كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:
بوتيرة سريعة يتقدّم عالمُنا، كلّ يوم اختراعات جديدة، معلومات جديدة، دراسات توجّه الأعمال في مختلف المجالات، ومهارات إضافية تُطلب من الموظفين والموظفات ليكونوا على قدر المسؤولية والتطوّر المنشود. فكيف تطوّرين مهاراتكِ لتبقي دائماً منافِسة قوية في سوق العمل، قادرة على إثبات نفسك في مجالكِ، ومحارِبة شرسة جاهزة لامتطاء ركب التطوّر الذي يجرف كلّ ضعيف في دربه.
أنّ تحظي بوظيفة جديدة في عالمنا مهمّة ليست سهلة المنال، كما أنّ جلوسكِ في منصبٍ يرضيكِ ليس جلوساً نهائياً، فأنتِ إن لم تطوّري نفسك، لربّما تمّ إقصاؤكِ أو أتى مَن هو أكثر خبرةً وقوة مهنية منكِ فاستولى على مكانك. أضف إلى أنّ تطويركِ نفسكِ شرطٌ أساس لتتمكّني من صعود السلّم الوظيفي وتبوُّء مناصب أرفع.
التغيير مطلوب
في الماضي كان الموظف الذي يجلس على الكرسي نفسه لسنوات طويلة، يُنجز المهمات نفسها يومياً دون أن يقدّم جديداً، محطّ فخر وتهنئة. لطالما نظرت الشركات الموظِّفة إلى طول المدّة التي سبق وأمضاها موظف أو موظفة في خدمة شركات أخرى، وكانت تنقّلات أيّ أجير بين شركة وأخرى بوتيرة سريعة تجعله غير مرغوب مهنياً.
أما اليوم، فالتطوّر الهائل يحتّم على الموظفين والموظفات تطوير مهاراتهم، والبحث دائماً عن مؤسسات تقدّم لهم آفاقاً للتقدّم. وبدورها، تبحث المؤسسات عن موظفين بخبرات جديدة يضخّون نفساً حيوياً في روتينها اليومي.
في هذا السياق، تثبت دراسة نشرتها مجلة «فوربس» الأميركة أنّ الموظفين الذين يغيّرون وظيفتهم كلّ 3 سنوات يجنون خلال حياتهم المهنية 50 في المئة أكثر من الذين يراوحون مكانهم في الوظيفة نفسها لسنوات طويلة.
ويلفت خبراء أميركيون إلى أنّ القادمين الجدد غالباً ما يكونون أكثرَ عطاءً إذ يسعون إلى إثبات أنفسهم في وظيفتهم الجديدة. كما أنّ تجديد الوظيفة يمدّهم بالطاقة بينما الجلوس على الكرسيِّ نفسه لسنوات حيث يكرّرون المهمات نفسها، يفتح الباب واسعاً للملل الذي يَعصف في مسيرتهم المهنية، فيجعلهم يوماً بعد يوم أكثرَ خمولاً وأقلّ ابتكاراً.
ولكن، كيف تجذبين المؤسسات؟
لتبقي دائماً مرغوبةً مهنيّاً يجب أن تكوني في تطوّر وتعلّم وتأقلم دائم. ويعدّد لك الخبراء وسائل لتتقدّمي إلى الأمام في وظيفتك.
طوّري معارفَكِ
عندما تصلين إلى مرتبة معيّنة في حياتكِ المهنية من المهم أن لا تصبحي خملة ومقتنعة بما أنتِ عليه، وتذكري أنّ «مَن لا يتقدّم يتراجع». «مراوحة مكانكِ فخ يقتلكِ». والمؤسسة غالباً ما لا تقدّم لكِ المتابعة المهنية الأساسية، وقد لا تزوّدكِ بالتدريبات والمعلومات الضررورية لتبقي في الطليعة.
كلّ ذلك، بينما المنافسة في خضمّ المؤسسات كبيرة. فمن مسؤولياتكِ الأساسية استقاء وتعلّم أيّ جديد في مجالكِ لتحافظي على مكانتكِ، ولكي لا يتخطّاكِ الزمن. فكّري بتعلّم تقنيات جديدة وطرق عمل أخرى، واستفيدي من خبرات مدرّبيكِ والمسؤولين في العمل.
إطّلعي على المستجدات في مجالك
اقرأي وراقبي أهم مصادر المعلومات التي تبثّ أيَّ جديد عن مجالك المهني، من مؤتمرات وندوات ومنشورات ومواقع إلكترونية ومجلات متخصّصة… وتابعي أيضاً التقنيات الناشئة في مجالات أخرى إنما تؤثر على مجالك، وربّما تغيّر وجه عملكِ. ولا تقفي مذهولة أمام أيِّ تطور تكنولوجي أو في طريقة العمل، بل ثابري على تعلّمه والتحكّم به لصالحكِ.
أصيبي الهدف
انتبهي، لن ينفعكِ تعلّم ما لا تحتاجينه، فلا تهدري قتكِ، بل كوني أكثرَ تركيزاً وتصويباً، وتأكّدي أنّ المعارف التي تسعين إلى اكتسابها هي فعلاً تلك التي ستحتاجينها في عملكِ خلال السنوات المقبلة.
سوّقي مهاراتكِ
تواجدي على مواقع التواصل بشكل مهني. ينصحكِ الخبراء بتأسيس مدوّنة أو موقع أو صفحة خاصة تنشرين فيها نماذج عن أعمالكِ، أو أن تكون لكِ كتابات في صحف أو مجلات عن مجالكِ المهني. ولا تنسي أنّ مشاركتكِ في حلقات حوار وندوات ومؤتمرات كفاعِلة، خبرة تغنيكِ…
أخرجي من دائرة الراحة
لا تخبري نفسكِ قصصاً تكبح تطوركِ. مثلاً «أنا لا أفهم شيئاً في هذا الموضوع»، أو «أنا لن أتقن يوماً اللغة الانكليزية»… هذه الأفكار تعوقكِ وترميكِ في دائرة الراحة والخمول، مُهملة، وغير قابلة للتطوّر. إنّ التقدّم في المستقبل يحتّم عليكِ القيام بما لا ترغبين بفعله، وبما لا تشعرين بأنكِ مستعدة له.
عندما تدعين الخوف والتردّد يسيطران عليكِ، تحرمين نفسكِ من اكتساب ما قد يفيدكِ في المستقبل. إنّ السيطرة على الخوف والقلق قاعدة أساسية للمضي قدُماً على دروب مستقبل مشرق.