كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:
دَخَلَ لبنان في الأيام الثلاثة الأخيرة الفاصلة عن اكتمال مسار «التأهّل» إلى سباق الانتخابات النيابية المقبلة والذي مرّ أولاً بمرحلة تقديم الترشيحات الفردية، وينتهي منتصف ليل الاثنين – الثلاثاء، موعد آخِر مهلةٍ لتسجيل اللوائح التي لا يسمح القانون الجديد بخوض استحقاق 6 مايو المقبل من خارجها.
ويشهد «الويك إند» (السبت والأحد في لبنان) محطات بارزة في سياق إعلان لوائح رئيسية، بدءاً من اليوم حيث يقدّم رئيس الحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري لائحته في دائرة بيروت الثانية (11 مقعداً) الى جمهوره، مروراً بمواعيد أخرى السبت والأحد لا تقلّ رمزيّة، على أن يُسدل الستار رسمياً على هذا الفصل الاثنين لتُقرع بعدها «طبول»… «الى المَعارك دُر».
وإذا كانت مرحلة استيلاد اللوائح انطبعتْ بشعار «المصلحة الانتخابية أولاً»، ما استدرج تحالفات خالفتْ أكثر من معيار سياسي بهدف تعزيز حظوظ الفوز «مهما كان الثمن» أو ضمان «محاصرة» هذا الطرف أو ذاك بـ «خطْف» مرشّحين من أصحاب «الثقل الانتخابي»، فإن ما بعد الاثنين سيكون مفتوحاً على «منازلاتٍ شرسة» لشقّ «ممراتٍ آمنة» في الطريق الى 6 مايو.
وفي هذا السياق، ستكون البلاد أمام عملية «شحْذ سكاكين» سياسية – انتخابية في السباق المزدوج بين اللوائح على تأمين «الحاصل الانتخابي» (عدد المقترعين في الدائرة مقسوماً على عدد المقاعد) الذي يؤهّل كلاً منها للتمثّل بمقعد وما فوق، وبين أركان كل لائحة كما بين مرشحي الحزب الواحد على الصوت التفضيلي الذي بات بمثابة «الصوت الذهبي» الذي يحكم مسار فرز النتائج.
وفيما يُعتبر «الحاصل» و«الصوت الملك» خلفيةً رئيسية في التقارير المتزايدة عن مخالفات للقواعد الانتخابية، سواء على شكل ضغوط يقال إنها تُمارس أو «إغراءات» مالية أو غيرها، فإن الأيام الـ 44 الفاصلة عن فتْح صناديق الاقتراع يُرجّح أن تُفتح على انفلات النفَس «الشعبوي» في مقاربة أي ملف أو حتى محاولة بتّ قضايا يمكن «استثمارها» انتخابياً.
وإذ تعاطى البعض مع مشروع القانون الذي أعلن رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل تقديمه للحكومة ويجيز للمرأة اللبنانية المتزوّجة من غير لبناني منْح الجنسية اللبنانية لأولادها «باستثناء دول الجوار للبنان منعاً للتوطين»، أي الفلسطيني والسوري، على أنه لا يمكن فصْله عن الحسابات الانتخابية رغم ما أثاره من ردود فعل وتعليقات منتقدة وصلتْ إلى اعتباره «عنصرياً» ومخالِفاً للدستور، فإن أوساطاً سياسية تخشى أن تكون مؤتمرات الدعم الدولية للبنان دخلتْ في «حقل التجاذب» الانتخابي المفتوحِ بدوره على مرحلة ما بعد 6 مايو بتوازناتها الجديدة التي تطلّ على خرائط النفوذ «المتزلْزلة» في المنطقة.
ومن هنا توقّفتْ الأوساط عند البرنامج الانتخابي الذي أعلنه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ليل الأربعاء الماضي والذي قرع فيه «جرس» الارتداد الى الوضع الداخلي بتفاصيله الإدارية والاقتصادية والمالية، بعدما كان العنوان الاستراتيجي يطغى على ما عداه في سلوك الحزب الذي وجد نفسه قبيل الانتخابات أمام موجة اعتراضات من قلب بيئته الحاضنة التي لم يعد ممكناً وضْعها أمام معادلة «دفْع الدم» واستنزاف واقعها المعيشي تحت شعار «لا صوت يعلو صوت المعركة».
كما أن «حزب الله»، في رأي الأوساط نفسها، يراوده قلق من أن تكون مؤتمرات الدعم التي بدأتْ من روما وتُستكمل في باريس في 6 ابريل ثم بروكسيل أواخر الشهر نفسه، في سياق رفْد الرئيس الحريري، بما يمثّله من عنصر توازن داخلي ببُعده الاقليمي، بأوراق قوة يمكن «صرْفها» انتخابياً لتثبيت موقعه الذي أريد من قانون الانتخاب أن يُضْعِفه، كما بإمكان أن تشكّل «منصة» لإكمال مسار الضغوط الدولية على الحزب لاحتواء أدواره الخارجية والحدّ من تأثيرات «وهج» سلاحه على المعادلة الداخلية في لبنان.
وكان لافتاً أنه بعيد إقرار الحكومة ورقة لبنان الى مؤتمر «سيدر 1» في باريس، إحداث نصرالله «ربْط نزاع» مع نتائجه التي يحتاج بعضها للعودة إلى مجلس الوزراء أو إلى المرور في البرلمان، معتبراً أنه «إذا كانت الحكومة ذاهبة لجلب مساعدات للبنان، فهذا ممتاز ولها منا التحية، أما إذا كانت على شكل قروض فيجب أن نناقش الموضوع».
وإذ جزم في سياق الكلام عن الفساد والهدر بأن الحزب «لن يوافق على أي تلزيمات بالتراضي أي بلا مناقصات، ولن يساير في ذلك أي حليف أو خصم»، رفع نصرالله مكافحة الفساد إلى مستوى «الأولوية المطلقة، والحزب سيشكل إطاراً تنظيمياً خاصاً مهمته مواجهة الفساد والهدر».
ولم يتوانَ في الشق السياسي – الانتخابي عن نفي أن يكون وصف المرشحين في اللوائح المقابلة للائحة «حزب الله» في بعلبك – الهرمل بأنهم حلفاء «داعش» و«النصرة»، قائلاً «هناك مرشحون لقوى قدمت الدعم المالي والسياسي للجماعات المسلحة في الجرود»، ومعلناً تأييده لحصول لبنان على مساعدات للجيش، كما تقرر في مؤتمر روما شرط أن لا تكون تحت شروط.
وفي أول موقف له من إعلان الرئيس ميشال عون وبعده الحريري (أمام مؤتمر روما) ان الاستراتيجية الوطنية للدفاع (سلاح حزب الله) ستُبحث بعد الانتخابات، أكد نصرالله أن ليست لديه حساسية من بحث الاستراتيجية الدفاعية و«الحزب مستعدّ للنقاش فيها خصوصاً إذا دعا إلى ذلك فخامة الرئيس وبالطريقة التي يراها مناسبة بعد الانتخابات».