بعد نحو 48 ساعة على فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية رئاسية رابعة، حصل الاتصال المنتظر بينه وبين الرئيس الاميركي دونالد ترامب. والمكالمة المخصّصة “شكلا” للتهنئة، تكتسب أهميّة كبرى بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”، ذلك أنها تأتي في ظل توتر غير مسبوق يشوب العلاقات الاميركية – الروسية، حيث تبادلُ الاتهامات والتوجهاتُ المتناقضة، سيّدا الاجواء بينهما منذ أشهر.
ووفق المصادر، الاتصال يفترض ان يؤسس للجم التدهور الحاصل بين موسكو وواشنطن، والذي ينعكس سلبا على كل القضايا والملفات الدولية والاقليمية، خصوصا اذا ما استُكمل بلقاء – قمة بين الزعيمين.
فالكرملين كشف اليوم عن اتفاق حصل بين بوتين وترامب، على تكليف كبار الدبلوماسيين في البلدين لترتيب لقاء مباشر بينهما، مشيرا الى ان “لم يتم تحديد موعد اللقاء لكن الإعداد له يجب أن يبدأ في أسرع وقت ممكن”، بحسب ما نقلت شبكة “سكاي نيوز” الإخبارية.
على اي حال، كان الكرملين أعلن أمس ان الرئيس الاميركي هنأ بوتين على اعادة انتخابه لولاية رابعة، وأنهما عرضا “احتمال عقد لقاء على أعلى مستوى”، كاشفا في بيان ان الرجلين شددا خلال مكالمتهما على “أهمية تنسيق الجهود من اجل الحد من سباق التسلح وتعزيز التعاون الاقتصادي”.
واذ أشار الى انهما “بحثا ايضا الازمة الاوكرانية والنزاع في سوريا والوضع المتعلق ببرنامج بيونغ يانغ النووي”، أوضح ان “الرئيسين عبرا عن ارتياحهما لتراجع التوتر في شبه الجزيرة الكورية، وشددا على مواصلة الجهود لحل هذا الوضع عبر وسائل سلمية ودبلوماسية”. من جهته، أشار ترامب الى اننا “اتفقنا على إمكانية عقد لقاء بيننا “في مستقبل ليس ببعيد” للتباحث في سبيل الحد من التسلح وأوكرانيا وسوريا”، واصفا المحادثة بالجيدة للغاية.
المصادر تقول ان “بعد انتهاء الرئاسيات الروسية وما رافقها من تصلّب روسي ازاء كثير من الملفات وأبرزها سوريا، والذي كان جزءا من “عدّة عمل” بوتين لخوض الانتخابات، لا بد من مقاربات جديدة للكرملين، أكثر ليونة، لكل القضايا الاقليمية والدولية.
ومن المفترض ان تقوم هذه “المقاربة” على انعطافة روسية نحو خيار مفاوضات جنيف مجددا، الذي أثبت أنه وحده صالح كإطار للحل في سوريا، على ان تترافق هذه الخطوة، مع جهود يبذلها بوتين مع شركائه في أستانة، ولا سيما طهران، لاقناعها بضرورة وقف التصعيد على الارض افساحا في المجال امام جلوس الجميع على الطاولة، وإطلاق مسار الحل السياسي. فوقف اطلاق النار في الاراضي السورية كلّها، يشكل حجر زاوية أي تسوية سياسية منتظرة للنزاع السوري.
وبحسب المصادر، سيكون هذا المسار “التهدوي” في سوريا مدار بحث بين الاميركيين والروس في قابل الايام، وقد يأتي لقاء الرئيسين ترامب وبوتين لتتويجه، على غرار “اتفاق هامبورغ” الذي أبصر النور الصيف الماضي في اول لقاء جمع الجبارين الدوليَين. فيفرض التزاما تاما بـ”هدنة” في سوريا، ويعيد الاعتبار الى مناطق “خفض التوتر” (ولا سيما في الجنوب السوري)، على ان يلي هذه الاجراءات، دفعٌ في اتجاه اعادة الاطراف السوريين المتنازعين كلّهم الى جنيف، للتداول في مراحل الحل السياسي المرتقب.