عقب نهاية الحرب العالمية الثانية ظهر للعالم مصطلح aktion t4 والذي اعتمد للإشارة إلى برنامج الموت الرحيم الذي مارسته ألمانيا النازية بهدف التخلص من المصابين بإعاقات ذهنية خلال الفترة ما بين سنة 1939 وسنة 1945، في سعي منها لخلق ما يعرف بالعرق الآري النقي المؤهل لحكم العالم.
منذ بداية صعوده نحو السلطة خلال أواخر عشرينيات القرن الماضي لم يخف الحزب النازي على لسان قائده أدولف هتلر رغبته في وضع حد نهائي لمسألة المعاقين ذهنيا في ألمانيا بهدف تكريس وجود العرق الآري ومع حصول الفوهرر (أدولف هتلر) على مقاليد السلطة في ألمانيا باشرت آلة الدعاية النازية حملة كبرى للترويج للفكر المضاد للمعاقين ذهنيا، حيث لطالما تحدث النظام النازي من خلال وسائل الإعلام عن أشخاص لا يفعلون شيئا سوى الأكل والنوم واستهلاك الأدوية للحديث عن المصابين بإعاقات ذهنية. وذهب النازيون أبعد من ذلك بكثير عندما تحدثوا عن الأموال الطائلة التي تهدرها الدولة سنويا في سبيل توفير الدواء والاعتناء بالمعاقين عقليا.
قائد فرق الأس أس هنريش هملر منذ سنة 1934 اجتمع القائد النازي أدولف هتلر بالكثير من المسؤولين الألمان بهدف وضع خطة للقضاء على المصابين بإعاقات ذهنية على أراضي ألمانيا ومن ضمن هؤلاء المسؤولين الذين أيدوا مخطط هتلر تذكر العديد من المصادر أسماء كل من هنريش هملر قائد قوات الأس أس والمسؤول في الحزب النازي مارتن بورمان والطبيبين كارل براندت وهانز لامرز.
ما بين شهري أيلول وتشرين الأول سنة 1939 أعطى القائد النازي أدولف هتلر الضوء الأخضر لبدء تنفيذ مشروع aktion t4 في سعي منه للتخلص من المعاقين ذهنيا وقد وصف هتلر حينها هؤلاء المرضى بالأرواح التي لا قيمة لها.
منذ بداية سنة 1940 باشر المسؤولون والأطباء المختصون في ألمانيا بشكل رسمي مهمة إبادة المعاقين ذهنيا وقد شمل برنامج الموت هذا المرضى المصابين بالسكتزوفرينيا والصرع والخرف والتهاب الدماغ وداء هنتنغتون، إضافة إلى العديد من الأمراض الأخرى.
كما امتد برنامج الإبادة هذا ليشمل المرضى المقيمين في المستشفيات منذ أكثر من خمس سنوات. واعتمد برنامج الإبادة aktion t4 على طرق عديدة للقتل ولعل أبرزها غرف الغاز حيث يجمّع المصابون بإعاقات ذهنية داخل غرف كبيرة قبل أن يتم رشهم بغازات قاتلة مثل أحادي أكسيد الكربون وأحيانا كان يتم قتلهم عن طريق تجويعهم وقد استخدمت أيضا طرق أخرى مبتكرة لقتل الأطفال والمواليد الجدد المعاقين حيث كان يتم التخلص منهم عن طريق إعطائهم جرعات قاتلة من المورفين.
وخلال فترة وجيزة تسبب برنامج aktion t4 في مقتل ما لا يقل عن سبعين ألفا من المصابين بإعاقات ذهنية وجاء ذلك قبل أن يتم تعليق العمل بهذا البرنامج بعد احتجاج أهالي الضحايا.
على الرغم من إعلان النظام النازي وقف العمل بنظام aktion t4، تواصلت عمليات إبادة المصابين بإعاقات ذهنية إلى حدود أواخر الحرب العالمية الثانية وعلى حسب إحصائيات حديثة تسبب النازيون ما بين سنة 1939 وسنة 1945 في مقتل ما لا يقل عن مائتي ألف من المعاقين ذهنيا في كل من ألمانيا والنمسا وبعض مناطق أوروبا الشرقية.
عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، مثل الطبيب الألماني كارل براندت والذي كان مسؤولا رئيسيا ضمن برنامج إبادة المصابين بإعاقات ذهنية أمام القضاء فيما يعرف بمحاكمة الأطباء وعلى إثر ذلك أدين الأخير بممارسة تجارب على البشر وارتكاب جرائم ضد البشرية ليصدر في حقه حكم بالإعدام شنقا جرى تنفيذه يوم الثاني من شهر حزيران سنة 1948.