كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
انتقل الاحتقان الذي يشهده البيت الدرزي في لبنان على خلفية الانتخابات النيابية في الساعات الماضية إلى الشارع، مع تسجيل أكثر من إشكال بين مناصري رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير الأسبق وئام وهاب.
وانعكست السجالات بين رؤساء الأحزاب الدروز، التي شكلت ظاهرة جديدة في الأيام الماضية بعدما كانوا طوال السنوات الماضية تحيّد الساحة الدرزية عن الخلافات الداخلية التي تطال الملفات الاستراتيجية، على الشارع الدرزي، حيث سُجل مساء الأربعاء أكثر من إشكال في دائرة الشوف الواقعة في منطقة جبل لبنان بين شبان يؤيدون جنبلاط وآخرين يؤيدون وهاب. وأفادت المعلومات بأن الإشكالات بدأت على خلفية نزع صور لوهاب، فتطورت الأمور بعد احتجاز أحد الشبان الذين قاموا بنزع الصور، بالتزامن مع تسجيل تبادل لإطلاق النار، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني ويضع حدّاً للموضوع.
وقد سارع جنبلاط ووهاب على حد سواء لسحب الفتيل من الشارع، فشجب الأول «قيام شباب الحزب التقدمي الاشتراكي أو المناصرين بالتعدي على صور المنافسين أيّاً كانوا»، معتبراً أن أحداثاً مماثلة تساعد الخصوم مجاناً. وقال في تغريدة له على موقع «تويتر»: «اتركوهم وتجاهلوهم. وحده الصوت التفضيلي يقرر».
من جهته، دعا وهاب إلى «تهدئة الأمور وعدم التخاصم أو التصادم من أجل صورة»، مشدداً على أن «كل المقاعد النيابية لا توازي نقطة دم».
وكانت الخلافات الدرزية – الدرزية انفجرت، مطلع الأسبوع، مع توجيه رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» وزير المهجرين طلال أرسلان، رسالة إلى النائب جنبلاط قال إنها «الأقوى في التاريخ»، اعتبر فيها أن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي»: «مقتنع بأن قوته تأتي بالتزعم على مجتمع ضعيف يحتاجه في كل شيء، بصحته ولقمة عيشه، بالترغيب والترهيب».
واقتصر رد جنبلاط على أرسلان عبر تغريدة قال فيها: «لا داعي للدخول في مساجلة مع أمير الوعظ والبلاغة والحكم. أما وأنني على مشارف الخروج من المسرح، أتمنى له التوفيق مع هذه الكوكبة من الدرر السندسية والقامات النرجسية. أنتم، كما قال جبران، في النور المظلم، ونحن في العتمة المنيرة».
وأوضح مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس، أن حزبه أصدر أكثر من بيان دعا فيه مناصريه للالتزام بالقوانين والأصول واحترام حرية الرأي والتنوع، لافتاً إلى أن لديه «كامل الثقة بأن المواطنين سيُقدمون على الاستحقاق بكثير من المسؤولية، لكن يبقى الدور الأساسي للقوى الأمنية لمواكبة الاستعدادات للانتخابات، ومنع الإشكالات». وقال الريس لـ«الشرق الأوسط»: «النائب وليد جنبلاط حريص كل الحرص على حماية التعددية والاستقرار داخل الساحة الدرزية، كما أن اللبنانيين يعون تماماً كيف اندلعت السجالات الأخيرة، وأن أسبابها تنحصر بلزوم الاستهلاك السياسي والانتخابي». وأضاف: «لن ننجر إلى سجالات جانبية لأن المعركة الحقيقية بعد أسابيع، وهي معركة ديمقراطية بامتياز ننتظر كما كل اللبنانيين بشغف».
ولم تقتصر السجالات داخل البيت الدرزي على جنبلاط وأرسلان، بل شن وهاب أخيراً أيضاً هجوماً على أرسلان، علما بأن الطرفين جزء من نفس فريق «8 آذار» السياسي، ويدوران في فلك «حزب الله». واتهم رئيس حزب «التوحيد العربي»، وزير المهجرين بممارسة «أبشع عمليات التمييز والهدر» وزارته.
وتتزامن السجالات الدرزية – الدرزية مع احتدام الحملات الانتخابية قبل نحو 3 أسابيع على موعد الاستحقاق النيابي، بعد فشل القوى السياسية الأساسية في دائرة الشوف – عاليه في التوافق على تشكيل لائحة ائتلافية، كان يسعى إليها النائب جنبلاط. وتتنافس في الدائرة المذكورة حاليا 6 لوائح، الأولى هي لائحة «المصالحة» شكلها جنبلاط بالتحالف مع تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، الثانية شكلها أرسلان و«التيار الوطني الحر» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي» باسم «ضمانة الجبل»، الثالثة شكلها وهاب، الرابعة حزب «الكتائب» ومستقلين، أما الخامسة والسادسة فلائحتان تمثلان المجتمع المدني.