افتتح رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بوزير الطاقة والمياه المهندس سيزار أبي خليل “ملتقى النفط والغاز في شرق المتوسط OGE”، الذي عقد صباح اليوم في فندق “هيلتون بيروت – الحبتور غراند”.
واستقطب الملتقى الذي تنظمه “مجموعة الإقتصاد والأعمال”، بالاشتراك مع وزارة الطاقة والمياه، وبالتعاون مع الهيئات الاقتصادية اللبنانية، أكثر من 250 مشاركا لبنانيا وعربيا ودوليا، جلهم من المسؤولين وقادة الشركات والخبراء العاملين في قطاع النفط والغاز.
وتحدث في جلسة الافتتاح كل من: الوزير أبي خليل، الأمين العام لمنظمة الاقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) عباس النقي، رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية محمد شقير والرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي.
أبي خليل
وقال الوزير ابي خليل: “تقوم هيئة إدارة قطاع البترول بدرس أسس الاستكشاف التي قدمتها الشركات، والتي سترفع إلى وزير الطاقة للموافقة عليها أو إدخال التعديلات التي تراها الهيئة والوزارة مناسبة. ويترافق ذلك مع تقديمات الشركات لميزانيتها السنوية وكل الشروط التي يتطلها القانون. وهذا الأمر هو نتيجة مشوار طويل بدأ مع وضع مسودة قانون الموارد البترولية في المياه البحرية اللبنانية ومن ثم إقراره في 17 آب 2010 في مجلس النواب”، مشيرا إلى “الورشة الكبيرة التي أطلقها الوزير جبران باسيل في هذا القطاع الذي كان منسيا ومهملا لسنوات طويلة”.
وأضاف: “بعدها أتت كل الأنظمة والقواعد التي ترعى الأنشطة في القطاع البترولي بحيث أصدرت الحكومة اللبنانية 27 مرسوما أضف إليها الدراسات البيئية والمسوحات الجيوفيزيائية بحيث أن لبنان هو الدولة الوحيدة التي أجرت هذه الدراسات وقامت بتحليل نحو 80 في المئة منها، إضافة إلى قيام الدولة بنمذجة لحوض الشرق المتوسط كونا من خلالها فكرة واضحة عن مكونات قعر مياهنا البحرية.
وأشار إلى أنّ كل هذه الأعمال أدت إلى إطلاق دورة التراخيص في 2 ايار 2018 باستثناء إقرار مرسومين وهما: مرسوم تقسيم المياه البحرية إلى بلوكات، ومرسوم نموذج عقد الاستكشاف والإنتاج ما أضاع على لبنان فرصا كثيرة حيث كان وقتها سعر النفط مرتفعا وميزانيات الاستكشاف عند الشركات أكبر بـ 58 في المئة مما كانت عليه في 2017، لذلك بعد انتخاب فخامة الرئيس ميشال عون، تعهد في خطاب القسم إنهاء ملف النفط، فكان البند الأول في أول جلسة لمجلس الوزراء إقرار هذين المرسومين، وبالفعل أقرهما مجلس الوزراء، وأدى ذلك إلى تقدم كونسورتيوم لبلوكين 4 و9”.
وتابع: “كان الهدف من إطلاق دورة التراخيص هو تثبيت حقنا في استثمار مواردنا البترولية على كامل مساحة مياهنا البحرية وتحقيق اكتشاف تجاري بشكل سريع.
إن النتائج التي أفضت إليها دورة التراخيص هي: عرضان جادان على بلوك 4 في الوسط وبلوك 9 على الحدود الجنوبية. والهدف الآخر تمثل بعدد الآبار التي تعهدت الشركات حفرها في فترات الاستكشاف في المياه البحرية اللبنانية وهو من شأنه إيصالنا إلى استكشاف سريع عوضا عن التنوع الجيولوجي الذي تعهدت الشركات الحفر فيه إذ إن التعهدات ليست حفرا فقط في الطبقات الرملية بل هناك تعهد الحفر في الطبقات الكلسية التي تم اكتشافها في حوض البحر المتوسط مثل اكتشاف حقل “ظهر” في مصر والاكتشاف الجديد في المياه البحرية القبرصية. وحصلنا في البلوك 4 على حصة إجمالية للدولة هي 8 نقاط وأعلى من المستوى العالمي بالمقارنة مع 100 دولة أخرى.
وهذا يشير إلى وفرة الموارد الهيدروكربونية في المسوحات الجيوفيزائية التي تمت بغالبيتها في وقت الأزمة السياسية بحيث إن دولا كثيرة في المنطقة أطلقت دورة التراخيص قبل إعداد المسوحات الجيوفيزيائية ومن بينها قبرص. وهذا الأمر من شأنه تقصير مدة الاستكشاف ويأخذنا بسرعة إلى الإنتاج، وهذا الأمر مثبت أيضا بأمور أخرى حيث قامت الدولة اللبنانية بشراء الأقمار الاصطناعية من “إيرباص” عبر السنوات والعقود والتي أظهرت بقع زيت ثابتة في المكان والزمان وعندما نضعها فوق الخرائط الجيوفيزيائية تكون فوق ما يسمى بالمداخل التي يحدث فيها الترويح وهو أمر حسي ومؤشر مباشر لوجود الموارد الهيدروكاربونية”.
وقال: “المؤشر الثاني هو ثقة الشركات بمنظومة الحوكمة التي وضعتها الدولة اللبنانية وهي النتيجة التي أفضت اليها مراجعات منظومة الحوكمة التي قامت بها الوكالات والمنظمات العالمية، وهذه المنظومة مؤلفة من 3 مستويات هي: هيئة إدارة قطاع البترول، والوزير، ومجلس الوزراء”.
وأشار إلى أن “الوزير تخلى عن صلاحياته لمصلحة مجلس الوزراء بحيث اخترنا الشفافية في هيكلية منظومة الحوكمة اللبنانية في قطاع البترول، وهذا الأمر تطور من خلال نشر نموذج عقد الاستكشاف والإنتاج في الجريدة الرسمية رقم 4 من العام 2017 موقع ومختوم من الشركات”.
وأضاف: “لبنان كان أول دولة اعلنت عن نيتها الانضمام الى مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية (EITI) حتى قبل نضوج قطاع البترول فيه، وهذه المبادرة توجد شراكة بين ثلاثة أطراف هي: هيئة إدارة قطاع البترول، الشركات الحاصلة على تراخيص الاستكشاف والإنتاج، والمجتمع المدني. وأكد ان “لدينا التصميم على حماية القطاع من الفساد والمفسدين ومنتحلي صفة محاربة الفساد”.
وكشف انه “في العام 2019، سيتم حفر أول آبار ويكون لدينا أول اكتشاف تجاري ونذهب لتطوير الحقول وانتاج النفط، ونحن نعول على القطاع ليصبح قاطرة للاقتصاد اللبناني من خلال تأمين مصدر طاقة محلي أقل تكلفة وأقل تلويثا، ومصممون على تعظيم المكون المحلي من خلال ادارة رشيدة وتوفير قيمة للأجيال الحالية والمقبلة وتأمين عناصر جذب الاستثمار، وهذا القطاع يجب أن يكون نموذجا يحتذى للقطاعات الأخرى”.
وختم: “المشوار البترولي انطلق ولبنان دخل رسميا في نادي الدول النفطية، وكلنا ثقة بان التعاون بين الحكومة والخبراء والمجتمع المدني سيحمي القطاع التي نتمنى له كل النجاح والازدهار”.
النقي
وألقى النقي كلمة، قال: “نبارك للبنان الاستكشافات الأخيرة المتخذة في نشاط الاستكشاف وإنتاج النفط في القاطعين 4 و 9 في المياه الإقليمية اللبنانية في أول جولة تراخيص للنفط والغاز في البلاد لكونسورتيوم يضم “توتال” الفرنسية و”ايني” الإيطالية و “نوفاتك” الروسية، ويتوقع أن تبدأ عمليات الحفر استكشافية لآبار النفط والغاز في البحر قريبا”، متمنيا أن “تساهم تلك المشروعات في دعم الاقتصاد اللبناني”.
وأضاف: “لا شك أن في ان تلك الخطوات ستسرع من دخول لبنان إلى نادي الدول المنتجة والمصدرة للبترول والغاز في المستقبل القريب”، مشيرا إلى أن “لبنان يتمتع كغيره من الدول العربية بوفرة في مصادر الطاقات الجديدة والمتجددة والتي هي في حاجة إلى الاستغلال الأمثل لتحقيق أمن الطاقة مما يمهد الطريق أمام تنمية اقتصادية وقوية ومستدامة تكون لها تأثيرات إيجابية على اقتصاد البلاد عموما وعلى المواطن خصوصا”.
شقير
وقال شقير: “في الأسابيع الأخيرة، كان لي شرف المشاركة في العديد من المؤتمرات التي تعنى باقتصادنا الوطني، وقد شعرت باندفاع قوي للمشاركة بفاعلية فيها، لأنها أعطتني الأمل بطي صفحات المعاناة والألم، والبدء بمرحلة جديدة مشرقة وواعدة للبلد وأبنائه. فمن مؤتمر الاستثمار في البنى التحتية في لبنان والملتقى التحضيري لمؤتمر “سيدر”، نصل اليوم إلى هذا المؤتمر الذي يبحث في موضوع وطني واستراتيجي له علاقة بالصميم بمستقبل لبنان الاقتصادي والمالي”.
وأضاف: “لا بد من التنويه بهذا التضامن العريض لحماية ثروتنا الوطنية. واليوم كلنا أمل مع الأعمال التحضيرية التي تقوم بها الشركات الملتزمة واقتراب تقديمها برنامج عملها حيال التنقيب، أن نكون أصبحنا أمام مرحلة جديدة أكثر جدية وتجعلنا ندخل بالمباشر في عملية التنقيب التي انتظرناها عشرات السنين. اليوم يمكننا القول إن الاندفاع الحاصل تجاه مختلف الملفات الاقتصادية الأساسية وترابطها بعضها ببعض سيؤدي في النهاية الى ظهور نتائج ايجابية تكون محط رضى اللبنانيين. فالبداية ستكون مع حشد أكثر من 50 دولة ومنظمة ومؤسسة دولية لدعم برنامج لبنان لتطوير بنيته التحتية في مؤتمر سيدر، وبعدها البدء بورشة تلزيم المشاريع، إلى البدء بعملية التنقيب. نعم بكل فخر سيكون لبنان أمام مرحلة جديدة من تاريخه”.
وتابع: “لن أتحدث كثيرا عن الفوائد المرجوة من البدء بالتنقيب، فهي بكل تأكيد كثيرة وتطال الكثير من القطاعات، إنما سأركز على ان المباشرة بهذه العملية ستؤدي فورا إلى تحسين ثقة المواطن ببلده، وهذا أهم أمر بالنسبة إلي، وكذلك ستؤدي إلى تغيير جذري في نظرة العالم الى لبنان. ومما لا شك فيه، أن أول اكتشاف للنفط أو الغاز في مياهنا الإقليمية سيؤدي إلى قلب الواقع الاقتصادي والمالي والاجتماعي رأسا على عقب.
أبو زكي
وقال أبو زكي: “ينعقد هذا الملتقى ولبنان على وشك الانطلاق في مسيرة كبيرة قد تغير في طبيعة اقتصاده وتحمل معها أبعادا مهمة. وما يبشر بذلك أن لبنان حقق إنجازا لافتا من حيث تمكنه في الدورة الأولى للتراخيص من توقيع اتفاقين للاستكشاف والانتاج مع كونسورتيوم يضم ثلاثة من كبريات الشركات العالمية هي: “توتال” الفرنسية، “إيني” الإيطالية و”نوفاتك” الروسية. وهذا يدل أولا على الثقة بالمنظومة التشريعية والتنظيمية التي وضعها لبنان لقطاعه النفطي والتي تمتاز بمعايير عالية من الشفافية والحوكمة، ويؤكد ثانيا أهمية ما قامت به وزارة الطاقة والمياه وهيئة إدارة قطاع البترول مدى سنوات، ما وفر للشركات معلومات شبه مؤكدة على وجود موارد ضخمة من النفط والغاز”.
وأضاف: “حسنا فعل لبنان بتلزيم البلوك رقم 9 الواقع على حدوده الجنوبية، فهي خطوة تسهم في تثبيت حقوقنا في مياهنا البحرية وفقا لترسيم الحدود الذي أعلنه لبنان وتم إبلاغ الأمم المتحدة به، وخيرا يفعل بالسعي إلى إنهاء ترسيم الحدود مع قبرص ولاحقا مع سوريا”.
وتابع: “في اختصار، فإن مجرد بدء مرحلة الاستكشاف والحفر في السنة المقبلة وبدء الاستعداد لها من الشركات المعنية قبل نهاية السنة الحالية سيكون له وقع مهم على الثقة بالاقتصاد اللبناني أولا، وسيعني واقعا البدء بضخ مئات الملايين من الدولارات فيه ستتوجه بشكل أساسي الى قطاع الأعمال المحلي. ويمكن هنا إيجاز بعض ما يمكن توقعه من إيجابيات في المدى القصير:
أولا: هناك عنصر الثقة المتجددة أو المتزايدة بلبنان من مجرد دخول ثلاث شركات عالمية في تعاقد طويل الأمد معه وضخ استثمارات كبيرة فيه. وسيستتبع ذلك، من دون شك، دعم إضافي للبنان من حكومات هذه الشركات. ومفعول هذه الثقة سيمتد الى القطاع الخاص المحلي كما الاستثمار الأجنبي، ومن غير المستبعد أن تبدأ مؤسسات التصنيف السيادي العالمية بإعادة النظر في تصنيفها للبنان.
ثانيا: ستبدأ شركات الكونسورتيوم من دون تأخير بالتحضير لإطلاق عملياتها مع ما يتطلبه ذلك من بناء قواعد على الشاطئ اللبناني وافتتاح مكاتب لها وتأمين المساكن للإداريين والتقنيين، واستيراد السلع والخدمات وإنشاء أو استئجار المستودعات ووسائل النقل والشحن البري والبحري والعديد من الخدمات اللوجستية.
ثالثا: من الواضح أن كل ما سبق سيحرك الاقتصاد اللبناني في مختلف قطاعاته التجارية والخدماتية والعقارية والمصرفية وقطاع الأعمال بمجمله، ومن خلال مقتضيات القانون ستحتاج شركات الكونسورتيوم إلى توقيع عشرات أو مئات العقود من الباطن في مختلف المجالات. كما يلزم القانون الخاص بقطاع النفط شركات الكونسورتيوم الحالية وأي شركات أخرى مستقبلا الاستعانة بعمالة لبنانية بنسبة 80 في المئة.
رابعا: سيؤدي نشاط الشركات الفائزة وجميع الشركات والمؤسسات الأخرى التي ستوفر السلع والخدمات لها إلى نمو قد يكون ملحوظا في الإيرادات الضريبية، وهو ما قد يسهم، وإن على نطاق محدود، في تحسين وضع المالية العامة”.
وختم: “في هذا السياق، نعلن أن مجموعة الاقتصاد والأعمال تعد لعقد ملتقى إقليمي دولي حول الطاقة المتجددة في شهر شباط من العام 2019”.