IMLebanon

عن الآثار السياسية لاستبعاد النائب أنطوان سعد

كتب ناصر زيدان  في صحيفة “ألأنباء”:

كاد إغفال تسجيل اسم النائب انطوان سعد عن لائحة المستقبل في دائرة البقاع الغربي وراشيا، ان يفجر خلافا واسع النطاق بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط، لكن حجم المصالح المشتركة، وأهمية الترابط التاريخي بين الطرفين، حالا دون تفاقم الخلاف، خصوصا ان جمهور الفريقين يرتاحان للتعاون بينهما. والجمهور المؤيد للرئيس سعد الحريري لا ينسى مواقف النائب وليد جنبلاط، وقد تجاوب مع خطاب مرشح الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وائل ابوفاعور في احتفال إعلان اللائحة في الروضة بالتصفيق بشكل لافت، والجمهور المؤيد لرئيس اللقاء الديموقراطي، لا ينسى بصمات الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومواقفه، والعلاقة التاريخية التي تربط بين وليد جنبلاط وسعد الحريري، وصورة الأخير مرتديا الكوفية في احتفال 19 مارس 2017 في المختارة، إبان نقل مهام المسؤولية الى تيمور جنبلاط، مازالت راسخة في الأذهان.

يقول المثل العامي في لبنان: «العتب على قدر المحبة». لقد كان لإبعاد النائب اللواء انطوان عن لائحة البقاع الغربي وراشيا في الدقائق الأخيرة، وقع الصاعقة عند الحزب التقدمي الاشتراكي، خصوصا ان الأمر اعقب اختلالا حصل في تركيب لائحة «المصالحة» بين الفريقين والقوات اللبنانية في دائرة الشوف وعاليه، حيث تم تجاهل ترشيح شخصيتين تمثلان الساحل الشوفي، لاسيما من مدينتي برجا والدامور، مما أعطى هدية مجانية قد يستفيد منها مرشحو التيار الوطني الحر.

عدم تبني ترشيح النائب انطوان سعد يحمل بعض المدلولات، حتى ولو كان بفعل المصلحة الانتخابية فقط. لأن خصوصية سعد لا يمكن تجاهلها. أولا كونه ضابطا كبيرا متقاعدا من الجيش، وعاش حياته العسكرية مناهضا للوجود العسكري السوري في لبنان على مدى 25 عاما، وهو وقف بجرأة في طليعة الصفوف في ثورة الأرز في 14 آذار 2005، بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. واكثر من ذلك، فإن سعد لم يجار رئيس كتلته النيابية وليد جنبلاط في العام 2010 في تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة – عندما سماه جنبلاط تجنبا لحرب أهلية كادت تقع في حينها – واختار سعد البقاء الى جانب الرئيس سعد الحريري.

والجانب الآخر الذي يعطي بعدا سياسيا واسعا من جراء عدم تبني ترشيح انطوان سعد، هو ان سعد كان المنافس الجدي لنائب رئيس مجلس النواب السابق المرشح ايلي الفرزلي. والفرزلي يعتبره البعض احد الودائع السورية الجديدة المنتظر فوزهم في المجلس النيابي الجديد، وهو مرشح فعلي لتولي منصب نائب رئيس المجلس المناط بطائفة الروم الأرثوذكس. وقد اعلن رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل تأييده لترشيح الفرزلي.

لا يوجد دليل على سوء نية وراء استبعاد سعد، ولكن حسابات حقل المصالح الخاصة المحلية لا تتلاقى مع حسابات البيدر الإستراتيجية، بحيث ان خسارة سعد لا يعوضها ربح نائب في مكان آخر. كما ان فوز الفرزلي، لا يتعادل بأهميته مع فوز اي نائب آخر من الفريق المقابل، نظرا لمكانة الفرزلي الكبيرة عند الفريق الذي كان معارضا للرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومؤيدا للتدخل السوري في شؤون لبنان.

رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط يبدي مخاوف من انقلاب المعادلات، وبالتالي تسهيل مهمة فريق سياسي يحاول الاستئثار بالحياة السياسية في لبنان وإلغاء دور القوى السيادية والوسطية. والرئيس سعد الحريري يحاول بكل جهد نسيان الماضي، او تجاهله لصالح مقاربات عنوانها الاستقرار والإنماء. ولكنه يسير بين الألغام التي زرعها أعداء والده الشهيد.

مهما يكن من أمر، فإننا لا نستطيع تجاهل رأي الناخبين الحاسم في صناديق الاقتراع، والتي قد ترفض كل – او بعض – ما اتفق عليه السياسيون.