تقترب الانتخابات النيابية والجدل يتصاعد في شان عدم التكافىء بين لوائح القوى الموجودة في الحكم ولوائح ما يعرف بالمعارضة، وهو عدم تكافىء موجود ولا يمكن لأحد أن ينكره، ولم يكن من سبيل لتفاديه سوى بتشكيل حكومة من غير المرشحين تنظم الانتخابات وتشرف عليها.
ما يجري اليوم هو أن المسؤولين والوزراء المرشحين لا يستطيعون ولا يرغبون في الفصل بين ممارستهم للسلطة من جهة وبين خوض الانتخابات من جهة ثانية.
فالمسؤول والوزير المرشح يتمتع بالعديد من القوى والصلاحيات والنفوذ غير الموجود عند المرشحين الآخرين، وهو قادر على التواصل مع كل الجهات في الدولة من إدارية إلى أمنية إلى قضائية، وكل هذه الجهات معنية بمسايرته لاسيما إذا كان عائدا الى صفوف البرلمان والحكم حيث يتمتع بالنفوذ القوي. وسيكون هذا التواصل في الحقيقة لمصلحة المرشح المسؤول والوزير ولن يكون أبدا لمصلحة من يعارضه، باعتبار أن نتيجة الانتخابات ترتبط بعدد الأصوات، وسيكون هذا التواصل من أبرز وسائل التأثير في الناخبين وحملهم على الإقتراع إلى جانب هؤلاء.
وإذا قمنا اليوم بقياس المساحة الإعلامية التي يحتلها هؤلاء مجانا نرى أنها مرتفعة جدا نسبة إلى بقية المرشحين، فالمسؤول والوزير المرشح متاح له أن يطل عبر وسائل الاعلام للحديث عن قضايا تختص مركزه أو وزارته، وهذا أيضا يدخل في مجال الإستغلال الإنتخابي وصرف النفوذ والترويج لنفسه وحزبه وتياره، وكل ذلك تحت ستار العمل على تسيير أمور الدولة والمواطنين.
إن الكلام الذي سبق يبدو المثال الأوضح في شأنه هو وزير الداخلية نهاد المشنوق، فهو في يوم الانتخابات سيكون المرشح الذي يحاول جمع الأصوات للائحته ولشخصه بالتحديد، وسيكون في الوقت ذاته وزير الداخلية الذي يشرف على العملية الانتخابية من وزارة الداخلية، وسيجول على أقلام الإقتراع في دائرته متمتعا بصلاحيات وقدرات وحرية في الحركة لا يتمتع بها آخرون، وسيكون في النهاية أيضا مشرفا على صدور نتائج الانتخابات ومن بينها بالتأكيد نتيجته الشخصية.
إن ما يجري على هذا الصعيد في لبنان يفقد العملية الانتخابية الكثير من شفافيتها وصدقيتها، ففي بلدان مثل لبنان، وهذا ما دلت عليه التجارب السابقة، يشكل استغلال النفوذ والسلطة سلاحا للفوز بالانتخابات، إلا إذا قرر الناخبون تجاوز عقدة الخوف والمصلحة لإسقاط السلطة ومرشحيها.