كشفت مصادر من داخل حزب القوات اللبنانية أن المفاوضات الجارية مع تيار المستقبل بشأن التحالف في عدد من الدوائر الانتخابية لم تصل إلى أي نتيجة، وأنه يمكن القول إن الطرفين على أبواب “طلاق انتخابي”.
وذكرت هذه المصادر الخميس، أنه حتى الاتفاق المبدئي بشأن التحالف في دائرة بعلبك-الهرمل بات مهددا بالانهيار، متهمة المستقبل بالعمل على تقويضه إما عن طريق الإصرار على إشراك التيار الوطني الحر في اللائحة وإما عن طريق تمييع الإعلان عن اللائحة من أجل التراجع عن الاتفاق.
ووفق ما نشره موقع القوات اللبنانية، فإن المستقبل يريد أن يستبدل مقاعد لـ”القوات” بمقاعد لـ”التيار الوطني الحر”، و”هي ذريعة واضحة للتراجع عن التفاهمات المتفق عليها أصلا، وفي مطلق الأحوال الرسالة وصلت”.
لم تحقق الاجتماعات الماراثونية بين تيار المستقبل وحزب القوات أي نتيجة بخصوص تشكيل لوائح مشتركة لخوض الانتخابات النيابية، فيما يؤكد متابعون أن ذلك يعود إلى تعقيدات القانون الانتخابي الجديد، فضلا عن أن حالة الفتور السائدة بينهما منذ فترة ساهمت بشكل واضح في وصولهما إلى حائط مسدود
وفي ظل هذا الوضع يبدو أن التحالف الوحيد المعلن بين الجانبين هو في الشوف -العاليه ويضم أيضا الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يترأسه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وحتى بخصوصه فقد اعتبرت أوساط من داخل القوات أن الاتفاق في واقع الأمر هو مع التقدمي الاشتراكي، وليس مع المستقبل، مشيرة إلى أن التفاهم بين التيار الأزرق وحزب جنبلاط ما يزال محل نقاش على مستوى هذه الدائرة في ظل الخلاف حول ترشيح النائب محمد الحجار أو بلال عبدالله.
وشهدت الأيام الماضية محادثات ماراثونية بين القوات والمستقبل بشأن تشكيل لوائح مشتركة في عدد من الدوائر منها جزين والبقاع الغربي وزحلة، بيد أن الصراع القديم بينهما عاد ليرخي بظلاله، في ظل إصرار من القوات على منحها المقاعد التي ترى أنها تستحقها في الدوائر المشتركة، في المقابل يصر المستقبل على تقديم أسماء لمرشحين عنه من البيئة المسيحية تحت شعار أنه تيار عابر للطوائف.
وكان هذا الخلاف قائما في الانتخابات النيابية في عام 2009، لكن لم يكن له تأثير قوي لدرجة نسف جميع التفاهمات مثلما حصل اليوم. ويعزى البعض ذلك إلى القانون الانتخابي الجديد القائم على النسبية زائد الصوت التفضيلي، والذي يجعل التحالفات الانتخابية لا تتسم بالمرونة على خلاف القانون السابق 1960.
ويقول محللون إن الحسابات الانتخابية وفق القانون الجديد تدفع القوى السياسية إلى تبني خيارات معقدة وصعبة، ولكن ذلك لا يعني أنها السبب الوحيد في ما يحدث على خط معراب (معقل القوات) – بيت الوسط (معقل المستقبل)، حيث أنه لا يخفى على أحد أن العلاقة بين الجانبين ليست على ما يرام في السنوات الأخيرة جراء اختلاف وجهات النظر في أكثر من ملف، ومنها حينما أعلنت القوات تأييدها لرئيس التيار الوطني الحر ميشال عون لمنصب رئاسة الجمهورية، في مقابل تبني رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ترشيح رئيس حزب المردة سليمان فرنجية.
وتعمق الفتور في العلاقة بين القوات والمستقبل أكثر مع التسوية الرئاسية الأولى التي أفضت إلى انتخاب عون رئيسا للجمهورية والحريري رئيسا للوزراء، حيث سجلت حالة تناغم واضحة بين الجانبين، الأمر الذي ألقى بظلاله على العلاقة بين القوات والمستقبل.
وشكلت أزمة استقالة الحريري من رئاسة الوزراء في نوفمبر الماضي النقطة التي أفاضت الكأس، وترجم ذلك في الإيحاءات التخوينية التي أطلقها المحيطون برئيس الوزراء، تجاه القوات وزعيمه الدكتور سمير جعجع الذي ظل حريصا على تجنب الدخول في سجالات بانتظار لقاء لم يتم مع رئيس المستقبل.
وعلّق أنصار تحالف 14 آذار آمالا بأن تؤدي الزيارة التي قام بها الموفد من الديوان الملكي السعودي نزار العلولا إلى لبنان الشهر الماضي ولقائه المطول بجعجع، ثم زيارة الحريري إلى الرياض، إلى عودة العلاقات بين الجانبين إلى طبيعتها، بيد أن الأمور بينهما يبدو أنها أكثر تعقيدا وتحتاج لـ”منجم مغربي”، على حد وصف الحريري في إحدى لقاءاته الأخيرة مع الصحافيين.