لم نكن بحاجة لأي برهان جديد لنعرف مكانة نادي الحكمة ومكانة جمهوره. لم نكن بطبيعة الحال نحتاج الى إثباتات عن روعة ووفاء ومزايا هذا الجمهور. وبالتأكيد ايضا وأيضاً، لم يكن لدينا أدنى شك من قدرة الحكماويين على ملء ملعب غزير عن بكرة أبيه. أبداً لم يكن لدينا اي شك ولو للحظة. لكن ربما احتاج البعض الى التأكد مجدداً من اهمية هذا النادي بتاريخه وجمهوره ورمزيته لكرة السلّة اللبنانية.
ما قبل الفاينال 8 ليس كما بعده. يعترف الجميع أنّ هذه السلسلة انقذت بطولة لبنان التي كانت تعاني من بهتان وتآكل وضعف اهتمام. اما ما شهدته هذه السلسلة اعادت نفح الروح بالجسم السلّوي باعتراف الجميع. اعادت هذه السلسلة بين الحكمة والشانفيل النفس الى اللعبة التي كانت ترقد بسبات عميق. مرة جديدة أثبت نادي الحكمة انه عصب اللعبة. لا نريد ان نكون عاطفيين او غير محايدين. لكن عندما تكون الحقيقة ساطعة كالشمس لا نستطيع المواربة بطرح الامور كما هي. نادي الحكمة بما يمثله هو نبض اللعبة. من دونه لا كرة سلة. لا إعلانات لا نسبة مشاهدة لا اهتمام ولا شيء آخر من هذا القبيل. أثبتت هذه السلسلة مجددا ما هو أصلا مؤكد. لا بل زادت من قناعة “خصوم الحكمة” انّ في هذا النادي “سرّ” لن يفهمه كثيرون، سرّ وراء عشق كبير من جمهوره تجاهه يتجلى في كل مناسبة بأحلى صورة رغم النكسات والديون والصعوبات والتشققات والخلافات. وهو جاء بمثابة أكبر ردّ على من توهم بأنّ كرة السلة اللبنانية قادرة على العيش من دون هذا الجمهور.
ومن ثمّ، ما بعد هذه السلسلة ليس كما قبلها. أصبح الكثيرون يخشون مواجهة الحكمة في الادوار الإقصائية. وما كان بمثابة الخشية أصبح الآن قناعة راسخة. مواجهة هذا الفريق في الادوار النهائية امر بغاية الخطورة، واول من دفع ثمنه فريق الشانفيل الذي اضاع الملايين بحثا عن اللقب وودّع من مرحلة مبكرة. اثبت فريق الحكمة انه في غزير من الصعب جداً ان يخسر ووراءه هذا الجمهور. كما انّ الدرس الاكبر، هو درس لمن يدفع الملايين دون احتساب اهمية للكثير من الامور الاخرى والاساسية في كرة السلة، ومنها التفاني والروح الجماعية والقتالية. أمس، تجلى الدرس الاكبر بخروج الفريق صاحب الميزانية الاعلى هذا الموسم (بالتنافس مع الرياضي) امام فريق لا يستطيع دفع رواتب لاعبيه مع كل شهر. فبينما كان لاعبو الحكمة يقاتلون من اجل كل كرة، ولم يظهروا أي تأثر من مشاكلهم المستمرة منذ بداية الموسم، كان لاعبو الشانفيل الذين يحصلون على ما يريدون، يقفون عاجزين امام الضربات الواحدة تلو الاخرى وينتظرون فقط وصول الكرة إليهم للتسديد.
هكذا سطّر الحكمة أكبر الدروس…