IMLebanon

روما 2: الاختبار الاول لـ”المناخ الخليجي الايجابي الجديد”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: لم يكن رئيس الحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري يحتاج الى الاحتفال الحاشد الذي أقيم أمس وجرى خلاله إعلان مرشحيه «من كل الطوائف ومن كل المناطق» الذين سيخوض من خلالهم انتخابات 6 ايار المقبل في مختلف المناطق اللبنانية، لـ «يؤكد المؤكد» حيال استعادته زمام المبادرة في «بيئته الحاضنة» محلياً ومكانته كعنصر التوازن في الواقع اللبناني ببُعده الإقليمي، ولا سيما بعدما حملتْ زيارته الأخيرة للرياض كل إشارات تأكيد «الثقة به» لإدارة المرحلة المقبلة، سواء الفاصلة عن الاستحقاق النيابي أو التي ستليها، وذلك وفق خيار «الاستقرار أولاً» الذي يرفعه ونجح في توفير غطاء خليجي له على قاعدة «الصمود» في سياق «المواجهة الناعمة» داخلياً مع «حزب الله» الذي يواجه ومعه إيران ضغوطاً متدحرجة على أكثر من «جبهة».

وأعطى الحريري في كلمته التي ألقاها في احتفال إعلان أسماء مرشحي «المستقبل» التي حملتْ تغييراتٍ عدة مع إدخال وجوه جديدة بعضها شابة ونسائية، إشارة الانطلاق الرسمية الى الانتخابات التي لم ينتهِ «المستقبل» بعد من تركيب «بازل» التحالفات التي ستحكمها، ولا سيما في شقّها المتعلّق بحليفه حزب «القوات اللبنانية»، وسط ترقُّب ساد أمس حيال إذا كانت الإشارات السلبية التي ارتسمتْ بإزاء المفاوضات لإنجاز التفاهم الانتخابي بينهما هي مؤشر على قرب إعلان فشلها أم أن الأمر يبقى في سياق «رفع سقوف التفاوض» في «ربع الساعة الأخير» قبل بت اللوائح تمهيداً لتسجيلها في وزارة الداخلية ضمن مهلة تنتهي منتصف ليل 26 -27 الجاري.

والواقع أن رئيس الحكومة حدّد في احتفال «البيال»، مساء أمس، ثوابت تياره السياسية إزاء بديهيات قيام الدولة وحماية الاستقرار في إشارة ضمنية الى ديمومة التسوية السياسية التي كانت أنهتْ الفراغ الرئاسي باعتبارها «ركيزة الاستقرار» الذي يشكّل بدوره «صمام أمان» لجذْب الاستثمارات والمساعدات التي يعوّل عليها لبنان في مؤتمرات الدعم الدولية الثلاث التي تنطلق الخميس المقبل من روما (مخصص لدعم الجيش والقوى الأمنية). كما جاء «الإعلان الانتخابي» ليخاطب جمهور «المستقبل» الذي سيكون على موعد في 6 ايار مع أول استحقاقٍ انتخابي سيشكّل ما يشبه الاستفتاء على المسار الذي سلكه الحريري منذ اعتماد خيار السير بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في تشرين الاول 2016 وما رافقه وأعقبه، لا سيما إبان أزمة الاستقالة الملتبسة التي كان أعلنها من الرياض في 4 تشرين الثاني الماضي ثم عاد عنها بعد 18 يوماً من بيروت.

وحرص الحريري في كلمته على تخصيص الرئيس فؤاد السنيورة، الذي عزف عن خوض الانتخابات المقبلة، بتحيةٍ هو «الذي أعطى لسنوات طويلة نموذجاً باهراً، عن المشترع، والوزير، ورئيس الحكومة، ورجل الدولة»، مؤكداً «ان المرشحين الذين نعلن عنهم اليوم، هم من كل الطوائف، من كل المناطق، من كل الجذور الاجتماعية والثقافية والعملية، بينهم الصبايا والشباب، صغار العمر والأكبر قليلاً، وجوه جديدة، ونواب حاليون يجددون طلب ثقتكم. وجميعهم سيكونون يدا واحدة في الحملة الانتخابية وبعد الحملة، عندما يدخلون الى البرلمان بأعداد مشرفة بإذن الله، ليمثلوا تيار المستقبل، وقواعده ومشروعه للبنان أفضل».

وإذ شدد على أن مشروع «المستقبل» هو «الشرعية والاعتدال والعيش المشترك، مشروع الدولة التي دستورها ومؤسساتها وجيشها، وقواها الأمنية، وحدها تحمي لبنان»، قال: «كما سبق وقلت لكم لدينا مشروع للبنان مشروع نعمل عليه كل يوم، وجميعنا نعمل لخدمتكم، ولمشروع كبير قائم على حماية البلد واستقراره وأمانه وعلى حماية الدستور والحرية والديمقراطية والسيادة، مشروع قائم على حماية الأمن الاجتماعي والعملة الوطنية والنهوض بالاقتصاد، مشروع سنأخذه معنا بدءاً من هذا الأسبوع على ثلاثة مؤتمرات دولية، جمعنا العالم فيها من اجل حماية لبنان وأمانه واستقراره وللنهوض باقتصاده وتخفيف الأعباء عنه».

ولفت الى «ان صوتكم في هذه الانتخابات سيكون جواباً على سؤال بسيط:هل تريدون لهذا المشروع ان يستمر؟»، مضيفاً «القرار قراركم، والصوت صوتكم. هذا البلد يحميه رب العالمين، وأمان أهلنا وسط الحروب والحرائق من حولنا، آتٍ بفضل الله سبحانه وتعالى… ومن بعد رب العالمين، حماية البلد وأمانه ومستقبله يأتي من القرارات والمواقف والثوابت التي يمثلها تيار المستقبل. وبهذا المعنى، فإن تيار المستقبل، هو خرزة زرقاء ستضعونها انتم في صندوق الاقتراع، لحماية البلد. ولهذا السبب، شعارنا حماية لبنان ورمزه الخرزة الزرقاء، وفي النهاية فإن الله هو الحامي».

وشدد على «أن مَن يحب سعد، عليه أن ينتخب لوائح المستقبل أينما كانت، وفي كل الدوائر»، مؤكداً أن «إعلان الأسماء ليس اعلاناً للوائح. فاللوائح ستُعلَن لاحقاً في كل دائرة».

وإذا كان مهرجان «المستقبل» هو الأبرز يوم أمس، إلا ان «الأحد الانتخابي» حمل أيضاً أكثر من محطة عكستْ ارتفاع حماوة الحضيرات لاستحقاق 6 ايار، وبينها إعلان حزب «الكتائب اللبنانية» برنامجه الانتخابي في احتفال تحدّث فيه رئيسه النائب سامي الجميل، فيما كان «حزب سبعة» (من المجتمع المدني) يعلن مرشحيه وبرنامجه للانتخابات بعدما استقطب وجوهاً نسائية عدة بينهنّ إعلاميات (بولا يعقوبيان وغادة عيد)، اضافة الى «كفاءات» في مجالات عدة طَرَحها «بديلاً» للطبقة السياسية الراهنة.

أما حركة «المبادرة الوطنية» التي أسسها النائب السابق الدكتور فارس سعيْد والمفكّر الدكتور رضوان السيد، فاختارت عقد مؤتمرها العام أمس في فندق «البريستول»، وتخلله إطلاق إعلانها التأسيسي، كإطارٍ لمعارضةٍ عابرة للطوائف تدعو الى بقاء لبنان تحت مظلة الشرعيات الثلاث، اللبنانية (اتفاق الطائف) والعربية والدولية وتفادي الانزلاق به الى المحور الإيراني سواء نتيجة فائض قوة «حزب الله» او فائض ضعف الآخرين في لبنان.

وفي موازاة الشأن الانتخابي، كانت بيروت تترقّب عودة الوزير السعودي المفوض وليد البخاري لتولي مهمة رئيس البعثة الديبلوماسية في لبنان بعدما كان تم الإبقاء على السفير المعيّن حديثاً وليد اليعقوب في المملكة، في تطوّرٍ بدا في إطار الترتيب الجديد الذي تقوم به الرياض لمقاربتها للواقع اللبناني الذي يُنتظر أن يعود لمعاينته موفد الديوان الملكي نزار العلولا واستكمال محادثاته التي كان بدأها في العاصمة اللبنانية وقطعها لملاقاة الرئيس الحريري في زيارته التي قام بها للمملكة للمرة الاولى منذ انتهاء أزمة الاستقالة.

وفي حين يفترض أن ينعقد مجلس الوزراء اللبناني اليوم لإقرار مشروع موازنة 2018 وإحالته على البرلمان في محاولة لإنجازه قبل موعد مؤتمر «سيدر 1» في باريس (6 نيسان) الرامي الى استقطاب استثمارات وقروض ميسرة لتمويل برنامج استثماري بقيمة 16 مليار دولار، فإن أوساطاً سياسية تعتبر ان مؤتمر «روما 2» الخميس سيشكّل اول اختبار لـ «المناخ الجديد» (الايجابي) الخليجي خصوصاً إزاء لبنان، وسط ترقُّبٍ لحجم الدعم الذي ستقدّمه السعودية والإمارات والكويت خصوصاً للجيش والقوى الأمنية من ضمن أولوية «تقوية الدولة» وبنيتها العسكرية والأمنية.