كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: تقاسَم المشهد السياسي في بيروت أمس ملفا الانتخابات النيابية، التي بدأ العدّ التنازلي لموعدها المقرَّر في 6 ايار المقبل، وخلاصات مؤتمر روما -2 لدعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية الذي أرسى ما يشبه «دفتر التزامات» من المجتمع الدولي بحماية استقرار لبنان على مشارف فصول دراماتيكية في أزمات المنطقة وصراعاتها المتشابكة في موازاة تحديد «المطلوب» من «بلاد الأرز» لملاقاة تثبيت المظلة الدولية لواقعها الذي يحتضن عناصر «جاذبة للصواعق» الخارجية وأبرزها «حزب الله» وسلاحه بشقّيْه الداخلي و«العابر للحدود».
ويسود تَرقُّبٌ على «الجبهة الانتخابية» لانقضاء مهلة 26 الجاري، التي تنتهي معها فترة تسجيل اللوائح التي لا يمكن خوض استحقاق 6 مايو إلا عبرها، بما سيظهّر «الخيْط الأبيض» من الأسود في التحالفات على أكثر من مسار وأبرزها اثنان:
* الأول بين «تيار المستقبل» (بقيادة رئيس الحكومة سعد الحريري) وحزب «القوات اللبنانية» اللذين اقتربا من «ساعة الحقيقة» وسط أجواء «نعتْ» إمكان تحالفهما خارج دائرة الشوف – عاليه (جمعهما فيها اضطرارياً النائب وليد جنبلاط) بفعل خلافاتٍ، بعضها يتّصل برغبة «المستقبل» في إدخال «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) في لوائح، وبعضها الآخر بتباينات حول الحصص و«مبادلاتِ» مقاعدَ بأخرى في هذه الدائرة او تلك.
على ان بعض الأوساط تترْك «خيْطاً رفيعاً» لإمكان ان يحمل «ربع الساعة الأخير» مفاجآت قد تعيد الاعتبار لتحالف «المستقبل» – «القوات» الذي شملتْ المشاورات في شأنه دوائر عدة مثل بيروت الأولى والبقاع الغربي وعكار وصيدا – جزين وبعلبك – الهرمل ومرجعيون – حاصبيا، وسط اعتبار دوائر سياسية ان إعلان لائحة زحلة التحالفية بين «القوات» وحزب الكتائب شكّل رسالة بأن «حبل التفاوض» اقترب من نهايته.
* والثاني تُطرح علامات استفهام حول إذا يمكن ان يترك تأثيراتٍ على المسار الأول، ويتمثّل بمآل الاتصالات بين أركان تحالف 8 آذار الذي يقوده «حزب الله» وبين «التيار الحر» حيال دوائر عدة ما زالت عالقة مثل بيروت الثانية والبقاع الغربي والشوف – عاليه وصولاً الى عكار (بعدما حُسم التحالف في بعبدا)، وسط محاولات حثيثة من «حزب الله» لإزالة العراقيل التي تمنع حسم اللوائح، علماً ان «التيار الحر» أعلن امس أسماء مرشحيه الحزبيين (على ان يتمّ في 24 الجاري كشف اللوائح في احتفال يقيمه للمناسبة) بما عَكَس افتراقاً لافتاً مع «تيار المستقبل» في دائرة صيدا – جزين.
وفيما كان بارزاً ان رئيس البرلمان، زعيم حركة «امل» نبيه بري، شريك «حزب الله» في الثنائية الشيعية والذي يسود علاقته بالتيار الحرّ «توتر عال»، انتقل امس الى المصيلح (الجنوب) لبدء إدارة المعركة الانتخابية على الأرض، فإن الأبرز كان دخول الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله على خط استنهاض جمهوره لحماية «الخاصرة الرخوة» الانتخابية الأبرز التي تشكّلها دائرة بعلبك – الهرمل (معقل الحزب في البقاع) والتي تشهد حالة اعتراضية من بيئة الحزب ضدّ ترشيحاتٍ وبوجه ما يعتبرونه «تقصيراً» من النواب في تلبية احتياجاتها، في موازاة «حشد» خصوم الحزب لمحاولة تسديد ضربة «موجعة» له فيها «تقاس» نتائجُها سياسياً.
وقد أطلّ نصر الله عبر الشاشة خلال لقاء داخلي تحدّث فيه مع محازبي بعلبك – الهرمل وحضّ على «المشاركة بكثافة في الاستحقاق الانتخابي»، وقال: «في حال رأينا أن هناك وهناً في الإقبال على الإنتخابات في بعلبك – الهرمل فسأذهب بنفسي شخصياً لأتجوّل في قراها ومدنها وأحيائها للسعي إلى إنجاح هذه اللائحة مهما كانت الأثمان ولو تعرضتُ للخطر»، مؤكداً «لن أسمح ولن نسمح بأن يمثل حلفاء النصرة وداعش أهالي بعلبك -الهرمل». وقال: «السؤال الصحيح ليس ماذا قدّم»حزب الله«للمنطقة، السؤال الصحيح ماذا قدم هؤلاء المرشحون في اللوائح الاخرى من الذين يقتاتون على مائدة السفارات للمنطقة؟».
في موازاة ذلك، حضرت أصداء مؤتمر روما -2 بقوة في بيروت بعدما أفضتْ التظاهرة الدولية التي شاركت فيها 40 دولة الى إعلان فوري من فرنسا عن فتْح خط ائتمان للبنان بقيمة 400 مليون أورو في موازاة إعلان الاتحاد الاوروبي عن حزمة بقيمة 50 مليون يورو لدعم قطاع الأمن اللبناني.
وفي حين يُرتَقب ان يُترجم تباعاً «إعلان النيات» العالمي بدعم لبنان ومؤسساته الأمنية والعسكرية تباعاً في الفترة المقبلة اي كل دولة على حدة، فإن البيان الختامي للمؤتمر كما مداولاته التي ركّزت على ان استقرار لبنان «خط أحمر»، عكستْ ما يشبه «دفتر الشروط» على بيروت لحماية البلاد من العواصف المحيطة وأيضاً لاجتذاب المزيد من الدعم للمؤسسات العسكرية كما للاقتصاد (وهو ما يُرتقب ان يتبلور أكثر في مؤتمري باريس وبروكسيل الشهر المقبل)، خصوصاً لجهة الحاجة الى تطبيق عملي لشعار «النأي بالنفس» عن أزمات المنطقة ومباشرة بحث موضوع سلاح «حزب الله»، وهو ما تنبّه اليه لبنان الرسمي بالتزامه بلسان رئيسيْ الجمهورية ثم الحكومة معاودة مناقشة «الاستراتيجية الوطنية للدفاع» بعد الانتخابات النيابية في موازاة دعوة الحريري المجتمع الدولي الى «إعطائنا الفرصة والوقت لضمان تنفيذ النأي بالنفس».