يتخوف لبنان من تداعيات الضربة العسكرية الغربية المتوقعة على الداخل اللبناني، فيما يلاحظ ترقب القيادات السياسية اللبنانية وتجنبها عدم الانجرار وراء أي مواقف تعول على الضربة أو أخرى معارضة لها.
وقالت مصادر قريبة من رئاسة الحكومة إن الرئيس سعد الحريري متمسك بأن تحترم حكومته خيار النأي بالنفس عما يجري في سوريا وهو يدعو إلى حماية لبنان من الآثار الجانبية لأي ضربات ضد مواقع في سوريا.
ورصد المراقبون تجنب كافة المرشحين تناول مسألة الضربات المتوقعة على سوريا في حملاتهم الانتخابية في الأيام الأخيرة. ويرى هؤلاء أن اللبنانيين سئموا تسويق المواقف بشأن سوريا داخل السجال الانتخابي بين الفرقاء السياسيين، وأن الغموض حول حجم الضربات العسكرية وأهدافها السياسية يجعل كافة التيارات شديدة الحذر في مقاربة هذه المسألة شديدة الحساسية بين اللبنانيين.
وتجمع كافة مراكز الرصد الانتخابي على أن الضربات العسكرية الغربية ضد سوريا لن تغير من توازن القوى الحالي بين القوى التي تخوض الانتخابات المقررة في 6 أيار المقبل، وأن خيارات الناخب اللبناني لم تعد كثيرة الارتباط بأي تبدل ظرفي، قد يكون عرضيا مؤقتا، في المشهد الميداني السوري. ويلفت خبراء الانتخابات إلى أن المسألة السياسية المتعلقة بالعلاقة مع دمشق وطهران تقسّم اللبنانيين بشكل عام لكنها لا تنظّم اصطفافهم في الانتخابات.
ويوضح هؤلاء أن ما يسمى بالتيار السيادي المتأثر بمعسكر 14 آذار يخوض الانتخابات منقسما متنافسا في ما يكشفه غياب الاتفاق العام بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية مثلا، ناهيك عن الخصومة الحادة بين تيار الحريري والوزير السابق أشرف ريفي.
وتضيف هذه المصادر أن معسكر 8 آذار وإن كان يحتفظ بالحد المقبول من التفاهمات السياسية، إلا أنه يخوض الانتخابات متفرقا تجمعه تحالفات مع قوى داخل 14 آذار سابقا في بعض الدوائر ومنافسة مع مكوناتها الداخلية في دوائر أخرى.
ويلفت المراقبون إلى الصمت الذي يلوذ به حزب الله حيال أعراض الضربة الغربية ضد سوريا. وينقل عن مصادر قريبة من الحزب أن هذا الصمت ليس غريبا عن الصمت الإيراني النسبي إزاء هذا الاستحقاق العسكري، بحيث تتولى روسيا وحدها السجال حول الأمر مع الدول الغربية.
وتضيف هذه المصادر أن حسابات انتخابية إضافية تدفع الحزب إلى اعتماد الهدوء والروية في مواجهة الحدث.
وتقول المصادر إن الكتلة الناخبة لحزب الله باتت شديدة الحساسية ضد انخراط الحزب في ما يتعدى الشأن اللبناني، وأن مزاج الشيعة في لبنان بات منددا بأن يدفعوا هم واللبنانيون ضريبة الدفاع عن مصالح إيران والنظام السوري.
ورغم التخوف من أن تؤدي الضربات الغربية إلى حرب أوسع في المنطقة، فإن لبنان ومرشحيه يستعدون للانتخابات المقبلة معتبرين أن ما قد تشهده الأيام المقبلة سيكون محدودا ومحسوبا بحيث لا يهدد إجراء هذه الانتخابات.
وترى بعض المراجع أن الحماس الذي أبداه العالم في مؤتمر سيدر لدعم لبنان في باريس أظهر حرص العواصم الكبرى على حماية لبنان ومواكبة تطوره على الرغم من الكارثة السورية، وأن هذه العواصم حريصة على ألا يتأثر لبنان بالتداعيات التي ستنشأ عن الضربات الغربية المحتملة.