تحقيق رولان خاطر
مدة قصيرة باتت تفصلنا عن موعد الانتخابات النيابية في 6 أيار المقبل. لكن هذا لا يمنع اتساع مساحة الخدمات الانتخابية أكثر فأكثر، ومنها ما بات يتحوّل إلى فضائح، تتابعها السلطات المعنية. لكن طبيعة العمل والجهة المسؤولة عنه يفرض على أي متابع طرح علامات استفهام بشأن ما اذا كان فعلا ستتم معاقبة هؤلاء؟ ومن سيحاسبهم؟
“حزب الله” بشكل وقح استخدم قلعة بعلبك ليطلق حملته الانتخابية. العديد من المؤسسات الرسمية تحولت خلية نحل للعمل الانتخابي. رجال الدين يتدخلون للتسويق لهذا وذاك من المرشحين. هذه كلها فضائح، وبرسم هيئة الاشراف على الانتخابات، ولكن الفضيحة التي نحن بصدد كشفها، والتي لا تقل وقاحة عن غيرها، هل لهيئة الاشراف الصلاحية في متابعتها؟ ومن يحاسب من يهدر المال العام ويستخدم “الزفت الأسود” لـ”تبييض” كرسي سلطته؟
الموضوع اذا، زفت انتخابي، والمتهم وزارة الأشغال. والفضيحة طرقات قرى قضاء زغرتا. طرقات “تزفتّت” مطلع السنة، عمليا لم يمرّ عليها 6 أشهر، حتى تشلّعت، وتفسخت، وتهدمت. ومن يرى المشهد المخزي في قضاء زغرتا يؤكد أنه من “ثمارهم تعرفونهم”.
“سيدة الحصن”، التي من المفترض انها معلم سياحي ومكان يقصده الزوار من كل انحاء لبنان والعالم، طريقها باتت مطبات، وتشققات في طول الطريق، وكأنك في طريق جرد. بقية الطرق، في قرى قضاء زغرتا ليست أفضل حالا، فالسيارة لا تسلم من الحفر، و”فتحات المياه” التي تحولت إلى خنادق لبيع قطع السيارات.
تكمل الجولة في أرجاء القرى، فيصادفك بعض العاتبين على المسؤولين. فتسألهم عن وضع هذه الطرقات، فيؤكدون أنه تم تزفيتها قبل أشهر قليلة، أي مع بداية العام، ويستطردون: “قرّبت الانتخابات”.
لا أحد في لبنان معصوم ربما عن استغلال موقعه ونفوذه لتحقيق غايات حزبية أو انتخابية أو غيرها، ولسنا من باب محاكاة تقريرنا من هذه الزاوية، لكن فضيحة الفضائح أن تقوم وزارة الأشغال ووزيرها بأعمال معينة، ولأسباب شخصية وانتخابية ومن دون اعتماد أدنى المعايير المتعارف عليها في العمل الإنمائي أو الاجتماعي.
فالواضح من الفيديوهات التي ننشرها أدناه، أنه تم تزفيت الطرق من دون وضع أي أساس، ومن دون إجراء أي إصلاح للبنى التحتية حيث يفترض ذلك، من أمور تتعلق بصيانة حائط دعم او مجارير وصرف صحي وغيره.
فباتت الطرقات مشققة، الزفت مفسخ، انهيارات على جوانب الطرق، تشقق في الأرض، بؤر تكسّر السيارات، “باطون مكسر” على جوانب الطريق، تخلخل في العديد من “حيطان الدعم”، خطر الانزلاق ليلا في الوديان، ومن يقصد هذه مناطق قضاء زغرتا وكأن زمنا غابراً مرّ عليها.
كل هذا، يجعل كل مراقب يسأل عن مغزى الشعارات التي ترفع في زغرتا والزاوية من قبل بعض من احتكروا السياسة والانماء في هذه المنطقة؟
ومن كان مؤتمنا لسنوات طويلة سابقة على إحياء المنطقة ولم يفعل شيئا، فهل يمكن التسليم ان وعوده الحالية ستنفذ؟
هل من يستغل سلطة أو وزارة لتنفيذ مشاريع انتخابية وكسب أصوات في الانتخابات بريء من المحاسبة والملاحقة؟ هذا النوع من الفساد الانتخابي على حساب الدولة الذي يشكل فضيحة ألا يستدعي تحرك النيابة العامة لمساءلة وزارة الأشغال والمتعهدين، والسؤال عن أموال الشعب المهدورة على “زفت انتخابي” ينتهي مفعوله ووجوده في أشهر قليلة؟
ألم يحن الوقت بعد كي لا يبقى الزفت الأسود الانتخابي ناخباً مهماً في أي عملية اقتراع؟
ألا يدل على الأمر الذي حصل في قضاء زغرتا على حجم الفساد الكبير في الدولة والذي تتحمّل مسؤوليته أطراف سياسية معينة؟
واذا كان العرف في لبنان أن لا يُحاسب هؤلاء، ألا يفترض ان تكون صناديق الاقتراع بمثابة المسمار الذي يُدق في تمثيل هؤلاء السياسي؟
هم كانوا بالأمس، ويجهزون أنفسهم للغد، ولكن أي غد. طبعا ليس هو الغد الذي نريد ويريده كل إنسان حر في زغرتا وقضائها. فنحن نريد غد الانماء الحقيقي والفعلي ولكل الناس ومن دون منّة. غد السياسيين الذين هم من الناس ولكل الناس. غد الكلمة والفعل.