Site icon IMLebanon

راعٍ يتاجر بأغنام “باهظة الثمن” لـ”داعش” في جرود عرسال

كتبت كاتيا توا في صحيفة “المستقبل”:

في عملية حسابية بسيطة، إذا كان سعر«راس الغنم» مئة دولار فإن ثمن «مئة راس» عشرة آلاف دولار، أما خالد ف. فقد «إبتكر» عملية حسابية مغايرة، فبعد الجمع والضرب والطرح وحتى القسمة، توصّل خالد الى نتيجة ان سعر «صفقة الغنم» تلك هو 26 ألف دولار، علماً أن خالد، وهو راعي مواشي، قد حدّد بنفسه سعر«الراس»، ليزعم في نهاية المطاف ان المبلغ الذي ضُبط بحوزته (26 ألف دولار) كان ثمن شراء شاحنة صغيرة، وليس للمجموعات الإرهابية التابعة لتنظيم داعش في جرود عرسال.

إتُهم خالد إلى جانب اربعة سوريين بالتدخل بالأعمال الإرهابية التي يقترفها عناصر «داعش» في جرود عرسال.وقد أقدموا في هذا الإطار على نقل وتحويل أموال مالية ضخمة إلى عناصر «داعش» في الجرود.

وبإستجوابه أمام المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن حسين عبدالله، أفاد خالد ف. بأنه يعمل في تجارة المواشي، وقد حضر إلى بيروت في حزيران العام 2017 لتحصيل مال له في ذمّة «ابو عدنان»، الذي أرسله إلى شخص لاستلام المال منه، نافياً معرفة الأخير باسمه الحقيقي وإنما هو«ختيار وعمره حوالى 75 عاماً».

ولم يكن «أبو عدنان» سوى مصطفى جواد أحد مسلحي تنظيم «داعش» الذي عرض على خالد العمل لصالحه بنقل أموال من بيروت إلى جرود عرسال مقابل 300 دولار عن كل نقلة، كانت هذه اعترافات خالد في التحقيق الأولي التي تراجع عنها أمام المحكمة ليقول «أفضّل الموت على القيام بذلك».

ولماذا لم يذكر في التحقيقات الأولية والاستنطاقية معه «قصة الغنم»، سأله رئيس المحكمة، فقال: «إن المبلغ الذي ضُبط معي هو 26 ألف دولار وهو ثمن أغنام».

أستوضح رئيس المحكمة المتهم عن ثمن «راس الغنم»، فقال بإنه بحدود المئة دولار وأن المبلغ المضبوط هو عبارة عن ثمن 100 «راس غنم»، وعندما أبلغه رئيس المحكمة أن سعرهم يكون في هذه الحالة عشرة آلاف دولار زعم خالد أن «المبلغ كان ثمن شراء شاحنة». ونفى أن يكون قد نقل سابقاً إلى «أبو عدنان» مبلغ سبعين ألف دولار «ما في مرة تانيي».

وعن اعترافه الأولي لجهة أن مصطفى جواد أرسله عدة مرات إلى محلة جسر المطار وأنه «استلمت في إحدى المرات أساور من الذهب»، نفى خالد ذلك، كما نفى ما ذكره أولياً حول نقله أكياساً تحوي أموالاً من محلة الرحاب تسلمهم من أشخاص يجهلهم واستلامه مرةً مبلغ عشرة آلاف دولار ومرة أخرى 13 ألفاً، وذلك قبل أن يتم ضبطه بالجرم المشهود. وقال في هذا المجال: «أنا كنت في وزارة الصحة للحصول على دواء عندما تم توقيفي».

وأفاد السوري نشمي هـ. بأنه يملك محلاً لتحويل الأموال وكان يقوم بتحويل مبالغ مالية لسوريين من سوريا إلى لبنان ومن ثم إلى سوريا وأن مصدر هذه الأموال هي الأهالي وليس «داعش». وأكد أنه سلّم خالد المبلغ المضبوط وكانت المرة الأولى التي يراه فيها. ولدى سؤاله عن سبب تحويل الأموال بهذه الطريقة قال المتهم إنه يفعل ذلك بهدف الكسب المادي وإنه سّلم المبلغ إلى خالد عن حسن نية. وسئل عما ذكره في إفادته الأولية حيث كانت ترده الأموال من دير الزور الذي يسيطر عليه «داعش» وأنه ترده أموال كبيرة من سوريا وهي لـ«داعش» في الجرود، فأجاب: «أنا أحوز على بطاقة من الأمن السوري وأسكن في الضاحية ولم يسبق لي أن قصدت عرسال أو جرودها».

أما المتهم السوري صالح ص. فأفاد بأنه كان لديه مكتب لتحويل الأموال وأُقفل نافياً معرفته بخالد ف. وعن تحويله مبلغ مئتي ألف دولار قال: «هذه قضية قديمة وكان حينها محلي مرخصاً أما الآن فأنا أعمل في محمصة».

وباستجواب السوري محمد ص. قال إن الحوالات كانت من عمال سوريين وكانت بحدود 23 ألف دولار وقد سلّم المبلغ إلى خالد ف. الذي أعلمه عمه عن اسمه لتسليمه إياه وقال له حينها أنه راعي غنم. وسئل عن اعترافه الأولي بأنه كان يعلم أن الأموال ذاهبة إلى «داعش» فنفى ذلك. وعما ذكره سابقاً لجهة لقائه بخالد في محلة الرحاب حيث كان الأخير يرتدي لباساً عربياً وبعد تأكده من هويته سلمه 75 ألف دولار، قال: «أنا سلّمته على مرحلتين مبلغ 10 آلاف و13 ألفاً وقال لي إنها ثمن 100 رأس غنم». أما بخصوص مبلغ 26 ألف دولار و75 ألفاً الذي قال إن مصدرها علي الراوي وكانت محمولة من سوريا إلى تركيا فلبنان إلى عرسال وأيقن حينها أنها لـ«داعش»، أكد محمد بأنه سأل خالد عن وجهة المال فقال له إنها ثمن أغنام.

وحكمت المحكمة على المتهمين جميعاً بالسجن مدة سنة مع تغريم خالد ومحمد مبلغ خمسة ملايين ليرة، ونشمي وصالح ثلاثة ملايين ومنح الأخيرين وقف تنفيذ باقي العقوبة. وقضى الحكم غيابياً بسجن وليد ص. 15 عاماً أشغالاً شاقة وتغريمه 50 مليون ليرة.

وقررت المحكمة مصادرة المبلغ المضبوط لصالح خزينة الجيش.