كتب عماد مرمل في صحيفة “الجمهورية”:
تمتد خطوط التوتر العالي فوق جلسة مجلس الوزاء اليوم، مع عودة ملف الكهرباء الى جدول الأعمال من بوابة معمل دير عمار المُعلق، وسط تضارب في مقاربة هذا الملف الشائك بين ثنائي «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل»، وقوى أخرى فرّقتها السياسة ولكن جمعها رفض خيار البواخر الذي يتحمّس له البرتقاليون.
وليس معروفاً ما إذا كانت الحكومة التي عجزت طوال الفترة الماضية عن معالجة فضيحة الكهرباء المتمادية ستتمكن في ربع الساعة الاخير، قبل الانتخابات، من استبدال العجز بالمعجزة، خصوصاً مع تدلّي الاسلاك السياسية والانتخابية من أعمدة الكهرباء
ويقول وزير الطاقة سيزار ابي خليل لـ»الجمهورية» إنه رفع الى مجلس الوزراء تقريراً مفصّلاً حول التدابير المطلوبة لمعالجة ازمة الكهرباء جذرياً، مشيراً الى انّ التقرير يتضمن 13 إجراء، تشكل في مجموعها سلة متكاملة للحل النهائي استناداً الى ورقة سياسة قطاع الكهرباء، بدءاً من مسألة معمل دير عمار وصولاً الى التعديلات المطلوبة على قانون الكهرباء 462 مروراً بكل الجوانب المتصلة بهذا القطاع، علماً انّ كل إجراء مقترح أرفقته بالمستندات الضرورية، وقد احتاج الامين العام لمجلس الوزراء، فيلفل، الى وقت وجهد لتأمين 30 نسخة عن هذا التقرير بغية توزيعها على جميع الوزراء».
ويضيف: «إذا أخذوا بالتدابير المقترحة يكون الحل شاملاً، وإذا أخذوا بنصفها يصبح جزئياً، أما الاعتراض عليها كلياً فيعني انّ هناك من لا يريد انتظام الكهرباء لغايات مريبة».
ويلفت ابي خليل الانتباه الى انه سيطلب من مجلس الوزراء «حسم أمره واتخاذ القرارات النهائية لمعالجة واقع الكهرباء»، ويقول: «سأدعو جميع الأفرقاء الى ان يتحملوا مسؤولياتهم ويتوقفوا عن سياسة المزايدات، على رغم معرفتي بصعوبة الاستجابة لهذا الطلب في الموسم الانتخابي». ويشدّد على انّ «من واجب الحكومة ان تستمر في العمل واتخاذ القرارات حتى آخر دقيقة من المهلة الدستورية»، معتبراً «انّ الاستحقاق الانتخابي لا يمكن ان يبرّر أي تقاعس حكومي».
ولدى سؤاله إذا كان يتمسّك في التقرير المرفوع الى الحكومة باقتراح البواخر؟ يجيب ابي خليل: «لقد شيطنوا البواخر، علماً انها ليست هاجسي أصلاً، بل انّ أولويتي هي تأمين الكهرباء، ولا يهمني إذا اتت براً او جواً او بحراً… نحن نحتاج الى زيادة مقدارها 850 ميغاوات، وعليهم ان يحسموا خيار الاستحصال عليها، سواء عبر معامل على البر او في البحر او عبر الاستجرار من سوريا، مع الاشارة الى انني فَنّدت في تقريري الاحتمالات وكلفة كل منها». ويتهم ابي خليل البعض بافتعال هَمروجة مصطنعة حول طريقة مقاربة «التيار الوطني الحر» لملف الكهرباء، «إمّا للتغطية على إخفاقهم في وزاراتهم، وإمّا لحسابات انتخابية صغيرة».
وعمّا إذا كان من الممكن ان تؤول حقيبة «الطاقة» الى حزب «القوات اللبنانية» في الحكومة المرتقب تشكيلها بعد الانتخابات، خصوصاً انّ رئيسه سمير جعجع متحمّس لذلك، يعتبر ابي خليل انه «من المستحيلات ان تُناط وزارة الطاقة بـ»القوات اللبنانية» في اي وقت»، مشيراً الى «انّ الأداء الوزاري لـ»القوات» عموماً، وأداءها التعطيلي والتدميري في قطاع الكهرباء خصوصاً، لا يؤهلها لتولّي هذه الحقيبة، إضافة الى انها لم تحقق أصلاً أي إنجاز في وزاراتها يسمح لها بالحصول على وزارة «الطاقة».
كيف ترد «القوات» على موقف «التيار»؟
يقول وزير الصحة غسان حاصباني لـ»الجمهورية»: «انّ الانجازات الوزارية للقوات اللبنانية واضحة بعد نحو 500 يوم فقط على دخولنا الى الحكومة، في حين أمضى غيرنا 8 سنوات في السلطة، وهذه الانجازات يلمسها الرأي العام ويعترف بها حتى خصومنا ممّن يشيدون بأدائنا الوزاري على رغم من اختلافهم السياسي معنا.
وبالتالي، فإنّ هذا الامر محسوم وغير قابل للنقاش». ويضيف: «في المقابل، ماذا حقق التيار؟ وما هو إنجازه في الكهرباء؟ حين تسلّموا وزارة الطاقة عام 2010 كانت الخسائر المتراكمة الى جانب كلفة الهدر في قطاع الكهرباء تراوح بين 13 و14 مليار دولار، امّا عام 2017 فقد وصل ارتفاع هذه الخسائر الى حدود 28 مليار دولار».
ويشدّد حاصباني على وجوب «الكَفّ عن زَج ملف الكهرباء في الحسابات الانتخابية، وعدم استسهال توجيه الاتهامات لكسب بعض الاصوات الاضافية»، لافتاً الانتباه الى «انّ موقف «القوات» ثابت قبل الانتخابات وعشيّتها، وهو تأمين الكهرباء بأقل كلفة وأفضل شروط»، مُستغرباً «تَحسّس وزير الطاقة من ملاحظاتنا التي لا تستهدف شخصاً او فئة وإنما ترمي الى ضمان التقيّد بالقوانين المرعية الإجراء».
ويرى حاصباني انه «يحقّ لكل وزير ان يناقش اي ملف يُعرض على طاولة الحكومة، وهذا يندرج في صميم واجباته، ونحن لا نريد تلقين وزير الطاقة ما الذي يجب ان يفعله، ولكن الأساس بالنسبة الينا هو ان يخضع كل قرار يصدر عن الحكومة للقوانين والاصول، وهذا هو جوهر طرحنا الداعي الى إجراء مناقصة شفّافة وتنافسية، وفق معايير ادارة المناقصات، لاستئجار بواخر الكهرباء، لا أكثر ولا أقل».
ويتساءل حاصباني: «لماذا يركزون على الطاقة المؤقتة ولا يولون الطاقة الدائمة الاهتمام اللازم؟ ولماذا تأخر الوزير ابي خليل في إتمام ما هو مطلوب منه لتأهيل الشركات المعنية بملف المعامل الدائمة علماً انه كان ينبغي الانتهاء من التحضيرات في مطلع عام 2017؟».
ويستهجن «إصرار وزير الطاقة على إطلاق النار في اتجاه «القوات»، مشيراً الى «انّ التدقيق في التفاصيل يبيّن انّ من يعرقل وزير الطاقة هو سيزار ابي خليل نفسه وليس غيره».
ورداً على تأكيد ابي خليل أنّ حقيبة «الطاقة» لن تؤول الى «القوات» مستقبلاً، يؤكد حاصباني «انّ توزيع الحقائب ليس من شأن وزير الطاقة، بل يتم من خلال التشاور بين رئيس الحكومة المكلّف والقوى السياسية المعنية».