مع اقتراب موعد الانتخابات اللبنانية المقررة في السادس من ايار المقبل، بدأت القوى السياسية تستخدم كل «أسلحة المعركة» تحضيراً لهذا اليوم الذي تشكّل «دائرة بعلبك الهرمل» أحد أهم معاركه، حيث سيكون «حزب الله» في مواجهة هي الأولى من نوعها مع خصومه. ولا يغيب مقاتلو الحزب الذين يحاربون في سوريا منذ عام 2012 عن هذه المعركة السياسية، حيث سيكون حضور الناخبين منهم للإدلاء بأصواتهم أمراً بديهياً ليعودوا بعدها إلى قواعدهم العسكرية.
ويعكس اهتمام «حزب الله» وخصومه بهذه المعركة، مدى أهميتها بالنسبة إلى الطرفين، وبخاصة أنها تكاد تشكّل المواجهة الوحيدة بين اصطفافات «فريق 14 آذار» و«فريق 8 آذار» في هذه الانتخابات. وهي لطالما شكّلت محوراً أساسياً في خطابات أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، بينما رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنها «مرتبطة بوجودنا»، واختصرها أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري بالمنافسة على مقعد مع المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، المرشح على لائحة «الثنائي الشيعي».
وفي حين يؤكد غالب ياغي، المرشح في لائحة «تيار المستقبل» و«حزب القوات اللبنانية» في البقاع الثالثة، توظيف «حزب الله» كل أسلحته في هذه المعركة بما فيها التحضير لمشاركة مقاتليه واللبنانيين الذي يعيشون في حمص والقصير وبعض المناطق السورية في الانتخابات، لا تنفي مصادر مطّلعة على موقف «حزب الله» مشاركة المقاتلين في الانتخابات، مع تأكيدها لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الأمر لا يرتبط بما يعتبره البعض خطراً على معركة «بعلبك الهرمل» التي يخوضها الحزب وحلفاؤه مطمئناً ومرتاحاً لنتائجها قبل حصولها.
وتقول المصادر، إن «عدداً كبيراً من هؤلاء هم ما دون سن الـ21 عاماً، وبالتالي لا يحق لهم الاقتراع، ولن يكون تنظيم مجيئهم إلى لبنان يوم الانتخابات مختلفاً عن خطة إعادة التموضع التي يقوم بها الحزب في صفوف مقاتليه بين فترة وأخرى، ويسمح بموجبها لعدد منهم زيارة لبنان ومن ثم العودة إلى مراكزهم».
وتوضح المصادر «أن المقاتلين الشباب سيشاركون في الانتخابات، وتأمين وصولهم إلى لبنان مسألة أربع ساعات فقط، ما دامت معظم قواعدنا العسكرية في سوريا قريبة إلى حد ما من لبنان، وعودتهم ستكون مقسّمة إلى فئتين: فئة قبل الظهر لتلتحق مجدداً بمراكزها، وفئة ثانية تقترع بعد الظهر».
وفي حين تغيب التقديرات الدقيقة حول عدد مقاتلي «حزب الله» في سوريا، يلفت مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أنه يتراوح بين سبعة وثمانية آلاف موزعين بشكل أساسي في جنوب دمشق والبادية السورية، وريف حلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، في حين يرجّح غالب ياغي أن يشكّل عدد المقاتلين من أبناء «بعلبك – الهرمل» ما بين ألفي وثلاثة آلاف شخص.
ويلفت ياغي الذي تبذل لائحته بدورها كل الجهود لخرق لائحة الثنائي الشيعي، إلى أنه، وإضافة إلى هؤلاء المقاتلين، يركّز الحزب في حملته على اللبنانيين الشيعة القاطنين في سوريا، وتحديداً في حمص والقصير، وذلك بالتعاون مع النظام السوري ويبلغ عددهم نحو ستة آلاف ناخب. ويضيف «أما بالنسبة إلينا فيمكن القول إننا مطمئنون إلى توجه الأصوات المسيحية والسنية، بينما التركيز هو أيضاً على الأصوات الشيعية التي لطالما اعتبر الثنائي الشيعي أنهم يصبّون في مصلحته». مع العلم أن حملة «المستقبل – القوات» واللوائح المعارضة للثنائي التي تبلغ جميعها أربعاً، ترتكز بشكل أساسي على الإهمال التي تعاني منه المنطقة بعد 25 سنة من وجود الحزب في الحكم والحرمان الذي تعيشه، إضافة إلى استبعاد أي مرشح من مدينة بعلبك، ومحاولات فرض اللواء جميل السيد عليهم». وهو ما يلفت إليه ياغي قائلاً: «مستمرون في خوض المعركة، ونعتمد على المواطنين الذين ملّوا من هذا الواقع الذي يعبر عنه عدد كبير من أهالي البقاع».
وفي حين تشير توقعات «الدولية للمعلومات» إلى أن خرق لائحة «الثنائي الشيعي» في هذه الدائرة سيكون بمقعدين حداً أقصى، وهناك صعوبة بالوصول إلى ثلاثة مقاعد، يؤكد ياغي أن السعي هو لتحقيق خرق بثلاثة أو أربعة مقاعد، موزعين بين سني ومسيحي وشيعيين، بما فيها الإطاحة باللواء جميل السيد، ناقلاً عن مصادر في «حركة أمل» قولها إن «هناك قراراً بعدم التصويت له».
ويبلغ عدد الناخبين في دائرة البقاع الثالثة 308 آلاف و997 شخصاً، يشكّل الشيعة نحو 74 في المائة منهم، والسنة نحو 13 في المائة، والموارنة 7.3 في المائة، والكاثوليك 5.3 في المائة، أما عدد المقاعد فهو 10، وتتوزع على 6 شيعة، 2 سنة، 1 موارنة، 1 روم كاثوليك».