كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:
قبل 33 يوماً من موعد فتْح صناديق الاقتراع في لبنان لاختيار برلمانٍ جديد، بدأت «حمى» الانتخابات النيابية تتصاعد، على المنابر وعلى الأرض، وسط رسْم الأطراف الوازنة «سلة أهدافها» وتالياً «خطوط الربح والخسارة» التي ستترك تداعياتها على مشهد ما بعد 6 مايو واستحقاقاته، خصوصاً تشكيل الحكومة الجديدة وتوازناتها وقبْلها انتخابُ رئيسٍ لمجلس النواب.
وبعد اكتمال مهرجانات إعلان اللوائح وتقديمها للناخبين في الدوائر الـ 15 التي قُسّم لبنان على أساسها انتخابياً، بدا واضحاً أن الفترة الفاصلة عن 6 مايو ستكون محكومة بعامليْن:
* الأوّل حسابات «الورقة والقلم» للماكينات الانتخابية التي حَدّدتْ للأحزاب الرئيسية «النتائجَ الافتراضية» استناداً الى القانون الجديد الذي يعتمد نظام الاقتراع النسبي للمرة الأولى في تاريخ لبنان، وهو ما جعل هذه الأحزاب تبني «استراتيجياتها» الانتخابية على حصْد ما جعلتْه عمليات «المحاكاة» من «حصّتها»، واستطراداً إعلان «السقف الرقمي» لمعاركها والذي يسمح بقياس إذا كانت خرجتْ من هذه الدائرة أو تلك منتصرةً أو منكسرةً أو بالنتائج «المتوقَّعة».
وفي حين تركّز بعض الأطراف الرئيسية على معركة الحواصل الانتخابية (أن تحصد اللائحة أكثر من حاصل، وهو العتبة التي تُحدَّد بقسمة عدد المقترعين في الدائرة على عدد المقاعد) أي على الفوز مع حلفائهم بأكبر قدر من المقاعد في كل دائرة بما يحْفظ لها «وزناً مرموقاً» في اللعبة السياسية وتالياً الاستحقاقات المفصلية المقبلة، تبدو أطراف أخرى مهتمّة أكثر بخوض معركة الأصوات التفضيلية ضمن اللائحة بما يضمن لها مَقاعد تزيد من حجمها السابق وتُبقيها «رقما صعباً» في المشهد السياسي.
* والعامل الثاني عمليات استنهاض القواعد الانتخابية والتي تستوجب استعادة خطابٍ انقسامي يبدو فقط من «عُدّة» خوض المعارك، ولا سيما في ظل انعدام حال «التمتْرس» السياسي وانضواء الجميع تقريباً تحت سقف التسوية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي وضرورة حفط الاستقرار، وأيضاً «الخلْطات» التحالفية التي جمعتْ أضداداً في أكثر من دائرة ولم تسْتلهم انقسام 8 و 14 آذار إلا في دائرة بعلبك – الهرمل، عرين «حزب الله» الذي يواجه لائحة يتحالف فيها تيار «المستقبل» (بقيادة الرئيس سعد الحريري) مع حزب «القوات اللبنانية» وفاعليات شيعية ومستقلة من المنطقة، بهدف محاولة «مباغتة» الحزب في عقر داره بتحقيق 3 حواصل انتخابية تسمح بحصْد 3 مقاعد من أصل عشرة.
وفي حين تحفل «طقوس» التحشيد الانتخابي بكل مصطلحات «المظلومية وأخواتها» و«الاستهداف ومفرداته» و«ديناصورات الوصاية السورية التواقين الى العودة من الشبّاك» و«إمساك المشروع الإيراني» بقرار هذه المنطقة أو تلك وغيرها من «أدوات التجييش»، فإن يوم أمس انطبع بتطورين ذات صلة بـ «حزب الله»: الأول أثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد التداول بفيديو لمرشح الحزب عن المقعد الشيعي في جبيل (دائرة جبيل – كسروان) الشيخ حسين زعيتر يتحدث فيه عن ولائه المطلق لأمين عام الحزب السيد حسن نصرالله.
أما التطور الثاني فعَكَس الخشية من «ترجمات أمنية» لمناخ الاحتدام في الدوائر «البالغة الحساسية» وتحديداً بعلبك – الهرمل حيث كشف المرشح السابق عن المقعد الشيعي في الدائرة الشيخ عباس الجوهري، المناهض لـ«حزب الله»، عن تعرض سائقه لإطلاق نار في مدينة بعلبك، بعد اعتراض سيارة دفع رباعي فيها ملثّمون لسيارة السائق وإطلاق النار في الهواء وشتْم الشيخ الذي كان سحب ترشيحه بعد توقيفه من جهاز الأمن العام قبل إطلاقه بعد نحو 24 ساعة، وهو التطور الذي وضعه حينها خصومُ «حزب الله» في سياق «منْعه من إكمال السباق الانتخابي».
وفيما روى السائق عباس أ. أنه أثناء توجهه الى البقاع أوقفته السيارة بالقرب من جامع «الامام علي»، و«أنزلوني من السيارة بالقوة، موجهين الشتائم والتهديد اليّ وللشيخ عباس، وعندما توقفت بعض السيارات للاستفسار عما يحصل أطلق المسلحان النار في الهواء لترهيب الناس قبل أن يفرا من المكان»، عزا الجوهري، الذي لم يكن في السيارة والذي يدعم لائحة «المستقبل» – «القوات» في بعلبك – الهرمل، ما حصل «الى حملة التخوين والتحريض التي يتعرض لها المرشحون الشيعة المعارضون وخصوصاً في البقاع الشمالي»، مشيراً الى انه لن يتراجع عن مواقفه وهو ينتظر «رصاصتين في القلب في ظل وجود القوى الشيعية المهيمنة على الطائفة والذين حوّلوا بعض شبابها مجموعةً من القتلة»، ولافتاً الى أن التهديد بالقتل يأتي اليوم استكمالاً لعمليات التهديد التي وُجهت له منذ إعلان ترشحه للانتخابات، ومؤكداً أن الملثمين تابعون لأحد المسؤولين في «حزب الله».
ولم تحجب الوقائع الانتخابية الأنظار عن التحضيرات لمؤتمر «سيدر 1» الذي تستضيفه باريس يوم الجمعة المقبل لتمويل برنامجٍ استثماري وضعتْه الحكومة اللبنانية، وسط مفارقة أن ما سيعبّر عنه هذا المؤتمر من استمرار «مظلة الحماية» الدولية للبنان وما يفترض أن يستقطبه من تمويلٍ يسابق «مناخ الحرب» الذي تمضي اسرائيل في إشاعته وكان آخره عبْر كلامِ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت عن «اندلاع حرب كبيرة ومدمّرة ستأتي على حزب الله اللبناني في 2018»، معتبراً «ان الفرص قائمة هذا العام لاندلاع حرب أكبر مما شهدته السنوات الثلاث السابقة من ولايتي، ومن المحتمل أنني سأقود الجيش في حرب ستندلع خلال سنتي الأخيرة في الخدمة».