Site icon IMLebanon

وعود قبل… و”نقّ” بعد! (بقلم رولا حداد)

يشهد اللبنانيون ظاهرة غريبة تكاد تشبه الظواهر الفلكية التي تعود كل عدد من السنوات مرة واحدة. هكذا يعيش اللبنانيون ظاهرة “نقّ” السياسيين طوال سنوات حكمهم، لا بل يظهرون بمظهر المتباكين والعاجزين عن فعل أي شيء طوال الوقت، ويرفعون شعار “ماذا بالإمكان أن نفعل؟” أو “كان ذلك أفضل الممكن”، إلى درجة أن المسؤولين والسياسيين ينافسون المواطنين العاديين في “النق” والتباكي على الوضع الكارثي القائم، وكأن مسؤولية تحقيق الإنجازات تقع على كاهل المواطنين!

وقبل شهرين أو ثلاثة أشهر من الانتخابات النيابية، تستفيق الحماسة لدى السياسيين والمرشحين، فيتحولون بسحر ساحر إلى “مارد القمقم” ويبدأون بإغداق الوعود على المواطنين بتحويل لبنان مجدداً “سويسرا الشرق”، بإنعاش الاقتصاد وتحقيق الازدهار وإنجاز البنى التحيتية وخلق فرص العمل وجذب الاستثمارات… ولا تنتهي وعودهم إلا بعد الانتخابات حين يعودون إلى حالات اليأس والقنوط!

هكذا هم سياسيو لبنان بأكثريتهم الساحقة، لا يعملون ويعلنون عجزهم كل الوقت، ويستفيقون قبيل الانتخابات للتمسك بكراسيهم أو الحفاظ على مواقعهم وأحجامهم وأحجام كتلهم داخل السلطة من أجل تأمين حصتهم من الجبنة المطلوبة، وليس أبداً لتحقيق التغيير المنشود والإنجازات المطلوبة!

وهنا لا بدّ من مجموعة أسئلة:

ـ ما الذي يتغيّر في السياسيين قبيل الانتخابات لينتقلوا من “التباكي” وإعلان العجز الدائم طوال السنوات التسعة الأخيرة إلى إغراق اللبنانيين بالوعود الوردية الكاذبة؟

ـ ما الذي منع السياسيين والمرشحين من تحقيق وعودهم السابقة التي أعلنوها قبيل انتخابات الـ2009 وانتخابات الـ2005؟ لماذا تردّت أوضاعنا بشكل كارثي نحو الأسوأ طوال هذه السنوات؟

ـ إذا كان البعض يريد إلقاء اللوم في عجزه عن التغيير على “الظروف الإقليمية” والمعادلات الكبرى، لا بدّ عندها من السؤال عمّا تغيّر في الظروف والمعادلات لنصدّق اليوم الوعود الجديدة أو المكررة والمجترّة؟

ـ وإذا كان البعض عجز عن مواجهة كل ما يجري في المنطقة في المراحل السابقة، لا بل تأقلم مع كل الأوضاع وبدّل في بندقيته كما تقتضي ظروف الحفاظ على المناصب والمواقع، فلن يتمكن اليوم حتماً وفي المرحلة الآتية من خوض هذه المواجهة، وبالتالي ماذا ينفع تأييده في الانتخابات؟

ـ والأهم أن من كان في الحكم وفشل حين كانت الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية أفضل بكثير مما هي عليه اليوم، فكيف سينجح بعدما تدهورت الأوضاع ووصلت إلى ما هي عليه اليوم؟!

في الخلاصة، إن كل ما سبق يوجب المحاسبة الدقيقة لكل من تولّى السلطة في كل المراحل الماضية عبر إقصائه عن المواقع والمسؤوليات، وليس التجديد له وانتخابه مجدداً لأن إعادة انتخاب الأشخاص والأطراف أنفسهم ستؤدي إلى المعادلات إياها، لا بل ستتضاعف الكوارث لأن الأزمات إلى ازدياد وتضخّم وأكثرية من هم في مواقع السلطة يبهروننا يومياً بحجم فشلهم في معالجة أي من مشاكلنا!