لا يبدو غريبا استنهاض الناخبين من قبل رؤساء الاحزاب شخصيا، كل على طريقته وحسب طبيعة المعركة في كل دائرة، وحثّهم على التوجه بكثافة الى صناديق الاقتراع في 6 ايار، وذلك تبعا لنوع وحجم المعركة السياسية التي ينوي هذا الفريق او ذاك خوضها ضد خصومه السياسيين.
فنداءات “الاقبال” على الانتخاب التي تتخذ اشكالاً عدة، منها الاطلالات الكثيفة و”اللافتة” كالامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، والجولات الانتخابية المتلاحقة كرئيس “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري ورئيس “التيار الوطني الحرّ” الوزير جبران باسيل، واللقاءات “المناطقية” شبه اليومية كالتي يُجريها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، انما الدليل القاطع الى ان الامتحان الاصعب امام معظم القوى السياسية رفع نسبة الاقتراع لحماية لوائحها من اكبر قدر ممكن من الاختراق وضمان الصوت التفضيلي لايصال مرشحيها لاسيما الحزبيين.
“حزب الله” المعروف بقدرته على “فرض” الانضباط الانتخابي في يوم الاقتراع عبر اللجوء عند الحاجة الى ما يُعرف “بالتكليف الشرعي” الذي استخدمه عشية فتح صناديق الاقتراع في دورة العام 2009، يبدو انه يستخدم في هذا الاستحقاق “تكتيكاً” محدداً لحثّ “جمهور المقاومة” على الانتخاب من دون ان يعني ذلك إحجامه عن “التكليف الشرعي” في ربع الساعة الاخير، يبدأ من اطلالات امينه العام على المحازبين والمناصرين كان اخرها في البقاع الغربي وراشيا منذ اسبوع، مروراً باللقاءات الحزبية الضيّقة التي تجمع مرشّحي الحزب مع الناخبين في دوائر عدة، وقد تتوّج بالتجول الشخصي “اذا اقتضى الامر” لنصرالله بين الشوارع والقرى (اعلن عن ذلك اكثر من مرّة اثناء حديثه عن معركة بعلبك-الهرمل) لحث اهلها على الاقبال على الاقتراع، ما دامت النسبية تُعطي لكل صوت حقّه في التمثيل على عكس النظام الاكثري.
واذا كانت ماكينته الانتخابية تصل الليل بالنهار كي تأتي نتائج 6 ايار مطابقة لمواصفات معادلة 27/27 اي ضمان فوز معظم النواب الشيعة على لوائح الثنائي الشيعي في دوائر الجنوب والبقاع وجبل لبنان وبيروت، وبالتالي عدم السماح “بتسلل” الخصوم الى “البيت الشيعي” و”تشليحه” نواباً، خصوصاً في معركة بعلبك-الهرمل التي يواجه فيها ثنائي “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” عبر لائحة “الكرامة والانماء”، فان التحدّي الاكبر الذي يواجهه مع استحقاق هذا العام، يكمن في ازمة سوريا التي تحتضن في ميادينها “شباب المقاومة” الذين التحقوا بالجبهات منذ العام 2012 ولا يزالون حتى اليوم. فهل سيستطيع الحزب “تأمين” عودتهم ولو لساعات الى لبنان للادلاء بأصواتهم طالما ان المعركة معركة حواصل انتخابية واصوات تفضيلية؟
مصادره التي تُطمئن الى “ان وضعنا الانتخابي جيد واستعداداتنا على أكمل وجه و”6 ايار” لناظره قريب”، تؤكد لـ”المركزية” “ان مسألة تأمين “العودة السريعة” لمقاتلينا من الجبهات السورية باتت شبه مُنجزة وتخضع لمعيارين: ايجاد “البديل” عنهم في الجبهات عندما يتركونها متوجهين الى لبنان للاقتراع، ومعيار زمني مرتبط بالمدة التي تستغرقها العودة، من لحظة تركهم المواقع العسكرية حتى العودة اليها بعد اقتراعهم في بلداتهم”.
وإذ يتميز الثنائي الشيعي، وتحديداً “حزب الله” بـ”شبابية” قاعدته الانتخابية، وتالياً فإن معظم مقاتليه الذين التحقوا بالمعارك في سوريا هم من الشباب، لا سيما الذين بلغوا سن الاقتراع 21. وهنا توضّح مصادر الحزب “ان المقاتلين الشباب سيشاركون في الانتخابات، وتأمين وصولهم الى لبنان مسألة “أربع ساعات” ققط، ما دامت معظم قواعدنا العسكرية في سوريا قريبة الى حد ما من لبنان، وعودتهم ستكون مقسّمة الى فئتين: فئة قبل الظهر لتلتحلق مجدداً بمراكزها، وفئة ثانية تقترع بعد الظهر”.