كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
استعاد تيار «المستقبل» و«حزب الله» قبل نحو شهر على موعد الانتخابات النيابية المقررة في السادس من (أيار) المقبل، الخطاب السياسي الذي كانا يعتمدانه ما قبل مرحلة ربط النزاع وسيرهما بالتسوية السياسية التي أدت لانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. فـ«المستقبل» عاد ليركز هجومه المباشر على «حزب الله»، واصفاً إياه بأنه «جزء من ميليشيا إيرانية للتخريب»، فيما الحزب جنّد جماهيره للتعاطي مع المعركة الانتخابية كمعركة وجودية وكجزء من حرب تموز، فدعا نوابه وقياديوه الناخبين للمشاركة بكثافة في الانتخابات للتأكيد على تمسكهم بـ«خط المقاومة».
وغابت السجالات السياسية التصعيدية بين الفريقين طوال الفترة الماضية، وإن كان الخلاف الاستراتيجي بين «المستقبل» و«حزب الله» ظل على ما هو عليه، بعد فشل الحوارات الثنائية بينهما بالتوصل إلى أي عناصر مشتركة يمكن البناء عليها لحل هذا الخلاف.
وفيما ربط مقربون من «حزب الله» استعادة «المستقبل» خطابه التصعيدي السابق بسعيه لحشد جمهوره عشية الانتخابات، أكد عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، جورج بكاسيني أن تياره لم يتخل يوما عن هذا الخطاب رغم ربط النزاع، لافتا إلى أن «بعض من لديهم أوهام وعملوا على سرقة شعاراتنا وشهدائنا هم من أعطوا إيحاءات للبنانيين بأن خطابنا تبدل».
وقال بكاسيني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نقل يوما إننا من خلال ربط النزاع وافقنا على تمسك (حزب الله) بسلاحه في الداخل اللبناني أو على قتاله في سوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول العربية. كما أننا نخوض الانتخابات بالعناوين نفسها التي خضنا بها انتخابات العام 2009، أي من خلال تمسكنا بسيادة البلد وحريته وعروبته، وإن كان القانون الانتخابي الجديد أتاح تحالفات جديدة من منطلق أنه نسبي ويخلق منافسة حتى داخل اللائحة الواحدة». وأكد بكاسيني «تمسك الرئيس الحريري بطرح الاستراتيجية الدفاعية مجددا على طاولة البحث بعد الانتخابات النيابية المقبلة»، معتبرا أن «التوازن الموجود حاليا في البلد إضافة للتوافق السياسي عنصرين يسمحان بإحداث خرق في هذا الملف، لم نتمكن من إحداثه منذ العام 2006».
من جهته، رجّح الكاتب والمحلل السياسي، المقرب من «حزب الله» قاسم قصير، أن يقتصر الخطاب «المستقبلي» التصعيدي على مرحلة ما قبل الانتخابات، «على أن يعود الطرفان إلى قواعدهما سالمين في السابع من (أيار) باعتبارهما يدركان تماما أنه لا مفر من الجلوس معا على طاولة حكومية واحدة»، معتبرا أن الرئيس الحريري وفريقه السياسي «مجبرون على رفع اللهجة بوجه (حزب الله) لمجاراة ومنافسة اللواء المتقاعد أشرف ريفي الذي يسعى إلى اجتذاب أصوات جمهور المستقبل»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الجمهور السني ما عاد أصلا يتأثر كالسابق بهذا الخطاب سواء صدر عن الحريري أو أخصامه على الساحة السنية».
وتحدث قصير عن «خطابين انتخابيين ينتهجهما (حزب الله)، الأول يعرض فيه رؤيته السياسية الجديدة التي ترتبط بمحاربة الفساد والإضاءة على الخدمات التي قدمها لبيئته، أما الثاني ويعتمده بشكل خاص مشايخ مقربون منه فهدفه استثارة الناخبين عاطفيا». وأضاف: «يتم اللجوء إلى الخطاب الثاني بشكل أساسي في دائرة بعلبك الهرمل نظرا لحدة المعركة، لكن يتم الاعتماد وبشكل رئيسي على الخطاب المرتبط بالإنماء بعدما اكتشف الحزب أن هناك حاجة ملحة للتعامل مع قضايا الناس الملحة والمتفاقمة».
وارتأى «حزب الله» اعتماد شعار موحد لحملته الانتخابية وهو «نحمي ونبني»، كما عمم منشورات لما حققه نواب ووزراء الحزب في السنوات الماضية، بعدما ارتفعت أصوات كثيرة في بيئته تتهمه بالتقصير ما أدى لترشح عدد كبير من الشخصيات الشيعية بوجهه سواء في دوائر الجنوب أو البقاع.