كتب د.عبدالله راشد السنيدى في “السياسة الكويتية”:
لا يوجد أدنى شك، في نظر الكثير أن السبب الذي أدى إلى قيام الحرب بين إسرائيل و“حزب الله” سنة 2006، هو قيام الحزب باعتـقال جنديين إسرائيليين والذي أدى إلى الحرب المستعرة التي شنّتها إسرائيل على لبنان جميعه، والتي أظهرت أنّ المتضرِّر الوحيد منها هو شعب لبنان واقتصاد لبنان، وقد ظهر الأمين العام لـ“حزب الله” حسن نصر الله في يوم وقف حرب حزبه مع إسرائيل، بما لم يرح الكثير من اللبنانيين، وهو انتقاده لمن ينادي بنزع سلاح “حزب الله”، بحجة أنّ مهمة هذا السلاح هي الدفاع عن لبنان، في وقت يفتقد فيه لبنان للحكومة القوية والجيش القوي حسب قوله، مع أنّ العكس قد يكون هو الصحيح، فالدولة التي تخلو من الميليشيات هي الدولة ذات الحكومة والجيش القويين، لأنّ القوة العسكرية فيها تكون مركزية.
ثم إنّ من ينادي بنزع سلاح “حزب الله” هم أكثرية اللبنانيين، وهو ما يعني الرجوع إلى رأي الأكثرية كما هو متبع في العرف الديمقراطي، إضافة إلى أن انتشار الجيش اللبناني وقوة الطوارئ الدولية في جنوب لبنان أصبح بديلاً لدور “حزب الله” العسكري، والذي يفترض معه اقتصار دور الحزب على الدور السياسي فقط، فقد كان في لبنان ميليشيات متعدِّدة أيام الحرب الأهلية التي بدأت سنة 1975 وتم نزع سلاحها بعد انتهاء تلك الحرب سنة 1989، و“حزب الله” ظهر على الساحة بعد احتلال إسرائيل لجنوب لبنان بدعم إيراني، وكان من المفترض بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في شهر أيار سنة 2000 أن ينتهي دوره العسكري، إلاّ أنّه قرر الاستمرار في هذا الدور بحجة أنّ مزارع شبعا المحتلة سنة 1967 أرض لبنانية، مع أنّ رأي سورية حولها لا يزال متأرجحاً حيث كانت تعتبرها في فترة مضت جزءاً منها ، ثم أضاف الحزب لذلك سبباً آخر وهو تحرير الأسرى لدى إسرائيل (مع أنّه يوجد في سورية مئات الأسرى اللبنانيين) ولم يطالب “حزب الله” بالإفراج عنهم ولأنّ هذين السبيين لم يعد لهما بعد حرب 2006 وجود، إذ إنّ لبننة مزارع شبعا محل الاهتمام الدولي، كما أنّ انتشار الجيش اللبناني وقوة الطوارئ الدولية في جنوب لبنان سوف يحول دون وصول قوات “حزب الله” إلى الحدود مع إسرائيل والقيام بأسر بعض الجنود الإسرائيليين لمقايضتهم بالأسرى اللبنانيين.
إذاً فإنّه مادام الأمر كذلك فإنّ “حزب الله”، مطالب من أجل لبنان ووحدة لبنان واستقرار لبنان، بأن يقوم بتسليم سلاحه للحكومة اللبنانية فهل يفعل؟
المؤمل أن يقوم بذلك، إلا ان قيام “حزب الله” بالوقوف ضد ثورة الشعب السوري منذ انطلاقها في شهر آذار سنة 2011 لنيل الحرية والكرامة، ومساندته للنظام السوري عسكرياً قد يبدد هذا الأمل مما يستوجب من الشعب اللبناني وحكومته الانتظار إلى حين اتضاح الرؤيا في سورية إذ أنه في حالة انتصار ثورة شعبها أو توصل المجتمع الدولي لحل سياسي يرضي الأطراف كافة في سورية ستتغير كثير من المعادلات السياسية ومنها وضع “حزب الله”، فإستمرار عسكرة هذا الحزب أمر يتنافى مع مبدأئي سيادة واستقلال لبنان.