كتب داود رمال في صحيفة “الأخبار”:
أنجزت السلطات اللبنانية حكومةً ومجلساً نيابياً، ما هو مطلوب منها في إطار الاستعداد لمؤتمر سيدر (باريس ــ 4)، ولا سيما قانون موازنة عام 2018، في انتظار ما سينتج من المؤتمر من مقررات، وما سيرصد من قروض جديدة.
لن يكون مؤتمر «سيدر» الذي ينعقد، غداً، في باريس «نزهة مريحة للوفد اللبناني، كما درجت العادة في المؤتمرات الباريسية الثلاثة السابقة، بل سيجد نفسه أمام ما يشبه الامتحان الصعب والأسئلة والأجوبة الإجبارية التي تكون خياراتها محدودة جداً»، على حد تعبير مرجع رسمي لبناني، زاد على ذلك بالقول لـ«الأخبار» إن الرسائل التي بلغت المراجع اللبنانية من فرنسا، خلاصتها «أن الخيارات الدولية لمساعدة لبنان ضيقة ووفق شروط إصلاحية لا مفر منها».
الرسائل الفرنسية، وتحديداَ الرئاسية (الإليزيه يتابع ملف «سيدر») تدعو لبنان لأن يساعد نفسه، خصوصاً أن الانشغالات الفرنسية كبيرة وكثيرة، وأبرزها الجهد الرئاسي الفرنسي لترجمة رؤية الرئيس إيمانويل ماكرون للفرانكوفونية من سنة 2020 وحتى سنة 2050 لجعل الفرنسية اللغة الثانية في العالم، وما لذلك من أبعاد اقتصادية، متكلاً على الانفتاح الذي باشره نحو الصين والهند، وسط قناعة لديه بأن اللغة الفرنسية لم تمت، بل يمكنها أن تستمر حاضرة في المستقبل.
وعدا عبارات المجاملة الفرنسية للبنان وغيره من الدول، أبلغ ماكرون المسؤولين اللبنانيين «أنه لا يمكن أي فرنسي إلا أن يحب لبنان ويتعلق به، واليوم تتطلع فرنسا إلى لبنان من أجل إنجاز النهوض الاقتصادي، فالوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه، وبرغم البطء في تنفيذ الإصلاحات التي طرحتها المؤتمرات السابقة وورشة التحضير للمؤتمر الحالي، من المؤسف عدم وجود مثل هذه الطروحات الإصلاحية على جدول الأعمال الفعلي في لبنان. لذلك، سيكون مؤتمر سيدر مناسبة للقيادة الفرنسية كما للدول والمؤسسات والصناديق المشاركة لكي تسأل الوفد اللبناني برئاسة سعد الحريري عن هذه الإصلاحات المطلوبة وبرامج تنفيذها».
بحسب مسودة البيان الختامي الذي سيصدر عن مؤتمر «سيدر»، سيتعهد المشاركون بمواصلة دعم برنامج الاستثمار والإصلاحات في لبنان خلال المرحلة الأولى (لمدة 6 سنوات)، كما سيشجع المشاركون القطاع الخاص على المشاركة في تمويل برنامج الاستثمار الرأسمالي، على أساس المشروعات (المقدمة للمؤتمر).
وجاء في مسودة البيان، كما حصلت عليها «ألاخبار»، أن «الصراع الدائر في سوريا وما نجم عنه من تدفقات كبيرة للنازحين واللاجئين السوريين إلى الأراضي اللبنانية، سبّب أضراراً شديدة لحقت بالاقتصاد اللبناني والبنى التحتية في البلاد والقطاعات الاجتماعية، فضلاً عن النسيج المجتمعي. كذلك ارتفعت معدلات البطالة في البلاد، ولا سيما في صفوف البالغين والشباب. وانتقل أكثر من 200 ألف مواطن لبناني إلى تحت خط الفقر، ما يعدّ من أبرز التحديات التي تواجه لبنان وأكبرها، والتي، بالإضافة إلى استضافة النازحين واللاجئين السوريين، توفر قدراً معيناً من المنافع العامة العالمية بالنيابة عن المجتمع الدولي. ومن شأن مؤتمر بروكسل الثاني (24 ــ 25 نيسان المقبل) أن يكون فرصة جيدة لمعالجة هذه القضية المهمة».
وقالت مسودة البيان: «مع الإقرار بأن الإدارة المالية السليمة من المرتكزات الأساسية في تحسين ثقة المستثمرين الدوليين، أعلنت الحكومة اللبنانية، إثر الدعم الذي تحظى به من الجهات المانحة، التزامها ضبط الأوضاع المالية في البلاد، بمعدّل 5 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس المقبلة، من خلال مزيج من التدابير، بما في ذلك تحسين وسائل تحصيل الضرائب وتحسين تدابير الإنفاق، مثل خفض عجز مؤسسة كهرباء لبنان العامة، الأمر الذي يسمح بتوفير فائض أساسي في الإيرادات. وتلك من الخطوات الحاسمة الرامية إلى دعم استقرار الاقتصاد الكلي، والخفض التدريجي للدين العام، والحصول على أفضل النتائج من برنامج الاستثمار، بما في ذلك التحفيز المستدام للنمو. وفي ما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية، اتفق المشاركون في المؤتمر على أن مكافحة الفساد، وتعزيز الإدارة المالية العامة، وتحديث قواعد المشتريات وإصلاح الجمارك وتحسين إدارة الاستثمارات العامة… هي من الأهمية القصوى بمكان. وبالنسبة إلى الإصلاحات القطاعية، هناك ثلاثة مجالات تحمل القدر الأعلى من الأهمية من زاوية نجاح برنامج الاستثمار الرأسمالي: في ما يتعلق بالكهرباء، يترافق الإصلاح الطموح للتعرفة مع زيادة التيار الكهربائي؛ وعلى مسار إدارة المياه، فمن الأهمية إقرار قانون المياه؛ وفي مجال إدارة النفايات لا بد من صياغة استراتيجية جديدة تستند إلى اللامركزية في هذا القطاع».
وختمت مسودة البيان أنه «في ظل مستويات الديون المرتفعة في لبنان، فإن التمويل التساهلي (بالشروط الميسرة) مع الاستثمارات الخاصة، هو من أفضل الأدوات للاستثمار في البنية التحتية وخلق المزيد من الوظائف، جنباً إلى جنب مع تنفيذ برنامج الاتساق في جوانب الميزانية والانضباط المالي. وتعهد المشاركون بمواصلة دعم برنامج الاستثمار والإصلاحات في لبنان خلال المرحلة الأولى (لمدة 6 سنوات) كما شجع المشاركون القطاع الخاص على المشاركة في تمويل برنامج الاستثمار الرأسمالي، على أساس المشروعات (المقدمة للمؤتمر)».