Site icon IMLebanon

مؤتمر روما يُجدّد “بوليصة التأمين” الدولية لاستقرار لبنان

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: لم يكن أكثر تعبيراً عن «المسْرح السياسي» لمؤتمر روما – 2 لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي من الموقف الذي أطلقه رئيس الحكومة سعد الحريري وربَط فيه بين «التظاهرة الدولية» التي سترتسم في العاصمة الإيطالية اليوم وبين معاني «ثورة الأرز» التي انفجرتْ في 14 اذار 2005 تحت عنوان «الحرية والسيادة والاستقلال» وأرغمتْ الجيش السوري على الانسحاب من لبنان ليبقي شعارُها الأبرز في الأعوام التي تلت «العبور الى الدولة»، و«مفتاح» ذلك حصرية السلاح بيد الشرعية.

وإذا كان تحالف «14 آذار» السياسي «اندثر»، وإذا كانت موجبات التسوية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي قبل 16 شهراً ونيف خلطتْ أوراق التحالفات وغيّبتْ مشهد الانقسام العمودي، إلا أن ملف «حزب الله» وسلاحه بوظيفتيْه الداخلية والخارجية صارتْ له في الأعوام الخمسة الأخيرة أبعاداً عربية – دولية كبيرة ربْطاً بأدوار الحزب العسكرية والأمنية في ساحات المنطقة المشتعلة كذراعٍ رئيسية لمشروع إيران التوسعي فيها، ما جعَل محاصرته واحدة من أولويات المجتمع الدولي رغم الحرص اللبناني على التعاطي معه على طريقة «المواجهة الناعمة» تحت سقف «الاستقرار أولاً».

واختار الحريري، قبيل توجّهه الى روما أن يعطي مؤتمر دعم الجيش أبعاداً تلاقي المتطلبات التي يرسمها المجتمع الدولي والتي يأتي تعزيز مكانة المؤسسات العسكرية والأمنية والشرعية من ضمنها، وتحديداً لجهة تمكين الدولة من بسط سلطتها وحيدةً على كامل الأراضي اللبنانية، اذ قال في بيان له «ربما ليس مصادفة أن أتوجه في الذكرى الثالثة عشرة لـ14 مارس 2005 الى روما على رأس وفد لبنان الى مؤتمر دولي لدعم الجيش والقوى الأمنية، حماة السيادة والاستقرار في لبنان»، مؤكداً «أن تدعيم الدولة وبناءها، وسيادة لبنان وحريته، كانت المطالب التي التفّ حولها أكثر من مليون لبناني نزلوا الى الساحات في ذلك اليوم التاريخي قبل 13 عاماً. ونحن اليوم نواصل النضال لتحقيق هذه المطالب من كل المواقع وفي كل المعتركات الحكومية والسياسية والانتخابية (…)»، ومشدّداً على ان هذا اليوم «سيبقى علامة فارقة في تاريخ لبنان، وجسراً للعبور الحقيقي الى الدولة وإرادة الشرعية التي تعلو فوق كل الإرادات».

وجاء كلام الحريري بعد يومين من «طمْأنة» رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المجتمع الدولي الى ان مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية ستشهد معاودة بحث الاستراتيجية الوطنية للدفاع، التي تُعتبر الاسم الحرَكي لسلاح «حزب الله». ورغم ان موقف عون، الذي أُبلغ الى المنسّقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان برنيل داهلر كارديل وسفير ايطاليا ماسيمو ماروتي، لم يحدّد شكل هذا البحث ولا إطاره و«سلّة أهدافه» النهائية، إلا أنه معطوفاً على ما قاله رئيس الحكومة أمس يعكس الترابط الذي يُقيمه الخارج بين دعم لبنان بجيشه وشعبه وشرعيته على مختلف المستويات وبين ضرورة أن يكون ذلك من ضمن مسار تقوية الدولة وصولاً الى حصْر السلاح بيدها، وذلك في موازاة موقف بيروت التي ترى ان الجيش والمؤسسات الأمنية تشكل ركيزة حفظ الاستقرار الى جانب التوافق السياسي والحاجة الى دعم اقتصادي لمواجهة المخاطر المالية الناجمة عن عبء المديونية والنازحين، وهما العنوانان اللذن سيتصدى لهما مؤتمرا باريس في 6 ابريل المقبل وبروكسيل أواخر الشهر نفسه.

والأكيد ان مؤتمر روما -2، الذي ينعقد بمشاركة 41 دولة (بالإضافة إلى «الناتو» بصفة مراقب) غربية وعربية بينها الكويت والسعودية والإمارات، في إشارة الى عودة الاحتضان الخليجي للبنان، سيعيد تجديد «بوليصة التأمين» لاستقرار البلاد ويشكّل «رافعة» في هذا الاتجاه، وسط معلومات عن ان الخطة الخمسية لدعم الجيش والقوى الأمنية التي يحملها الحريري (على رأس وفد وزاري عسكري – أمني) ليس متوقّعاً ان تُقابل بإعلان التزامات مالية فورية للاستجابة لها، بقدر ما ان «مظلة الدعم» العالمي للبنان وجيشه ومؤسساته الأمنية ولاستقراره التي ستتبلور اليوم، سيليها تباعاً إعلان عواصم شاركتْ في أعمال المؤتمر عن مساعداتها من ضمن المناخٍ الذي بدا معه انه جرى طيّ جدال أيهما اولاً «تقوية الدولة او إضعاف الدويلة (حزب الله)»؟

وشكّل «حزب الله» و«مصادرته قرار الدولة الاستراتيجي» وتداعيات ذلك على كل مفاصل حياة اللبنانيين أحد الجوانب الرئيسية في المهرجان الانتخابي الحاشد الذي أقامه حزب «القوات اللبنانية» عصر أمس في مسرح «البلاتيا» في جونية وأعلن خلاله أسماء مرشحيه الـ 18 للانتخابات النيابية كما أطلق حملته بعنوان «صار بدا».

وركّزت كلمة رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع في المناسبة على معاني اختيار ذكرى «انتفاصة الاستقلال» لإطلاق المعركة الانتخابية التي ترتكز على ثوابت «ثورة الأرز» الـ «باقية باقية باقية، والنصر سيكون لها».