كتب بسام أبو زيد:
تخوض “القوات اللبنانية” الانتخابات النيابية تحت عنوان سياسي واضح وهو دولة خالية من أي سلاح غير شرعي ومن سلاح “حزب الله” تحديدا.
هذا الشعار أصبح اليوم الالتفاف حوله من قبل من كان حليفا ل”القوات” أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا، وربما غدت “القوات” تغرد خارج سرب بعض حلفائها، رغم أن البعض يقولون إن خيارات سياسية ل”القوات” ساهمت أيضا في جعل قضية نزع سلاح “حزب الله” شعارا ليس أكثر، وفي مقدمة هذه الخيارات تبني وانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وهو حليف ثابت للحزب.
تيار المستقبل ما زال يردد هذا الشعار، وبالفعل هي عملية ترداد ليس أكثر بهدف القول لجمهوره إنه ما زال ملتزما بالعناوين السياسية التي كان قد تبناها، إلا أن الممارسة الفعلية تؤشر الى أن المستقبل لا يريد أي صدام أو نزاع مع الحزب، وحتى الحرب الكلامية بين الجانبين أصبحت محدودة تقتصر على تكرار المستقبل أنه يرفض التحالف انتخابيا مع “حزب الله”، وهو أمر رد عليه الحزب بالقول: “ومن قال إننا نريد التحالف معكم”، وانتهت الأمور عند هذا الحد.
وفي هذا المجال تدرك “القوات اللبنانية” أن تيار المستقبل أصبح خارج معادلة مواجهة “حزب الله” رغم كل الكلام والمواقف وكل ما جرى في المملكة العربية السعودية، إلا أنها لا تدرك ربما أن تعاطي المستقبل بهذه الطريقة الناعمة مع هذه القضية ربما حتمته أن هذا التيار يريد في المقام الأول أن يحافظ على وجوده داخل الطائفة السنية بانتظار اللحظة المناسبة إقليميا ودوليا للإنقضاض على “حزب الله”، وربما هذا ما أقنع المسؤولين السعوديين بتبديل خطط المواجهة مع الرئيس سعد الحريري و”حزب الله” .
وإذا كان هذا التوجه صحيحا فإن الأضرار التي خلفها في العلاقة بين “القوات اللبنانية” وتيار المستقبل كبيرة، وتضاف الى الأضرار الجسيمة التي خلفتها الانتخابات الرئاسية وما تبعها من انحياز وتعاون رئاسي من قبل “التيار الوطني الحر” مع الرئيس الحريري وتيار المستقبل في العديد من القضايا الهامة والحساسة في السياسة وغيرها، وأهمها مسألة الكهرباء واستعادة رئيس الحكومة من المملكة.
كل هذا لم يترك للصلح مكانا بين “القوات” و”المستقبل” رغم كل الكلام والاجتماعات، حتى أن التنافس الانتخابي بين الجانبين حيث هو حاصل هو أشد ضراوة من التنافس مع “حزب الله”. وليس أدل على ذلك هو عدم اتفاق الطرفين على مواجهة “حزب الله” في دائرة بعلبك الهرمل حيث يمكن الخرق بثلاثة نواب من أصل عشرة، وقد جعل هذا الخلاف “حزب الله” مطمئنا الى مسار انتخاباته هناك، بعدما كان يخشى تعاونا سنيا شيعيا مسيحيا يعطي انطباعا وكأن هذه المنطقة التي هي خزان المقاومة بدأت بالتراجع عن هذا العهد.
بين” القوات اللبنانية” وتيار المستقبل لم تعد القضية قضية خيارات ظرفية وتكتيكية، بل أصبحت مشكلة خيارات استراتيجية تراجعت فيها السياسة لحساب المصالح.