كثف الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله من إطلالاته في الفترة الأخيرة، التي تأتي في سياق تحفيز قاعدته الشعبية للتصويت لقائمة “الأمل والوفاء” في الانتخابات النيابية التي لم يعد يفصل اللبنانيين عنها سوى بضعة أسابيع.
وكانت انتهت منتصف ليل الاثنين مهلة تسجيل اللوائح الانتخابية في وزارة الداخلية اللبنانية، لخوض الانتخابات، وبلغ العدد النهائي 77 قائمة من بين 917 مرشحا.
وبلغ معدل إطلالات نصرالله عبر الشاشة في الفترة الأخيرة مرتين في الأسبوع، ما يعكس حالة من القلق من إمكانية حدوث اختراقات خاصة في معاقله الرئيسية، الأمر الذي يدفعه لقيادة المعركة الانتخابية بنفسه.
ويُبدي الأمين العام لـ”حزب الله” في كل ظهور له حرصا على إطلاق “قنابل” سياسية لضمان بقاء تأثيرها عالقا في أذهان المتلقي، لعل آخرها الاثنين حينما زعم بحصول لقاء مؤخرا “في مكان ما” بين مسؤولين سعوديين وسوريين (النظام)، بحثوا فيه سبل تطبيع العلاقات بينهما، وذلك في مقابل التخلي عن دعم “المقاومة”.
وقال نصرالله لقد “طرح السعوديون على السوريين قطع علاقتهم بإيران والمقاومة في مقابل وقف دعم الإرهابيين في سوريا ودعم إعادة إعمارها بمئات المليارات من الدولارات”.
وأضاف “أن هذا العرض قُدم للسوريين مرتين، وهذا دليل على أن أصل المعركة هو استهداف المقاومة”.
ويستبعد مراقبون أن يكون هذا اللقاء تم بالفعل لسبب بسيط وهو أن الصراع في سوريا تجاوز بعده المحلي وبات صراعا دوليا متشابكا، لا يملك فيه نظام بشار الأسد سلطة القرار، أو الكلمة الفصل.
وبغض النظر عن مدى حقيقة هذا اللقاء، إلا أن الثابت أن الحزب وفي ظل الفشل الذريع لنوابه الحاليين والسابقين في المناطق التي صوّتت لهم، ووجود حالة تململ داخل بيئته من مشاركته في الحرب السورية وما كلفته من خسائر بشرية فادحة في صفوفها، يحاول شد العصب الشيعي إليه عبر التركيز على أنه مستهدف من أطراف إقليمية ودولية وأن الانتخابات النيابية هي بمثابة رد على هذه الأطراف.
ويحرص أمينه العام على التأكيد أن ما حصل في سوريا كان المستهدف منه “كامل محور المقاومة” وعلى رأسه “حزب الله”، وأن الانخراط في الحرب كان بالأساس لاستباق ما قد يتعرّض له الحزب في المرحلة المقبلة.
وانخرط “حزب الله” في الحرب السورية منذ العام 2012، ويوجد اليوم الآلاف من مقاتليه في جبهات القتال السورية، وقد تكبّد الحزب على مدار سنوات الأزمة خسائر بشرية كبيرة.
ويهدف تدخل الحزب في الحرب السورية لتحقيق هدفين رئيسيين هما الحفاظ على نظام حليفه بشار الأسد، وأيضا للمساهمة في مشروع الهلال الشيعي الذي تحرص إيران على إقامته لفرض نفسها على الساحة الإقليمية وحتى الدولية.
وتبدي شريحة كبيرة من الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها الحزب امتعاضا من تدخله في سوريا الذي يأتي لتحقيق مصالح الغير على حساب أبنائها.
ولئن تعاطى الحزب في السنوات الأخيرة بنوع من اللامبالاة والتعالي حيال تصاعد الأصوات المندّدة بهذا التدخل إلا أنه اليوم يشعر بقلق من إمكانية تأثير ذلك عليه في الانتخابات النيابية، كأن يعمد أنصاره المفترضين إلى معاقبته عبر مقاطعة الاستحقاق أو التصويت للوائح منافسة، وهذا ما يفسر محاولاته تبرير تدخله في سوريا.
وتشكّل الانتخابات المقبلة أهمية كبرى بالنسبة للحزب باعتبارها ستشكّل المشهد السياسي للسنوات الست المقبلة، والأهم أن التركيز في ما بعد الاستحقاق سيكون على وضع استراتيجية دفاعية تضع سلاحه في دائرة الخطر وبالتالي هو يحاول الحصول على أغلبية داخل البرلمان ليستطيع من خلالها تكريس سطوته على لبنان.
ويسجل “حزب الله” وجوده في معظم الدوائر الانتخابية الـ15، بيد أنه يركز بشكل كبير على بعض الدوائر دون غيرها خاصة دائرة بعلبك الهرمل حيث تنافسه عليها لائحة تضمّ خصميه تيار المستقبل وحزب “القوات اللبنانية” وشخصيات شيعية مستقلة، وسط إمكانية كبيرة أن تتمكّن تلك اللائحة من تحقيق اختراق مهمّ، الأمر الذي سيعدّ عقابا من بيئته على تدخله في الحرب السورية.