كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
في دائرة الشمال الثالثة، ثلاثة أحزاب لديها مُرشحون إلى الانتخابات الرئاسية، من دون أن يكون التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وتيار المردة، قادرين على تشكيل لوائح مكتملة. على الأقل، هذا ما يظهر حتى الآن. الثلاثة أيضاً، غير قادرين على حسم تركيبتهم الانتخابية، قبل أن يقول تيار المستقبل كلمته.
في 14 آذار 2005، وقف النائب بطرس حرب على منبر ساحة الشهداء، خاطباً بـ«ثوار الأرز»، ضدّ «الاحتلال السوري» للبنان. قبله بأسبوعٍ، كان النائب سليمان فرنجية يشكر من الساحة المقابلة، في رياض الصلح، إلى جانب حلفائه في «محور المقاومة»، يشكر «سوريا الأسد». الحزب السوري القومي الاجتماعي، كان أيضاً مُشاركاً في تظاهرة 8 آذار.
ثلاث عشرة سنة مرّت على التظاهرتين، أصبح خلالها حرب وفرنجية والحزب القومي حلفاء على لائحة واحدة في دائرة الشمال الثالثة (بشرّي ــ زغرتا ــ الكورة ــ البترون). لا يُشكل الثلاثة استثناءً خلال الانتخابات النيابية الحالية. فمن النادر إيجاد فريق سياسي يخوض الاستحقاق انطلاقاً من المبادئ والبرامج الانتخابية. الهدف الوحيد زيادة عديد الكتل النيابية، وثلاثي حرب ــ فرنجية ــ القومي لا يشذّ عن هذه القاعدة. ولكن حرب، هو من مستقلّي 14 آذار، الذين يُنصّبون أنفسهم «حماة الثورة» والمبادئ، ولا يكفّون يُعايرون تيار المستقبل والقوات اللبنانية بأنّهما تخليا عن «ثورة الأرز» وساهما في تعزيز «سطوة» حزب الله على الدولة بسبب انتخاب الرئيس ميشال عون.
«التحالف الانتخابي لا يُغيّر موقفي من قضايا السيادة، وحصرية السلاح، وحياد لبنان، باستثناء الالتزام تجاه القضية الفلسطينية». ولكن القانون «فَرَض هذا النوع من التحالفات». الوزير السابق حاول تشكيل لائحة في دائرة الشمال الثالثة «تُحافظ على توجهات 14 آذار. عجزت»، ففتش عن تحالف «مُريح»، يسمح له بالحفاظ على موقعه في مجلس النواب، «علماً أنّني كنت بغنىً عن الترشح، لولا أنّني أدركت خطورة ما يُحضّر». في حال فوز حرب بأحد مقعدَي البترون، «سأعمل على جمع النواب المستقلين في جبهة معارضة للقوى المتحالفة من أجل تدمير لبنان».
منذ عام 1972، وحرب يُمارس السياسة، «لم يسبق أن شهدنا انتخابات كهذه… توظيفات عشوائية، مناقلات تطاول العسكريين المحسوبين علينا، موظفون كبار لا يجرؤون على الردّ على اتصالاتنا. إضافةً إلى نسب إنجازات إنمائية نحن قمنا بها».
اللمسات الأخيرة توضع على لائحة حرب مع تيار المردة والحزب القومي. الأسماء المحسومة هي:
بشرّي: ويليام طوق ــ روي عيسى الخوري،
زغرتا: سليم كرم ــ أسطفان الدويهي ــ طوني فرنجية،
الكورة: فايز غصن ــ سليم سعادة،
البترون: بطرس حرب.
«الأرجح أن نكون في البترون وحدنا»، يقول بطرس حرب. أما في الكورة، فيُنقل عن سليم سعادة قوله إنّه لن يكون هناك مرشح ثالث، فيما يرى قيادي في تيار المردة أنّ «الأمر لم يُحسم بعد، والاتصالات مُستمرة مع عددٍ من المُرشحين المُقربين منّا. آخر الأسبوع، نكون قد انتهينا من اللائحة». النائب نقولا غصن، هو أحد الذين يضعهم تيار المردة ضمن الخيارات المتاحة أمامه. ليست قيادة بنشعي وحيدةً في ذلك. فكلّ القوى في الكورة، التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية و«المردة»، يخطبون ودّ نقولا غصن، طمعاً بأصوات نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري وتيار المستقبل، الذي قرّر دعم نقولا غصن أيّاً تكن اللائحة التي يتحالف معها.
الأحزاب الثلاثة تُفاوض تيار المستقبل، الذي لم «يبقّ بحصة» تحالفه مع أحدها بعد. يقول أحد المسؤولين العونيين: «قبل أسبوع، كان الجوّ إيجابياً مع غصن، ولكن لم يُبتّ شيء بعد».
في المقابل، لن تكون للتيار الوطني الحرّ لائحة كاملة في الشمال الثالثة. حتى الآن، تتألف اللائحة من: بشرّي: سعيد طوق، زغرتا: بيار رفول، الكورة: جورج عطالله ــ عبد الله الزاخم، البترون: جبران باسيل.
ولكن ماذا عن رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض؟ «في المبدأ، هو وافق على التحالف معنا. ولكن، تحالفنا معه يعني أنّ اللائحة قد تفوز بمقعدين في زغرتا (معوض) والبترون (باسيل)، على حساب مُرشح للتيار في قضاء آخر». لذلك، يقول المسؤول العوني: «إنّنا ننتظر موقف تيار المستقبل، الذي بتحالفه معنا نقدر أن نرفع الحاصل الانتخابي ونُعزّز حظوظنا بأكثر من مقعدين». هذه حسابات «التيار»، الذي يزعم أنّه «وحدنا نستطيع الفوز بمقعدين».
إيجابية العونيين في الحديث عن التحالف مع معوض، غير موجودة لدى الأخير، لأنّه لا يزال يُفاوض «التيار» و«القوات» وحزب الكتائب. وتؤكد مصادر «القوات» أنّ «الاتصالات مفتوحة مع كلّ القوى التي التقينا معها في ثورة الأرز، من تيار المستقبل وفريد مكاري واليسار الديمقراطي وميشال معوض… وحزب الكتائب». الأخير يشترط للتحالف مع القوات اللبنانية أن تسحب مُرشحها الطبيب فادي سعد، حتّى يضمن النائب سامر سعادة الفوز بالمقعد الماروني في البترون. «هذا النقاش تخطيناه»، تقول مصادر «القوات»، لأنّه إذا كان من داعٍ للانسحاب «يجب أن يكون لفريق لديه أصوات أكثر منّا، وليس العكس»، رافضةً ما يُقال إنّ سعد لم يقدر على خلق جوّ متعاطف معه في المنطقة، ولا سيّما في ظلّ انكفاء النائب أنطوان زهرا في منزله (غاب عن احتفال إعلان أسماء القوات إلى الانتخابات أمس). وترى أنّه «في البترون، القوات والتيار متساويان، وقد يتفوق علينا الوزير جبران باسيل بسبب الخدمات والعهد وعَمَل الأجهزة الأمنية لمصلحته». وأيضاً…
بكل الأحوال، لن تكون لائحة القوات اللبنانية في الشمال الثالثة مكتملة. تضم، حتى الآن، عن بشرّي: ستريدا طوق ــ جوزف إسحاق، زغرتا: ماريوس بعيني، الكورة: فادي كرم، البترون: فادي سعد.
في ظلّ تراجع حظوظ تحالف «القوات» ــ «الكتائب»، يمضي الكتائبي سامر سعادة (البترون) في تحالفه مع النائب السابق قيصر معوض وميشال الدويهي (زغرتا)، رياض طوق (بشرّي)، جو حبيب وألبير اندراوس (الكورة).