كتبت كارولين عاكوم في صحيفة “الشرق الأوسط”:
عادت المواجهة الكلامية بين «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل» عبر وزراء الطرفين الذين تبادلوا الاتهامات بالتحكم بالسلطة والقرارات ووصلت إلى حد الشتائم. وجاءت المواجهة الجديدة بين الخصمين اللدودين على خلفية ملف «القناصل الفخريين» الذي اتهم وزير الخارجية جبران باسيل «حركة أمل» بعرقلته من دون أن يسميها، ليأتي الرد من وزير المالية، ممثل حركة «أمل» في الحكومة، علي حسن خليل، واصفا باسيل بـ«أعجوبة البلد».
وأتى هذا السجال بعد نحو شهر على المواجهة السابقة بعدما وصف وزير الخارجية رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ«البلطجي»، وبعد أقل من أسبوع على السجال الذي نشب بينهما بعد اتهام باسيل وزير المال علي حسن خليل بتعطيل خطة الكهرباء، ليرد الأخير بالقول «أفتخر بتعطيل هذا المشروع لأن فيه محاولة سرقة وهدر وفساد»، قائلا «هذه المعزوفة هي لتغطية الفشل ويجب أن تتوقّف، وعلى اللبنانيين أن يعلموا من المسؤول عن عدم إنجاز مشروع الكهرباء».
وكان باسيل كرر هجومه على «أمل» أول من أمس، في افتتاح مؤتمر الطاقة الاغترابية اللبنانية في أستراليا الذي عقد بعد نحو شهر على مؤتمر الاغتراب في ساحل العاج وما رافقه من خلافات بينه وبين حركة «أمل» متهما إياها بالضغط على المغتربين الشيعة لعدم المشاركة فيه، وأعلن باسيل أنه «لا عودة إلى عهد الوصاية، بل لعهد يكون فيه الانتشار وصيا على نفسه بقراره الاغترابي والسياسي الحر، ووصيا على طاقات لبنان المنتشرة والمتميزة بنجاحات والمتعطشة لمؤتمرات ونشاطات ومشاريع». وأمس تطرق باسيل إلى قضية تعيين القناصل، قائلاً: «أخجل من القول إن هناك في لبنان من يحرم المستحقين توقيعه لتعيين قناصل فخريين مستعدين لخدمة لبنان مجانا فيما يجب أن يكون لنا جيش من القناصل الفخريين من دون أن نترجى أحداً من السياسيين».
وأتى الرد من وزير المالية علي حسن خليل بالقول: «لا يكتفي أعجوبة البلد في تسميم عقول اللبنانيين في الداخل، بل يوسع مساحة أكاذيبه الممجوجة لبلاد الاغتراب عله يحصد ما يعوض فشله المستمر، وآخره في أفريقيا»،
وأضاف: «خفف من كهربتك واسمع مجدداً أنني أفتخر بتوقيف صفقاتك المفتوحة التي ستنهي مصداقية البلد»، ليعود باسيل ويرد على الرد في المؤتمر قائلاً: «يحاولون تسميم الانتشار، فلكل شخص الحق بأن يكون له انتماء سياسي، ولكن لا يحق لأحد أن يقسم الاغتراب اللبناني بسبب انتمائه السياسي وبسبب الخلافات السياسية. ورأى أنه «يجب أن نحيد الانتشار عن السموم والسياسة في لبنان. ونحن نريد إعطاء الانتشار اللبناني، أما البعض الآخر فيريد أن يأخذ منه، وهذه هي نقطة الخلاف بيننا وبينهم».
وفي هذا الإطار، أوضحت مصادر وزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط» أن «قضية القناصل الذين لا يحتاجون إلى أي نفقات مالية إضافية من الدولة ويتم اختيارهم انطلاقا من موقعهم الاجتماعي وحضورهم في البلد الذي يعيشون فيه، كان قد تم الاتفاق عليها في جلسة الحكومة الأخيرة واتفق على وضع أسماء الذين سيتولون هذه المهمة، لكن هناك عرقلة من قبل وزراء حركة أمل».
في المقابل ينفي وزير الزراعة غازي زعيتر، ممثل أمل في الحكومة، هذا الموضوع ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»: «لا مشكلة في هذه القضية أبدا على العكس كل الأطراف كانت مرحبة به لكن قرار مجلس الوزراء بالتعيينات لم يمر عليه أكثر من أسبوعين، وبالتالي لدينا الوقت الكافي»، وأضاف: «لكن يبدو أن باسيل يحاول خلال وجوده في الخارج اللعب على وتر الاغتراب للحصول على أصوات إضافية».
ورد زعيتر بشكل مباشر على وزير الخارجية بالقول: «فليخجل باسيل من نفسه. القناصل لا يعرقلهم أحد إنما هو من يعينهم، ولا يحتاج الأمر إلى مجلس وزراء. هذا الكلام يدل على عرقلة مقصودة متعمدة وتشويه للحقائق، وعندما يعلن ذلك من أجل كسب بعض أصوات المغتربين بإطلاق مواقف سياسية فهذا معيب، وعندما يقول أنا عابر للطوائف عليه أن يعمل من أجل ذلك بالفعل وليس بالقول».
وكانت الحكومة قد وافقت في 15 فبراير (شباط) الماضي على استحداث 43 قنصلية جديدة في 28 بلدا، إضافة إلى 52 قنصلية كانت أقرت سابقا.
ويوضح وزير العدل السابق إبراهيم نجار الإجراءات المتبعة لتعيين أي قنصل في الخارج بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذا القرار هو فقط من صلاحية وزير الخارجية وبالتالي إذا كان هناك وجود لأي عرقلة فإنها ستكون لأسباب متعلقة بالتوزيع الطائفي والمحاصصة وليس أكثر».
ومع قضية القناصل استعيدت أيضا قضية ما تعرف بـ«حراس الأحراج» الذين أعاد التذكير بهم زعيتر أمس، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء نجحوا في مجلس الخدمة المدنية قبل أكثر من عام ووقع على تعيينهم وزير الزراعة الوصي ووزير المالية ورئيس الحكومة ولا يزال ينتظر توقيع رئيس الجمهورية، لكن باسيل يرفض السير في التعيين بحجة عدم التوازن الطائفي».