Site icon IMLebanon

بين كسروان وجبيل: ضياع شامل!

كتب طوني عيسى في صحيفة “الجمهورية”:

هناك «كباش» بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» في جبيل، وبينهما رئيس مجلس النواب نبيه بري. وهذا «الكباش» له انعكاسات وتردّدات في بعلبك – الهرمل، وتُسمَع أصداؤه في جزين ومرجعيون – حاصبيا ودوائر أخرى. و«التيار» مُحتار: هل يتعامل مع خيار «حزب الله» في جبيل؟

بالنسبة إلى «التيار»، معركة كسروان هي معركة «عاصمة الموارنة»، ومعركة العميد شامل روكز، صهر الرئيس العماد وخليفته في المقعد الكسرواني. وهي من أكثر المعارك تعبيراً عن المزاج المسيحي. لذلك، هو يتأنّى في تحديد خياراته هناك، مع عِلمِه المسبق بأنه بالتأكيد سيخسر جزءاً مهمّاً من المقاعد الـ8 في كسروان- جبيل، أيّاً كان السيناريو.

المتابعون لِما يجري على الأرض هناك يقولون: بصراحة. إنه الضياع الشامل لدى الجميع. فكل من القوى المعنية بات أسير نهج سياسي أو مواقف «تكتيكية»، ولم يعد قادراً على التراجع عنها أمام قواعده. ويبدو أنّ هذه الالتزامات ستكون مكلفة لأصحابها إنتخابياً.

أولاً، على مستوى «التيار»- «حزب الله»: يحاذر «التيار» ضمّ المرشح الشيعي الذي بادر «الحزب» إلى تسميته باكراً، في الدائرة ذات الغالبية المارونية الساحقة. وهو مسؤول حزبي، ومن خارج القضاء. وقد تعمَّد اختياره بالتنسيق مع حركة «أمل» لا مع «التيار».

ويصرّ «حزب الله» على أنّ له الحقّ في تسمية المرشح الذي يريده في جبيل. ويدافع عن اختياره الشيخ حسين زعيتر بالقول إنه ابن أفقا أساساً، وانه على تماس مع جبيل وأهلها، وهم يعرفونه، بصفته مسؤولها الحزبي. وليتمسّك «التيار»، في المقابل، بتسمية مرشحه في بعلبك – الهرمل باتريك الفخري.

وأمّا في ما يتعلق بتنسيقه مع حركة «أمل» في جبيل، فيقول «الحزب» إنّ تحالفه مع الحركة يشمل الدوائر الـ15، وليست كسروان- جبيل مقصودة به تحديداً. وهناك دوائر يتوافق فيها «الحزب» والحركة و«التيار»، ومنها بعبدا.

لكنّ هذا التبرير لا ينفي أنّ الوزير جبران باسيل يشعر بالاستفزاز في هذا الأمر، ولا يرغب في تسمية مرشح لا يكون لـ«التيار» رأي فيه، لأنّ الدائرة محسوبة ضمن الدوائر ذات الغالبية المسيحية الساحقة.

ويدرس كل من «الحزب» و«التيار» أضرار الانفصال في جبيل وفوائد التحالف، والبحث جارٍ. لكن، «الثنائي الشيعي» يتحرّك على خط جبيلي آخر، مع الوزير السابق جان لوي قرداحي، حيث هناك مسعى إلى تأليف لائحة تضم زعيتر وتشارك فيها قوى مسيحية غير حزبية.

ثانياً، على مستوى قوى 14 آذار المسيحية: حتى اليوم، لا يبدو أنّ هناك اتجاهاً للتحالف بين حزب الكتائب و«القوات اللبنانية» في كسروان – جبيل، كما هي الحال في بيروت الأولى وزحلة. فيما القوى والشخصيات التي تستعد لخوض المعركة في الدائرة تدرس الأمور بدقة، ومعظمها لم يحسم خياراته.

الناخبون في دائرة كسروان- جبيل يقربون من 175 ألفاً (نحو 93 ألفاً في كسروان ونحو 81 ألفاً في جبيل). وتوزيعهم الطائفي هو: نحو 154 ألف مسيحي، 18,75 ألف شيعي، و2340 سُنّي. وهم سينتخبون 8 نواب: 5 موارنة في كسروان ومارونيين وشيعي في جبيل.

وكانت نسبة الإقتراع في انتخابات 2009 نحو 67.2%. وإذا بقيت النسبة إيّاها، فقد يقترع في 6 أيار نحو 117.6 ألفاً، فيكون الحاصل الإنتخابي أقل من 15 ألفاً.

في ظل هذه الأرقام والاحتمالات والمعطيات السياسية، توحي الأجواء باحتمال بلورة 5 لوائح:

1- لائحة «التيار الوطني الحر»، ويترأسها روكز. ويتردّد أن ترشيح النائب السابق منصور غانم البون على اللائحة ما زال موضع مفاوضة.

2- لائحة تضمّ حزب الكتائب والنائب السابق الدكتور فارس سعيد، وقد يشارك فيها النائب السابق فريد هيكل الخازن. ويتردّد أن «الكتائب» لا يدعم فكرة إشراك النائبين يوسف خليل وجيلبرت زوين في اللائحة.

3- لائحة «القوات»، نواتها شوقي دكاش (كسروان) وزياد حواط (جبيل). ويتردّد أن «القوات» قد تستكمل لائحتها الخاصة إذا لم تثمر مفاوضاتها مع قوى أخرى. وتردد ايضاً أنها قد تتعاون مع النائب السابق محمود عواد عن المقعد الشيعي.

4- لائحة يترأسها قرداحي وتضمّه والشيخ حسين زعيتر وشخصيات مسيحية غير حزبية، إذا رَست المفاوضات على تكريس الانفصال بين «التيار» و«حزب الله» في هذه الدائرة.

5- لائحة الوزير السابق يوسف سلامة، ويطغى عليها طابع المجتمع المدني. إذا رَست المعادلة على هذا النحو، أي على اللوائح الخمس، يمكن تسجيل الملاحظات الآتية، التي يتقاطع عليها معظم الخبراء في الشأن الانتخابي في الدائرة:

يُستنتج من ذلك أنّ المعركة في دائرة كسروان – جبيل ستكون معركة الأخذ من الحصّة العونية الحالية: مَن سيبقى من نواب «التيار» الـ8؟ وكيف سيتوزّع «الميراث» على الآخرين؟

فالواضح أنّ كل اللوائح الأربعة الأخرى تتمتع بنقاط قوة، وثلاث منها على الأقل قادرة على تكوين حاصل إنتخابي أو أكثر، لأنها تمتلك القدرة على التجييش والتجيير.

وسيكون العنصر الأبرز في حسم اتجاهات المعركة بين «التيار» و«الثنائي الشيعي»- إذا رَست الأمور على معركة بينهما- هو مدى قدرة حركة «أمل» و«حزب الله» على توحيد الصوت الشيعي حول مرشحهما من جهة، وعلى مدى التغطية المسيحية للائحة التي سيخوضان المعركة من خلالها. ولكن، حتى الآن، الضياع شامل وكل الخيارات مفتوحة.