اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون أن “لبنان نال نصيبه من الإرهاب، وهو إن يكن قد تغلّب عليه، فإنه لا يزال يحمل تبعات الأزمات المتلاحقة حوله، من الأزمة الاقتصادية العالمية، إلى الحروب التي طوّقته، وصولاً الى أزمة النزوح التي قصمت ظهره وجعلته يغرق بأعداد النازحين”. وأشار إلى أن لبنان تلقى بحكم الجغرافيا والجوار العدد الأكبر من موجات النزوح “ما يفوق قدراته على الاستيعاب والمعالجة؛ فلا مساحته ولا كثافته السكانية ولا وضعه الأمني ولا بنيته التحتية ولا سوق العمل فيه قادرة ان تتأقلم مع هذا الدفق السكاني”.
وتوجه عون، خلال كلمته في القمة العربية الـ29 في السعودية، إلى الحضور بالقول إن “مشكلة النزوح السوري تعنينا جميعاً، ولا يجوز أن تتحمّل عبئها فقط دول الجوار السوري، بحكم سهولة الانتقال والوصول إليها”.
وأكد عون أن القضية الفلسطينية تمثّل “الموقع المتقدّم في قلب التطورات، وهي أساس اللا استقرار في الشرق الأوسط”، معتبرًا أن “التغاضي الدولي، حتى لا نقول التواطؤ الدولي، عن كل ما قامت وتقوم به إسرائيل، من تدمير وتهجير وسلب حقوق على مدى عقود هو لبّ المشكلة”. وأضاف أن الاعتداءات الإسرائيلية على السيادة اللبنانية “تتواصل من دون رادع، وأيضاً خرقها للقرار 1701، واستخدامها الأجواء اللبنانية لضرب الداخل السوري، بالإضافة الى تهديداتها المتواصلة بإشعال الحرب”.
ورأى عون أن المبادرة العربية للسلام “لا تزال المرجعية الوحيدة التي تحظى بإجماع الأشقاء العرب وهو إجماع يمكن البناء عليه لاستئناف المساعي التي تؤدّي الى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، حل يحفظ الأرض والهوية، إذ من دونهما لا يقوم وطن ولا شعب”. وتابع أنه “لا يمكن لأي موقف لنا أن يكون فاعلاً ويؤثر في مجريات الأحداث ما لم يكن محصّناً بوحدتنا الفعلية، وما لم نكن جميعاً داعمين له بالقول والفعل، لذلك فإن الحاجة الى مبادرة إنقاذ من التشرذم الذي نعيش أصبحت أكثر من ضرورة”.
وشدد عون على أن المجتمع اللبناني “هو نقيض العنصرية والأحادية، وهو نموذج لعيش الوحدة ضمن التعددية والتنوع”، مشيرًا إلى أن التجربة اللبنانية أثبتت أن الحوار هو الحل “فعلى الرغم من كل الاختلافات السياسية والتصاريح النارية ظلّت وحدتنا الوطنية هي السقف”. وتابع “لبنان ظلّ قادراً على منع انتقال الشرارة اليه على الرغم من كل الغليان حولنا، ذلك أن اللبنانيين تعلموا من تجارب الماضي وصاروا يعرفون جيداً أن الحرب الداخلية لا تحل مشكلة وأن لا رابح فيها بل الجميع خاسرون، والحل لا يكون إلا باللقاء والحوار، وهذه التجربة يمكن أن تعمم لتكون نموذجاً”.
وختم عون: “الأخطار كثيرة، والتحديات كبيرة، ومسؤوليتنا جسيمة، ويبقى أن نختار ما بين المواجهة والرضوخ”.