كتبت ليا قزي في صحيفة “الأخبار”:
أطلقت لائحة التضامن الوطني في دائرة جبل لبنان الأولى (كسروان الفتوح وجبيل) النفير العام تحضيراً للانتخابات النيابية. وصلت متأخرة إلى السباق الانتخابي، الأمر الذي يتطلب مضاعفة العمل. هناك ماكينتان انتخابيتان للائحة، تؤكدان أنّ الحاصل أصبح مؤمناً، في وقت ما زال المُتابعون للشأن الانتخابي يُشككون في ذلك.
منذ أن قرّر التيار الوطني الحرّ، فكّ التحالف الانتخابي مع حزب الله في كسروان الفتوح ــ جبيل، وعناصر وكوادر «الحزب» مُستنفرون من أجل تأمين الحاصل الانتخابي. «كلّ شخص هو ماكينة انتخابية قائمة بذاتها»، تقول مصادر حزبية. كوادر جبيل في حزب الله، الذين يتواجد معظمهم في بيروت، انتقلوا إلى دائرة جبل لبنان الأولى. التواصل مع الناخبين في المنطقة، يتمّ عبر طرق الأبواب. بيت ثم بيت… ولا يقتصر الأمر على أبناء الطائفة الشيعية. يُعتبر «الحشد التنظيمي»، بحسب المصادر، «أمراً طبيعياً لأنّ حزب الله لا يخوض الانتخابات هذه المرّة مع أحزاب كبيرة، بل مع أفراد مُستقلين».
تُحاول لائحة «الفدائيين» في كسروان الفتوح ــ جبيل (كما وصفها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله)، المؤلفة من تحالف حركة التضامن الوطني وحزب الله، كسر الجدران. هو جدار طائفي، بالدرجة الأولى، «وأوهام تجري محاولات تبديدها من خلال التواصل المُباشر مع الناس». أهمية الحوار أنّه «يتم هذه المرّة بالأصالة وليس بالوكالة». لسنواتٍ خلت، كان حزب الله يتلطى تحت مظلّة التيار الوطني الحر في المنطقة، مُختصراً عمله داخل «بيئته» فقط.
بعد إعلان اللائحة من مُجمع الـ«إدّه ساندس» في جبيل (يملكه رجل الأعمال روجيه إدّه، المُعارض لسياسة حزب الله، ولكنّه وعد بتجيير الأصوات التي يمون عليها إلى لائحة التضامن الوطني، على حدّ قول الوزير السابق جان لوي قرداحي)، اجتمع أعضاء اللائحة أمس في «البلاتيا» (مالكه رئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح جوان حبيش، الذي شكره قرداحي على الاستضافة)، في لقاء «نخبوي وليس شعبياً» مع أبناء المنطقة. اختير هذا الوصف لتبرير، ربّما، غياب المُشاركة الكبيرة في الحدث، بعد أن تعهّد أعضاء اللائحة (باستثناء حسين زعيتر) أنّهم سيهتمون بالدعوات. تكلّم خلال اللقاء كلّ من زينة الكلاب وميشال كيروز وكارلوس أبي ناضر وبسّام الهاشم وجان لوي قرداحي الذي استذكر ذكرى مجزرة قانا، مُتحدثاً عن «لبنان القوي» الذي لا يكون إلّا من خلال الوحدة الوطنية.
الموعد الثالث، حُدد يوم الاثنين في ٢٣ نيسان، في الضاحية الجنوبية لبيروت (مجمع سيد الشهداء) حيث ستكون هناك كلمة للسيد نصرالله. كان من المُفترض أن يُنظم الاحتفال في جبيل، ولكنّ أسباباً عدّة حالت دون ذلك. يقول قرداحي إنّه «بالمضمون لا يوجد مانع من إقامة احتفال في جبيل، ولكن هناك ملاحظات في الشكل». نصح قرداحي أن يكون الاحتفال في جمعية المبرات الخيرية في جبيل وليس في واحدة من بلدات القضاء، «وكان من المُقرّر أن يُنظم هناك»، قبل أن يتبين أنّ «أغلب مناصري الحزب في جبيل يسكنون في بيروت، لذلك هناك مشقة تأمين وصولهم إلى جبيل. وثانياً، الوضع الأمني دقيق، لا نعرف من قد يتسلل إلى الاحتفال ويخترع خلافاً».
نقاط الضعف التي تُعاني منها «التضامن الوطني» تنقسم إلى شقين. أولاً، الاعتراض على ترشيح الشيخ حسين زعيتر، وتركيز خصومه على كونه من البقاع. يتفرّع من هذه النقطة، وفرة عدد المُرشحين عن المقعد الشيعي في جبيل. ثانياً، غياب الأسماء اللامعة عن لائحة التضامن، وصعوبة تسويقها في الشارع الكسرواني ــ الجُبيلي، لا سيّما مع ارتفاع حدّة الانتقادات إلى المُرشحين بأنّهم «كمالة عدد للائحة حزب الله». لقاء «البلاتيا» أمس، كان الامتحان الأول غير الموفق نسبياً. كما أنّ أخباراً عدّة، تنتشر في الشارع عن أنّ «حزب الله يدفع المال مُقابل تأمين الأصوات اللازمة… عُرض على إحدى عائلات العشائر في الجرد الجُبيلي مبلغ ٨٠٠ دولار مقابل الصوت الواحد… وقد دُفع لكلّ مُرشح مبلغاً من المال من أجل القيام بحملته». تنفي مصادر لائحة التضامن ذلك، «موازنتنا تشغيلية فقط». أما قرداحي فيؤكد أنّه يتولّى «قسماً أساسياً من التمويل، وكلّ مُرشح قدّم ما يقدر عليه، ووُضعت الأموال في صندوق مُشترك. التمويل هو ضمن سقف القانون».
للائحة ماكينتان انتخابيتان. ماكينة «التضامن الوطني» التي تعمل في شكل أساسي «على الناخبين من الطائفة المسيحية. جبيل هو المركز الرسمي، ومنه تتفرع مكاتب في ذوق مكايل وغزير وجونية وحراجل. في كلّ واحد من هذه المكاتب هناك مراكز إحصاء وعدد من المندوبين»، يقول قرداحي. أما الماكينة الثانية، فهي التابعة لحزب الله، «والتي تُنسّق في شكل يومي مع بقية المراكز الانتخابية»، بحسب مصادر في اللائحة. معركة هذه الماكينة الأساسية هي على مقعد حسين زعيتر، أما «خصم اللائحة الوحيد في الدائرة، فهو الحاصل الانتخابي». معظم المعطيات تُشير إلى أنّ «التضامن الوطني» تُنافس من أجل ضمان الحاصل، ولكن ما زال الخطر ماثلاً. أما من وجهة نظر «الفدائيين»، فالحاصل «شبه مؤمّن مع العمل على رفع نسبة اقتراع الناخبين الشيعة إلى ما بين الـ١٠٥٠٠ صوت و١١ ألف صوت»، إضافةً إلى الحصول على «تعهّد من الحزب القومي، والناخبين الأرمن، وبعض أطياف اليسار، بأنّهم سيقترعون للائحة».
ماذا عن الجمهور الناقم على سياسة التيار العوني؟ تؤكد مصادر لائحة التضامن أنّنا «لا نعمل على سحب الناخبين المؤيدين للتيار، ولكن هناك من كان إلى جانبه في الماضي أو مُتضرر من سياسته قرر التصويت لنا. نتائج صناديق الاقتراع في البلدات ذات الطابع المسيحي ستُفاجئ الجميع».
لا يعمل المُرشحون كلائحة، «بسبب قانون الانتخابات الذي فرض أن يقوم كلّ شخص بمعركته وحده»، تقول المصادر. جان لوي قرداحي يُضيف بأنّ هذه اللائحة «لديها عنوان وقضية، وعلى هذا الأساس سيتم الاقتراع». كل واحد من المُرشحين لديه هدفه: قسمٌ يبني للمرحلة المقبلة، وآخر يُريد أن يُثبّت موقفاً بأنه موجود… «ولكن كلّنا نُناضل من أجل هدف مُشترك، ولا يهمّ من يصل منّا. هذا المُهم وما يُميزنا عن بقية اللوائح». ويؤكد قرداحي أنّ حركة التضامن الوطني «ناد سياسي سيستمر في النضال بالشأن العام، ما بعد ٦ أيار… مهما كانت النتيجة».