كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:
تفاعلت قضية توقيف الشيخ الشيعي عباس الجوهري، المناهض لـ«حزب الله»، سياسياً وشعبياً، قبل أن يصدر قرار قضائي بالإفراج عنه، خصوصاً أن توقيف الجوهري من قبل جهاز الأمن العام اللبناني جاء عشية إعلانه لائحته الانتخابية في دائرة بعلبك – الهرمل، المنافسة بقوّة للائحة الحزب وحلفائه في دائرة حسّاسة يتخوّف فيها الحزب من اختراق حاضنته الشعبية، وأثار التوقيف الملتبس غضباً عارماً لدى عائلة الجوهري وأوساط العشائر في البقاع اللبناني، غداة التسريبات عن اتهامه بالاتجار بالمخدرات.
وتضاربت المعلومات حول ماهية الشبهة أو التهمة الموجّهة للموقوف، حيث أوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن الملف «بمتناول الهيئة الاتهامية في جبل لبنان»، مشيراً إلى الهيئة قررت إخلاء سبيل الشيخ بعد أن عقدت جلسة استثنائية واستجوبته، من دون أن يعطي إيضاحات عن طبيعة التهمة، والحيثيات التي استند إليها قرار الإفراج عن الجوهري. وأمام الغموض الذي لفّ التوقيف، كشفت مصادر مقرّبة من الشيخ المفرج عنه لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا دليل على أي شبهة حوله كرجل دين، وكمرجعية دينية وسياسية في بعلبك – الهرمل»، وقالت: «كلّ ما تبلغناه أنه خلال مراجعة حافظة أرقام هاتف أحد تجار المخدرات، تبين وجود رقم هاتف الشيخ عباس الجوهري ضمن القائمة، وهذا أمر طبيعي جداً، لأن معظم المطلوبين للعدالة لديهم أرقام نواب ووزراء، وهذا لا يستدعي إصدار مذكرة توقيف، أو استيضاح المدعى عليه أو استجوابه».
وسألت المصادر المقربة من الجوهري: «كيف تصدر مذكرة توقيف غيابية بحق شخص معروف العنوان ومكان الإقامة ويتحرّك بكل حرية، ولم يجر تبليغه أو استدعاؤه إلى أي تحقيق؛ وهذا دليل على فبركة قضية جنائية لتوقيفه، وإبطال ترشحه للانتخابات النيابية».
وترددت معلومات عن تعرّض عائلته لضغوط وابتزاز، ومحاولة الحصول على تعهّد بانسحابه من السباق الانتخابي مقابل الإفراج عنه، إلا أن ياسر الجوهري، نجل الشيخ عباس الجوهري، رفض تأكيد أو نفي هذه المعلومات، وأكد أن القضية بيد القضاء الذي عليه كشف حقيقة ما حصل، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «القضية سياسية من الألف إلى الياء، وليس لها أي مبرر قانوني أو دليل جرمي»، وقال: «عجزوا عن تطويع والدي في السياسة، ومحاولات إسكاته وثنيه عن رفع شعارات إنماء بعلبك – الهرمل كمنطقة محرومة، فانتقلوا إلى تلفيق ملف قضائي له». ودعا مفبركي هذا الملف إلى أن «يعيدوا حساباتهم، وأن يكفوا عن ممارسة الدور الذي كانت تمارسه المخابرات السورية لمعارضيها في أيام وصايتها على لبنان».
وكشف ياسر الجوهري أن مذكرة التوقيف بحق والده «صدرت قبل 5 أيام، وفوجئنا أمس (الأول) بأن الأمن العام اتصل بالشيخ وطلب منه الحضور لإكمال معاملة الإقامة العائدة للعاملة في منزلنا، ولدى وصوله إلى مركز الأمن، جرى توقيفه على الفور من خلال فخّ أمني»، وأضاف: «نحن لا نتهم الأمن العام، بل من فبرك الملف وأوعز بالتوقيف، لأن الأمر مرتبط بتركيب اللائحة التي كانت ستعلن اليوم (أمس)، ومحاولة استبعاد الوالد عن المعركة الانتخابية»، مذكراً بأن والده «ذهب بنفسه الشهر الماضي إلى مكتب السجل العدلي، واستحصل على هذا السجل، ولو كان ملاحقاً لجرى توقيفه في حينه».
وحظيت هذه القضية بمتابعة سياسية، حيث رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، أن «توقيف الشيخ عباس الجوهري في هذا الوقت بالذات هو اعتقال، وليس توقيفاً، خصوصاً أن الجوهري مرشح عن أحد المقاعد الشيعية في دائرة بعلبك – الهرمل، وهو يلعب دوراً فاعلاً في التحضير لإحدى اللوائح في المنطقة»، معتبراً أن «اعتقال الجوهري، مساء يوم الخميس، في آخر 24 ساعة فعلية يتم فيها تحضير الأوراق الثبوتية وكل ما يلزم لتسجيل اللوائح الانتخابية، آخذين بعين الاعتبار أنه في أيام الجمعة والسبت والأحد لا تلتئم عادة أي هيئة اتهامية، بمثابة منعه من الترشح على أي لائحة انتخابية، وبالتالي إسقاط حقه بالترشح».