Site icon IMLebanon

في عيدها الـ67… أساتذة الجامعة اللبنانية يناشدون والسلطة تتعامى

كتبت ناتالي إقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

تُطفئ الجامعة اللبنانية شمعتها الـ67 على وقع مواصلة أساتذتها إضرابهم للأسبوع الثاني على التوالي بعدما تمّ استثنائهم من الزيادات التي لحقت القطاع العام، وملازمة أكثر من 75 ألف طالب منازلهم، من دون أن يرفّ للسلطة جفن، «التطنيش» سيّد الموقف. فيما ستلبّي رابطة الاساتذة المتفرغين دعوة وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده للاجتماع معه اليوم، وللاطلاع منه على حيثيّات جلسة مجلس الوزراء.

للمرة الثالثة على التوالي وخلال 10 أيام يتحرك أساتذة الجامعة اللبنانية ليس فقط لتحصيل حقوقهم إنما دفاعاً عن الصرح التربوي الرسمي الوحيد الذي يقدم التعليم العالي.

أمس، وعوض من أن يتجمعوا لقطع قالب الحلوى وشرب نخب نجاحهم مع طلابهم وما حققوه للبنان على مدى 67 عاماً في مختلف الميادين الاكاديمية، عوض من أن يقفوا في الساحات معززين مكرّمين، إعتصم الاساتذة في ساحة رياض الصلح، بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي.

في التفاصيل

«العَضّ ع الجرح»، سياسة تبنّاها الاساتذة لفترة طويلة بصمت، إلى ان وجدوا حقوقهم تُقضم شيئاً فشيئاً، وأنهم الوحيدون في القطاع العام الذين تمّ استثناؤهم من الزيادة، لا سيما بعدما منح القضاة ثلاث درجات في آخر جلسة لمجلس النواب، ممّا خلق فجوة كبيرة بين الطرفين.

منذ الساعة العاشرة صباحاً بدأ الاساتذة يتوافدون إلى ساحة رياض الصلح وسط تدابير أمنية مشددة إستعداداً للاعتصام بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء. ككرة ثلج بدأ عدد المتظاهرين يكبر، من دون شعارات ولا عناوين طنّانة ورنّانة، وردّاً على سؤال «الجمهورية» للبعض منهم، «وين اليافطات؟»، كان الجواب: «نحن موحّدون حول مطالبنا المعروفة، الحفاظ على كرامة الجامعة وأساتذتها مش أكتر».

«خَيّطو بغير هالمسَلّة»

من جهته، أكد علي رمال، وهو دكتور في علوم الإعلام والإتصال، «انّ رهان من في السلطة على اننا سنضعف او نستسلم هو رهان خاسر. بالأمس إعتصمنا واليوم نملأ الساحات، فالنضال جزء من حياتنا، ولولا النضالات التي خضناها على مدى أعوام لم يكن ليبلغ الاساتذة أيّاً من مكتسباتهم، والشارع هو المكان للتعبير في أي مجتمع ديمقراطي، ومن يعتبر انّ الشارع لا يليق بالاساتذة «يخَيّط بغير هالمسَلّة». الوقفات النضالية هي تشريف لأي طبقة في المجتمع».

وتابع في حديث لـ«الجمهورية»: «نحن نعيّد العيد الـ67 للجامعة تحت عنوان «صناعة الريادة»، لا بد من الاستثمار في البشر في الكادرات التي تخرّجها «اللبنانية» عوض من أن نصدّر للخارج طاقات شبابنا، او ننتظر الخارج كي يزوّدنا بدراسات، فـ«اللبنانية» تضمّ 6 آلاف أستاذ بين متفرّغ ومتعاقد، هي خزّان علمي ومعرفي يفيد الدولة بمشاريعها كافة». ولفت إلى انّ «مطالبة الاساتذة بمنحهم 4 درجات هي السقف الادنى، ولا تفي الاستاذ الجامعي حقّه، إنما على الاقل تميّزه وتحد من فكرة التعامل معه باستهتار».

تزوير مريب!

بدورها، أعربت الدكتورة وفاء أبو شقرا في كلية الإعلام، عن «حرصها في المشاركة بأيّ اعتصام مرتبط بالجامعة اللبنانية»، مشيرة إلى انّ «اعتصامهم أبعد من مطالب مادية محدودة إنما نتيجة استشفاف محاولة لإضعاف الجامعة بأكثر من قناة أو أسلوب، وسلوك تجاه الاساتذة.

هناك إستهداف حقيقي لدورنا وموقعنا». وتابعت في حديث لـ«الجمهورية»: «هناك محاولة من السلطة بشكل خبيث تصوير انّ للاساتذة مطالب فئوية مادية صرف، وأنانية، محاولين وضعنا في مواجهة مع الطلاب، وهذا تزوير مريب للحقائق».

أمّا الدكتور حسين سعد، فاعتبر «انّ على مجلس الوزراء أن يقف وقفة وطنية مسؤولة، والبَتّ بإيجابية في مطالب الاساتذة لفك أسر الجامعة أو يتحمل مسؤولية إبقائه الطلاب في منازلهم وأساتذتهم في الشارع». مؤكداً، في حديث لـ«الجمهورية»، «انّ الجامعة موحدة برئيسها وموظفيها وأساتذتها وطلابها، ولن يترددوا جميعهم بالمشاركة في الاعتصامات».

من جهته أعرب أمين سر رابطة الاساتذة الدكتور إيلي الحاج موسى، «انّ وقفة الاساتذة كتفاً إلى كتف في الساحات هي رسالة واضحة للسلطة أنّ مطالبنا محقة. لذا، نأمل أن يؤدي ضغطنا إلى حلول إيجابية في أسرع وقت، كي نعود إلى صفوفنا وندرّس بشكل طبيعي»، مشدداً «على حرص الاساتذة على عدم إضاعة العام الجامعي واستعدادهم للتعويض على طلابهم».

لماذا التشويش على الرابطة؟

إنتهت جلسة مجلس الوزراء من دون أي نتيجة ملموسة، بإستثناء مناشدة وزير التربية مروان حمادة الاساتذة «فك الاضراب لأنّ هناك 70 ألف طالب على الاقل في الجامعة بانتظار نيل شهاداتهم وتأمين فرص عمل لأنفسهم»، مشيراً إلى انه «أخذ رأي مجلس الوزراء وأجرى اتصالات بكافة الزملاء من كل الكتل لكي يمر الأمر باقتراح قانون معجّل مكرر في مجلس النواب، ينصّ على إعطاء افراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية ثلاث درجات اضافية مع احتفاظهم بحقهم بالاقدمية المؤهلة للتدرّج، على أن يُجاز للحكومة اصدار مراسيم تأمين الاعتمادات اللازمة»، داعياً رابطة الاساتذة للاجتماع به.

لم يكد ينهي حمادة كلامه حتى استغلّ البعض الايجابية التي أبداها لتفريغ الاعتصام من مضمونه، فحاول إثارة الشائعات بين الطلاب وإضاعة بوصلة الإعتصام، مروّجاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي و«غروبات» الواتس آب لفكرة أنّ الرابطة علّقت الاضراب.

إلّا انّ الرابطة عقدت اجتماعاً برئاسة د. محمد صميلي في مقرها في بئر حسن، وبعدما ثمّنت مشاركة الاساتذة في الاعتصام، أكّدت تلبيتها دعوة حمادة، وفي الوقت عينه «استمرارها بالإضراب الذي أعلنته، مُبقية على اجتماعاتها مفتوحة لتقييم الأوضاع والتحركات واللقاءات المقبلة».

أبعد من إيجابية حمادة

إلى ذلك، أكّد مصدر مسؤول لـ«الجمهورية» انّ «إيجابية حمادة وحدها لا تُقدم أو تؤخّر، فهو لطالما أعربَ عن وقوفه إلى جانب الاساتذة. ونستغرب عدم ذكر قضية الأساتذة في مقررات الجلسة التي تلاها الوزير بيار أبو عاصي». وأضاف: «لا بد من وجود خطوات يمكن ترجمتها أكثر على أرض الواقع كمشروع قانون، أو وعد قاطع من رئيس الحكومة سعد الحريري أو رئيس مجلس النواب نبيه بري بحماية موقع أستاذ اللبنانية».