؤولين الفرنسيين. ومن المتوقع ان يتركّز البحث على التطورات والمستجدات في المنطقة، وتحديدا في سوريا، في ضوء تصاعد المواجهات لاسيما في الغوطة الشرقية. وبحسب المصادر، سيدرس الجانبان كيفية توحيد الضغوط الدولية والغربية والعربية، على روسيا لتوقفَ التصعيد في سوريا وتحمل النظام على الالتزام بوقف اطلاق النار ووقف الهجوم العسكري على الغوطة “تحت اي مسوغ كان لان ما يجري غير مسموح وغير مقبول”، بحسب الاميركيين.
وبحسب المصادر، ستشكل الاجتماعات الاميركية – الفرنسية، استكمالا للمباحثات الموسعة التي حصلت منذ اسابيع في باريس وضمّت مسؤولين من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن. فهي أفضت الى اتفاق على ضرورة فرض التهدئة في سوريا واعادة اطلاق المفاوضات بين اطراف النزاع، على ان تؤسس لحل للأزمة ينبثق من منصة جنيف الاممية ومن القرارات الدولية ذات الصلة. وسيتدارس ساترفيلد والفرنسيون كيفية تفعيل هذا المسار ولجم التوتر الذي تعيشه سوريا اليوم.
في الموازاة، تقول المصادر ان همّ التوسع الايراني، سيحضر ايضا في صلب المشاورات. اذ سيضع ساترفيلد مضيفيه في صورة ما دار بين الاميركيين ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته الاخيرة الى واشنطن منذ ايام، حيث كان تشديد مشترك على ضرورة محاربة الانفلاش الايراني في المنطقة ككل وفي الجوار الاسرائيلي (وتحديدا في جنوب سوريا ولبنان). كما سيطّلع الدبلوماسي الاميركي على نتائج الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى ايران مطلع الاسبوع الحالي.
وتتزامن هذه الاتصالات، مع أخرى سعودية – غربية انطلقت منذ ساعات مع وصول ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، على رأس وفد، الى بريطانيا. ففي وقت برز اعلان وزير الخارجية السعودية عادل الجبير، “أن الرياض اتفقت مع لندن على ردع إيران ووقف دعمها للإرهاب”، وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البريطاني بوريس جونسون، سيحضر الملف الايراني في محطات بن سلمان في الايام المقبلة، والتي تشمل أيضا واشنطن.
ففيما اعلن المرشد الاعلى للثورة الايرانية علي خامنئي اليوم بوضوح رفضه التفاوض مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في شأن الوجود الإيراني في الشرق الأوسط، تقول المصادر ان القوى الاميركية والاوروبية والعربية، ستحاول التوصل الى خريطة طريق مشتركة لمكافحة المخططات الايرانية، خصوصا ان تقليم اظافرها في المنطقة، يعتبر في رأي الفريق الدولي العتيد، ضروريا لضمان نجاح التسويات التي تطبخ لأزمات المنطقة.