كتب علي داود في صحيفة “الجمهورية”:
ثمّة سؤال عن سبب تفجّر الاشتباكات في الفترة الاخيرة في اكثر من مخيم فلسطيني، فتارة تحصل اشتباكات بين حركة «فتح» ومطلوبين للدولة اللبنانية في مخيم عين الحلوة وطوراً في مخيم الرشيدية بين «أنصار الله» و»فتح»، وأمس بين «الصاعقة» و»فتح الانتفاضة» في مخيم شاتيلا، والتي أدّت الى مقتل فلسطيني وجرح 7 آخرين، رغم انّ التنظيمين تابعان لـ»قوى التحالف الفلسطيني».
تمكنت مخابرات الجيش اللبناني في بيروت من توقيف محمد ابو زهرة المعروف بـ«ابو اياد زهرة»، الذي كان المحرّض والمسبّب الاساسي للاشكال الفردي المسلّح الذي وقع في مخيم شاتيلا، وبوشرت التحقيقات معه لمعرفة الخلفيات والدوافع.
وقال مصدر فلسطيني لـ«الجمهورية» انّ الامور تبدأ بإشكالات فردية ما تلبث ان تتّخذ منحى عائلياً، ثم تتطور الى أبعاد سياسية وعسكرية، وانّ السلاح المتفلّت والعشوائي هو ما يحتكم اليه المختلفون في اي مخيم، وهو ما حصل في شاتيلا وقبله في الرشيدية.
ويلفت الى انّ ما حصل في شاتيلا مردّه الى استئثار كل طرف ببقعة أمنية في المخيم، وانّ تجار المخدرات هم السبب في الشرارة التي أشعلت فتيل التفجير بسبب الاختلاف على توزيع المغانم والارباح في ما بينهم.
ويقول انّ الفصائل الفلسطينية تترك الامور من دون معالجة الى ان تقع الواقعة وتؤدي لسقوط قتلى، فتثور ثائرة الاهالي، عندها يتمّ التدخل من قبل الفصائل لوضع حد لتفلّت السلاح الأعمى والطائش الذي يصيب اولاً الشعب الفلسطيني نفسه.
ويشير الى انه في شاتيلا لا وجود لقوة أمنية فلسطينية على غرار عين الحلوة والرشيدية، وهو ما تسعى اليه الفصائل الفلسطينية من أجل إقامة قوة أمنية والتي تصطدم بعراقيل أقلها انّ قوة من الفصائل تريد تمثيل نفسها بحجم اكبر من نفسها. ولفت مصدر أمني لبناني لـ«الجمهورية» الى انّ السلاح المتفلّت في المخيمات يقتل الشعب الفلسطيني ويهدّد استقرار المخيم وجواره اللبناني، وبات من المؤكد وضع حد له من خلال تجميعه تحت إشراف الدولة اللبنانية، وهو ما قبل به تحديداً الرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما زار لبنان مؤخراً، لكن ترفضه أغلبية الفصائل لا سيما «القيادة العامة» و«الانتفاضة» لأنهما يعتبران هذا السلاح لحماية المخيمات من العدوان الاسرائيلي، وهو سلاح لفرض حق العودة الى فلسطين ومنع التوطين.
واشار الى انّ الاستقرار الأمني حاجة لبنانية وطنية في لبنان «لا سيما واننا قادمون على استحقاقات سياسية ومنها الانتخابات النيابية في 6 ايار، وهو ما يتطلّب أن تواكب المخيمات هذا الاستقرار وهو أمر يجب ان يبحث مع القيادة السياسية الفلسطينية لمنع حرف وجهة السلاح الفلسطيني عن تحرير فلسطين، والّا فما مبرّر وجود هذا السلاح الذي بات عبئاً على المخيمات والشعب الفلسطيني لأنه لا يستخدم الا في الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني؟».
وأمس، عقد اجتماع في مقر حركة «حماس» في شاتيلا لبحث تطورات الاشكال، وعُلم انّ المجتمعين شكّلوا لجنة تحقيق للبحث في خلفيات ما جرى واسبابه، على ان يتمّ تسليم المتورّطين الى الجهات الامنية اللبنانية، كما تمّ تسيير قوة أمنية مؤقتة من كل الفصائل باستثناء الفصيلين المتقاتلين ومحاسبة كل فصيل لكادره المُسيء.
ودانَ المسؤول السياسي لـ»حماس» في بيروت ابو خليل قاسم، في اتصال مع «الجمهورية»، الاشتباكات التي جرت في شاتيلا، مؤكداً على ان تقوم لجنة التحقيق بدورها لكشف المتورطين وتسليمهم الى الجهات الامنية اللبنانية ليكونوا «عبرة لكل من تسَوّل له نفسه العبث بأمن مخيماتنا»، ومشدداً على قيام قوة امنية للمخيم تعالج كل الاشكالات وتتصدى للمشكلات الامنية والاجتماعية وتكون على تواصل مع الدولة اللبنانية على غرار ما تَشكّل في البداوي وقبله في عين الحلوة. على ان تعمم هذه القوة على باقي المخيمات لحمايتها ومنع تكرار ما حصل في مخيم شاتيلا.
وكان ناشطون من عين الحلوة من «حماس» توجّهوا الى شاتيلا وانتظموا في مسيرة مدنية مع الأهالي فَصلت بين المتقاتلين لوَقف الاشتباكات.
إلى ذلك وفي عين الحلوة، بدأت الدعوات من القوى الفلسطينية ترتفع لتفعيل دور القوة الفلسطينية بسبب الاخفاقات التي مُنيت بها في الاحداث الاخيرة في المخيم، والتي أدّت الى مقتل شخص يدعى عبد الرحيم المقدح، حيث حمّلت عائلته تلك القوة المسؤولية الكاملة لمقتله.
ولهذه الغاية عقد لقاء مشترك للقوى الاسلامية وتحالف القوى الفلسطينية في منطقة صيدا، وذلك في قاعة مسجد النور. وقد ناقش المجتمعون الوضع الأمني والقوة المشتركة وإعادة ترميم وصيانة ما تضرر في خلال الأحداث الاخيرة، وإدخال مواد البناء الى المخيم وتحريك الدورة الاقتصادية وتخفيف الإجراءات الأمنية على مداخل المخيمات. وقد تمّ التأكيد على التالي:
١- الحفاظ على الامن وإشاعة الطمأنينة في المخيم، وعدم الاحتكام الى السلاح بين أبناء الشعب الواحد والقضية الواحدة ومحاسبة أي مُخلّ بأمن وأمان أهلنا.
٢- إعادة هيكلة القوة المشتركة تنظيماً وإدارةً وتفعيل دورها في حفظ الامن، والتمسّك بها كإطار فلسطيني جامع لكل الأطر الفلسطينية.
٣- دعوة القيادة السياسية الموحّدة للفصائل الوطنية والإسلامية في لبنان الى إجراء تحرّك يشمل الجهات الرسمية السياسية والأمنية اللبنانية، من أجل تخفيف الإجراءات على مداخل المخيمات وتسهيل حياتهم اليومية وإدخال مواد البناء.
٤- الإسراع في البدء بإعادة ترميم وصيانة المنازل المتضررة ولا سيما حي الطيرة، ليتسنى للأهالي العودة الى منازلهم وتخفيف الاعباء عنهم.