كتبت صحيفة “الجريدة” الكويتية انه ربما تشكل إشارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى استعداد حزب الله للبحث في الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات مفاجأة سياسية ولكنها غير مدوية وغير مكتملة. أولا لأن السيد نصرالله كان عبر سابقا عن استعداده للتجاوب مع أي دعوة أو مبادرة صادرة عن الرئيس ميشال عون، بما في ذلك دعوته الى مناقشة الاستراتيجية الدفاعية التي لم تكن منسقة مسبقا مع قيادة الحزب، وإنما صدرت متأثرة بالأجواء الدولية والدعم المشروط للبنان، بالإصلاحات ومكافحة الفساد من جهة، وتوضيحات وتطمينات فيما خص حزب الله ودوره وسلاحه من جهة ثانية. وثانيا لأن أمين عام حزب الله يربط بين بحث الاستراتيجية الدفاعية في أي حوار وطني بعد الانتخابات، وبحث الاستراتيجية أو الخطة أو ما أسماه الرؤية الاقتصادية.
حزب الله يشترط إدراج الملف الاقتصادي على جدول الحوار الوطني مستقبلا، ومن خلفية أنه يريد أن يكون شريكا في إدارة هذا الملف والتقرير فيه، وأنه يريد الخروج من معادلة طالما حكمت علاقته مع تيار المستقبل منذ التسعينيات، واستنادا الى ما يسميه نصرالله تفاهمات لا «اتفاقات» فحواها أن يهتم حزب الله بملف المقاومة والدفاع عن لبنان، وأن يهتم المستقبل بالملف الاقتصادي والمالي. هذه المعادلة «المقاومة والسلاح مقابل المال والاقتصاد» (الجنوب والحدود مقابل بيروت والداخل) لم تعد سارية في نظر حزب الله، والسبب كما يوضح نصرالله أن الحزب نجح في ملف المقاومة، فيما المستقبل فشل في الملف الاقتصادي، ليصل لبنان الى مشكلة عميقة جدا ويواجه خطر الانهيار اقتصاديا. هذا الفشل يدعو من جهة الى مقاربة حكومة ما بعد الانتخابات الملف الاقتصادي بطريقة مختلفة، أي الى تغيير «السياسة الاقتصادية». ومن جهة ثانية الى وضع خطة اقتصادية كاملة على طاولة الحوار الوطني. فإذا كان يراد لحزب الله أن يوافق على مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، يعلن تيار المستقبل أنه يوافق على بحث «الاستراتيجية الاقتصادية».
ليست المرة الأولى التي يشير فيها نصرالله الى أهمية وخطورة الملف الاقتصادي والى رغبة وقرار الحزب بأن يكون شريكا فيه، وبأن يكون بشكل خاص صاحب المبادرة والدور القيادي في مكافحة الفساد الذي خطره صار مساويا لخطرين وعدوين: إسرائيل والإرهاب التكفيري. وعندما يقرر نصرالله اقتحام المسرح الاقتصادي المالي، فهذا يعني أنه مدرك لخطورة الوضع وأنه لم يعد من الممكن الاستمرار في تجاهله والسكوت عن سياسات وممارسات متسببة بحالة التأزم والانهيار، وأنه لم يعد من الممكن تجاهل حالة التذمر والشكوى داخل المجتمع الشيعي المؤيد للمقاومة، لكنه بدأ يسأل عن أوضاعه الصعبة والمتردية.