IMLebanon

موازنة قبل السفر… ووصايا قبل الرحيل

كتبت مرلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”: 
يَشعر الحاضر للجلسة العامة في مجلس النواب، أمس، أنّ الرئيس نبيه بري وُفّق في اختيار توقيتها، ولو لم يتقصَّد ذلك، لكنّه أحسنَ في اختيار جلستَي إقرار الموازنة في زمن الآلام، لأنّ الحاضر للجلسة المصيرية والتاريخية المنتظرة يَشعر بأنّ جوَّها يتعايش مع أسبوع الآلام، يتقاذف النواب خلاله مسؤولية صلبِ الوطن… منهم مَن يُمعن في إيلامه ومنهم من يتبرّأ من دم ذلك الصدّيق.

يُخطىء من يعتقد أنّ الجلسة الأولى لإقرار الموازنة كانت صرف رقمية وحسابية، لانّ بعض النواب الحاضرين المرشحين وغير المرشحين عَقدوا ايضاً خلوات ثنائية حسابية انتخابية خارج القاعة العامة وداخلها ولم ينصتوا بإمعان الى التقرير الرقمي المالي المطوّل الثمين الذي أنجَزه رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، والذي مدح عمله البعضُ من النواب الغيورين على المصلحة العامة للبلد وتجاهَله آخرون، فيما انتقد غالبية النواب موازنة 2018، كلٌّ حسب اسلوبه، فالنائب حسين الموسوي مثلاً، إفترَض ان تكون الموازنة اكثرَ تقشّفاً، مطالِباً بإعادة النظر بها وشطبِ الكثير منها، إذ «المطلوب إعلان الدولة لحالة الطوارئ الاقتصادية»، داعياً إياها الى مطالبة الخارج بتقدمةِ بواخر كهرباء عوض طلبِ القروض وعقدِ المؤتمرات.

السنيورة والميليشيات!

يعتلي الرئيس فؤاد السنيورة المنصّة فتشعر وكأنه يتلو وصيته الاخيرة قبل فراق المجلس. السنيورة الذي استحضَر الميليشيات اكثر من مرّة في حديثه، كشَف عن أعباء الدولة المتخَمة مشبّهاً إياها بالقاطرة التي تجرّ الأثقال ثقلاً تلو الآخر وأصبحت عاجزة عن السير. والمفارقة تمثّلت في إصرار السياسيين والميليشيات لحجز أمكنة لفريقهم وجماعاتهم على هذه القاطرة للراكبين الجُدد!

وأشار السنيورة الى أن لا حلول سحرية للأزمة الاقتصادية المقبلة على لبنان سوى باختيار سلوك الطريق التي ترفع النموّ وإصلاح هيكلية الموازنة وخفض الإنفاق.

«وصايا» السنيورة

• إعلاء شأن الوظيفة العامة.
• رفعُ يد السياسيين والميليشيات عن جسم الدولة.
• لعدم احتكار حقيبة أو وزارة على طائفة أو مذهب (وفق القانون).
• تخفيض الأعباء عن الحكومة والاستثمار.
• خلقُ فرص عمل عبر تقديم حوافز اقتصادية.
• طرحُ معادلات «غير مشَيطنة».

وغامزاً من قناة وزير الطاقة سيزار أبي خليل، استغرَب السنيورة كيف لـ»وزير التنطح» القول إنه لا يُعجبه قانون الكهرباء، محذّراً من الإمعان والاستمرار في سياسة عدم تطبيق القوانين التي اوصَلت لبنان الى عجزه عن إيجاد حلول لمشكلة الكهرباء وبناء معامل جديدة لها.

قبل توجّهِ النائب حسن فضل الله الى المنصّة، لفتَ الرئيس بري الى أنّ الجلسة التي سوف تُعقَد اليوم ليست فقط مخصّصة لإقرار موازنة 2018 فقط، بل لإقرار بعض المشاريع الملزمة والتي يجب إقرارها قبل التوجّه إلى مؤتمر باريس.

وفي المعلومات أنّ الجلسة التشريعية ستناقش صباحاً 21 مشروع قانون قبل إقرار الموازنة في الجلسة المسائية. ومِن أبرز بنود الجلسة التشريعية البند رقم 13 وهو مشروع القانون الذي قدّمه الرئيس سعد الحريري، والقاضي بطلبِ الموافقة على إبرام معاهدة تجارة الأسلحة.

حسن فضل الله

تحدَّث عن تجربته النيابية التي رأى فيها أنّ البعض أمعنَ في إضعاف دور المجلس النيابي فلم يتمكّن من القيام بدوره في المحاسبة الحقيقية وعجزَ عن محاسبة نائب أو وزير، لافتاً أنه لجَأ الى القضاء الذي لم يستطع بدوره إتمامَ دوره في المحاسبة وسَوق الفاسدين الى قوس العدالة.

وكشَف عن الخلل الفادح في حسابات الدولة والحكومة، متسائلاً عن سِلف الخزينة التي لم تُسدّد وعن المراقبة المعدومة والهبات المقدّمة التي لا يعرف كيفية حصرِها ولا صرفها ولا إلى أين ذهبت وما هو حجمُها. وهي ليست الـ11 مليار فقط بل الصرف الكامل للدولة منذ عام 93 حتى عام 2016، مطالباً بمعرفة كيفية صرفِ هذه الاموال. واستغرَب كيف تستعجل الحكومة والدولة اللبنانية الاستدانة عبر المؤتمرات في الخارج والدينُ العام تجاوَز الـ80 ملياراً.

وفي سياق آخر، ناشَد فضل الله مجلسَ القضاء الأعلى الكفَّ عن الاحتجاج وتعطيل المحاكم ومشاكل المواطن، لأنّ الحل هو في محاربة الوصاية السياسية على القضاء.

كما اعتبَر أنّ أيّ مناقصة تُعقد خارج الدولة اللبنانية هي مناقصة مشبوهة، كاشفاً أنّ توقيع بعض الوزراء يساوي المليون دولار، متسائلاً عن مصير ملفّ الجمعيات والـ 762 ملياراً التي تكبّدتها الدولة لصالح تلك الجمعيات، مشيراً إلى أنّ البعض منها يعمل والبعض الآخر وهمي وذات منافع خاصة.
وتساءل لماذا لم يشكّل المجلس لجان تحقيق، محمّلاً مسؤولية عدم المحاسبة الى القضاء الذي لم يصدِر أيّ حكم بحق هؤلاء.

سامي الجميّل

الذي كان منشغلاً بتحضير كلمتِه خلال الجلسة الأولى الصباحية ألقاها في الجلسة المسائية، فاعتبَر أنّ اللبنانيين وقعوا ضحية عمليةِ غشّ عبر إقرار موازنة معجّلة مسلوقة، معيّراً وزيرَ العدل سليم جريصاتي الذي اعتبرَه ناطقاً رسمياً باسمِ «حزب الله» وليس باسمِ الشعب اللبناني، فلم يعد وزيراً عادلاً بكل ما للكلمة من معنى.

ولفت الى أنه وبحسب موازنة الـ2018 فإن العجز بلغ 4.7 مليار دولار من دون كهرباء لبنان والا فهو 6.1 مليار دولار.

ورأى ان «الاصلاحات المطلوبة لتخفيض الانفاق والعجز والدين العام، موجودة في توصيات مؤتمر باريس 3 كما انها موجودة بلجنة المال والموازنة، فهل لنا أن نعرف لم لا تطبق؟».

واعتب ان «موتمر سيدر هدفه الدعاية الانتخابية»، مستغرباً موعد المؤتمر الذي يعقد قبل إجراء الانتخابات النيابية بأسبوعين.
أمّا الوزير أنور الخليل فحذّر من الدَين العام الذي سيصل إلى 86 ملياراً، كاشفاً أنّ لبنان يحتلّ المرتبة الثالثة في العالم من حيث الدَين العام.

زهرا: سياسة الاستدانة انتحارية

رحّبَ زهرا بالنوّاب غير المرشّحين، متوجّهاً إلى وزراء لبنان الذين وصَفهم «بوزراء البلاط» وكأنّه ليس هناك مجلس نواب لمحاكمتهم، معلِناً أنّهم لن يستسلموا، وسيستمرّون في حفر الجبلِ بالإبرة لأنّ الانتخابات النيابية مفصلية. جاهرَ زهرا بإفلاس الدولة، شاكراً النازحين السوريين لأنّ رُبَّ ضارّةٍ نافعة، وبسببِهم ستستدين الدولة أكثر وأكثر، وهي التي لم تطبّق 39 قانوناً من أجل إنقاذ اقتصاد البلد.

وتساءلَ عن معامل الكهرباء وما إذا كانت الشركة التركية الشهيرة وحدها المطابقة للمواصفات لتنتهي الأزمة، وإلّا يبقى المواطن والبلد في الظلمة!
وختم: طالما هناك مخاطر أمنية فلبنان ليس بلداً جاذباً للاستثمار، وسياسةُ الاستدانة سياسة انتحارية.

أبو فاعور يُحذّر

هاجَم أبو فاعور مطالبي الدولة بالدفع لصالح التعليم الخاص، معتبراً أنّها بدعة، مطالباً الحكومة بأن تكون حاسمة في هذا الأمر، لأنّ الطلّاب أصبحوا رهينةً، محذّراً من الاستقواء بجبّة الدين مسيحيةً كانت أم مسلمة، لافتاً إلى أنّ القانون 515 واضح وإلّا فلتُحَل المدارس الخاصة إلى القضاء.

واعتبَر أنّ تجربة محاربة الفساد هي تجربة فاشلة، غامزاً مِن قناة الوزير تويني، لافتاً الى حسنِ نوايا وزير مكافحة الفساد «ولكنّ هذه التجربة اصبَحت عبئاً على الحكومة اللبنانية، والمطلوب إلغاء هذا التكليف أو تعويض هذا التكليف الى بعض الجهات القادرة على المواجهة في هذا الملف وليس الجهات المحرَجة».

واستغرَب كيف أنّ الوزارة والدولة برُمّتها لم تستطِع حتى اللحظة الإمساكَ بمفسدٍ واحد ولو صغير، مذكّراً بملفات الفساد التي لا تُعدّ وقد عرَضها النائب حسن فضل الله، إلّا أنّنا لم نَعثر في النهاية لا على سارق ولا سارقين ولم نجد أيّ فضيحة أو فاضحين، أمّا في موضوع البواخر فاعتبَره محاجَجة سياسية يبدأ ولا ينتهي.

التعاقد في الدولة!

كما تساءل أبو فاعور كيف تستمرّ الدولة بالتعاقد في جميع الوزارات وهي مفلِسة؟

الأمر الذي أكّده بري، متوجّهاً إلى رئيس الحكومة بالقول إنه متأكّد من الأمر، ليكملَ أبو فاعور أنه في الوقت الذي لم تستطع الدولة معالجة أزمةِ المياومين يتمّ اليوم التعاقد مع موظفين جُدد في قطاع الكهرباء.

اللافت في جلسة أمس أنّ بعض النواب الذين اعتلوا منابرَ القاعة العامة بدوا وكأنّهم يلقون الوصية الأخيرة قبل توديعِهم الجلسة، فيما البعض الآخر استعرَض مهارات خطابية أتقنَها، وهي لزوم العدّة الانتخابية.