لفتت صحيفة “الجريدة” الكويتية، إلى أن قرار الرئيس ميشال عون بإلغاء الزيارة إلى قطر ، أثار تساؤلات حول التوقيت، وهل له علاقة بمشاركته في القمة العربية في المملكة العربية السعودية والحفاوة التي استقبل بها من قبل المسؤولين هناك.
ونقل زوار عون تقديره العميق “للسعودية ملكاً وأمراء وقيادات لما لقيه من حسن ضيافة خلال مشاركته في القمة العربية، التي انعقدت في الظهران، الأمر الذي يعطي دفعاً إلى الأمام في العلاقات بين البلدين بعد العثرات التي شهدتها أخيراً”.
ونقلت أوساط مقربة من رئيس الجمهورية لصحيفة “القبس” الكويتية، ان عون فضل عدم الذهاب الى قطر في ظل ما تشهده المنطقة العربية والخليجية ، كي لا يفسر حضوره تأييدا لطرف على آخر.
من جهتها، أشارت صحيفة “الراي” الكويتية إلى أنه على وقع ارتياح لبنان الرسمي لخلاصاتِ مشاركته بالقمة العربية التي استضافتْها السعودية و”المَكاسب” التي خَرَج بها، دَهَم بيروت القرار المفاجئ لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالعدول عن زيارة قطر حيث كان مقرَّراً أن يحضر حفل افتتاح المكتبة الوطنية تلبيةً لدعوة من أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
ورغم إعلان مكتب الإعلام في “القصر” الجمهوري ان عون كلّف وزير الثقافة غطاس خوري “تمثيله في الاحتفال الذي أقيم مساء أمس في الدوحة لمناسبة افتتاح مكتبة قطر الوطنية، وذلك بعدما تَعذّر على رئيس الجمهورية المشاركة بالاحتفال نتيجة التطورات الراهنة”، فإن هذه “الأسباب الموجبة” لم تمْنع دوائر مراقبة من إعطاء تفسيرات سياسية لعدول الرئيس اللبناني، العائد من السعودية، عن زيارة قطر.
ورأت هذه الدوائر أن من الصعب قراءة هذه الخطوة، التي باغتت الأوساط السياسية بعدما كان عون عاد إلى بيروت من السعودية ليل الأحد على أن يتوجّه أمس الى قطر، من خارج سياق المناخات البالغة الإيجابية التي أحاطت بمشاركة لبنان في “قمة الظهران”، وذلك على مستوياتٍ عدة: أوّلها تكريس بيروت اصطفافها تحت سقف التضامن العربي، وثانيها تجديد العرب “مظلّة” الدعم للواقع اللبناني “وفق النص” الذي كان صدر عن قمّة الأردن قبل عام، ومع توسيع رقعة هذا الدعم ليشمل المؤتمرات الدولية التي انعقد منها اثنان منذ منتصف مارس، الأول في روما والثاني في باريس، ويبقى ثالث في بروكسيل بعد أسبوع.
ولاحظتْ هذه الدوائر أن عودة لبنان الى “الحضن العربي” وفق ما عبّرتْ عنه مداولات “قمة الظهران”، تَرافقَ مع معلوماتٍ عن إيجابية كبيرة طبعت اللقاء الذي عقده عون مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على هامش القمة في حضور رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، وصولاً الى إعلان رئيس الجمهورية ان الاجتماع “كان ممتازاً ومثمراً”، مؤكداً أن العاهل السعودي أبلغ إليه بأن الخليجيين سيعودون هذا الصيف بالتأكيد إلى لبنان، وبوقوف المملكة بجانب لبنان ودعمه في كل ما يتصل بمسيرة النهوض التي بدأتْها الحكومة الحالية.
وتبعاً لذلك، سألتْ الدوائر ما إذا كان تراجُع عون عن زيارة قطر في إطار رغبتِه بتطبيق شعار النأي بالنفس، الذي أعلنه لبنان الرسمي حيال أزمات المنطقة والتدخل بشؤون الدول العربية، على الجانب المتّصل بالخلافات العربية وتحديداً الأزمة بين قطر والرباعي العربي (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)، وذلك بما يمْنعُ إعطاءَ أي تأويلات “اصطفافية” للمحطة التي كانت مقرَّرة لعون في الدوحة وبما يراعي مقتضيات طيّ صفحة التوتّر مع دول الخليج وخصوصاً السعودية باعتبار هذه الدول من ركائز الدعم الذي يراهن عليه لبنان في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية في 6 مايو والذي جرى التوقيع عليه “بالأحرف الأولى” في مؤتمر “سيدر 1” من ضمن “سلّة المؤتمرات” الثلاث الرامية الى وضع “بلاد الأرز” على سكة النهوض الاقتصادي.
على أن مصادر رسمية أصرْت عبر “الراي“، على تأكيد مضمون البيان الذي صدر عن مكتب الإعلام في “القصر”، رافضةً إسباغ أي أبعاد أخرى على خطوة رئيس الجمهورية غير التطورات الراهنة في المنطقة في ضوء ما شهدتْه سوريا أخيراً، ولافتة الى أنّ “رئيس الجمهورية أَوْفد وزير الثقافة ليمثّله في افتتاح مكتبة قطر الوطنية، وداعية الى «عدم إعطاء الموضوع تأويلات أخرى”.
وفي الوقت الذي كانت بيروت منكبّة على تقويم نتائج القمة العربية، تسارعتْ الاستعدادات لاستحقاق 6 أيار الإنتخابي وسط معارك سياسية تشي بـ”متاعب كبرى” في مرحلة ما بعد الانتخابات واستحقاقاتها ولا سيما تشكيل الحكومة الجديدة، في ظل مؤشرات على أن عملية استنهاض القواعد تكاد أن “تحرق المراكب” في العلاقة بين بعض الأطراف وتحديداً رئيس مجلس النواب نبيه بري و”التيار الوطني الحر” (حزب الرئيس عون) وذلك من خلف إصرار “حزب الله” على إبقاء الصراع بين حليفيه تحت السيطرة، ومن خلف إشاراتٍ متزايدة عن احتمال ان تصيب شظايا “اشتباك الحليفيْن” العلاقة بين الحزب والتيار.