كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:
يشكّل مؤتمر الدعم الدولي للبلدان المضيفة للنازحين السوريين وبينها لبنان الذي تستضيفه بروكسيل «الوقت المستقطع» الأخير الذي تأخذه «بلاد الأرز» قبل موعد الانتخابات النيابية المقررة بعد 11 يوماً تشي بأنها ستشهد ذروة عمليات التعبئة وحسْم «التكتيكات» الانتخابية و«خطط» توزيع الأصوات التفضيلية لتحقيق الأهداف في «الأحد الكبير» (6 مايو) من ضمن «الاستراتيجيات الكبرى» التي رُسمتْ وكأنّها من فصول «فن الحرب» (لـ Sun Tzu ).
وتتّجه الأنظار الى ما سيحقّقه لبنان من مؤتمر بروكسيل – 2 الذي ستكون لرئيس الوزراء سعد الحريري كلمة فيه اليوم، وسط رهانٍ على أن مسار الدعم الدولي للبلاد واستقرارها وتعزيز صمودها المالي ووضْعها على سكة النهوض الاقتصادي الذي تَكرّس في مؤتمريْ روما لمساعدة الجيش ثم باريس («سيدر 1» لدعم الاستثمار) اللذين خُصصا حصراً للبنان، سيُستكمل في العاصمة البلجيكية، عبر رفْد «بلاد الأرز» بمزيد من التمويل لمواجهة أزمة النازحين السوريين والعبء الكبير الذي تشكّله استضافة نحو 1.5 مليون منهم، وذلك رغم «الارتباك» الذي يُحْدثه ترنُّح الموقف الرسمي في بيروت بين حدّيْن:
– الأول (لفريق رئيس الحكومة) يطالب المجتمع الدولي بالوقوف بجانب لبنان في هذا الملف «الثقيل» وتقديم 4 مليارات دولار للتصدي لأعبائه واعتبار أن المرحلة الراهنة في سورية غير مؤاتية لإتمام عودة النازحين وان الحلّ السياسي للأزمة السورية، يشكل أفضل وأسرع طريقة لتحقيقها.
– والثاني (للتيار الوطني الحر أي حزب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون) يترافق مع تفعيلٍ على الأرض لمسار «العودة الآمنة»، ويعتبر أن «قرار» العودة الى المناطق التي باتت مستقرّة متّخَذ، داعياً لعدم ربْط العودة بالحل السياسي مع الغمز من أن المجتمع الدولي يضخ المساعدات لبقاء النازحين في لبنان ومطالباً بضخها في دول المنشأ وليس في البلدان المضيفة تسهيلاً للعودة.
وفيما كانت العيون شاخصة على مؤتمر بروكسيل وحصّة لبنان فيه، جاء تقديم رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل أمس طعناً بقانون موازنة 2018 اعتراضاً، في شكل رئيسي، على المادة 49 منه التي نصّت على منح أي أجنبي أو عربي يتملّك وحدة سكنية في بيروت (ابتداء من 500 ألف دولار) أو خارجها (ابتداء من 330 ألف دولار) إقامة دائمة له ولزوجته وأولاده القاصرين (جرى ربْطها باستمرار الملكية)، ليطرح علامات استفهام حول تداعيات أي قبولٍ من المجلس الدستوري للطعن على مجمل الدفْع الايجابي الذي أحدثه حصول لبنان على قروض ميسرة وهبات بنحو 11 مليار دولار من مؤتمر «سيدر 1» استناداً الى المسار الإصلاحي الذي عبّرتْ عنه الموازنة.
وفي حين لا يعني تقديم الطعن الذي جاء غداة نشر قانون الموازنة في الجريدة الرسمية تعليق العمل به أو بأيّ من المواد المطعون بدستوريّتها، إلا إذا قرّر «الدستوري» عكس ذلك إلى حين بتّ الطعن (خلال مدة شهر)، فإن هذه الخطوة التي أتت بعد تأمين الجميّل تواقيع 9 نواب آخرين واستندت إلى رفضه الصارخ للمادة 49 «بوصفها مقدمة لتوطين مقنّع للنازحين السوريين» أثارتْ الخشية أيضاً من انعكاسات مالية – اقتصادية بحال جرى قبول الطعن ولا سيما ان مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات قد تأخذ وقتاً طويلاً.
وكان لافتاً ان تقديم الطعن أتى فيما كان رئيس الجمهورية يوجّه رسالة الى مجلس النواب بواسطة رئيسه نبيه بري، طالبا اعادة النظر في نص المادة 49، قبل ان يعلن «القصر» انه على إثر خطوة الجميّل تشاور عون وبري «وتوافقا على التريث في إعطاء المجرى الدستوري للرسالة الرئاسية وذلك ريثما يبت المجلس الدستوري بالطعن المقدّم ليبنى بعد ذلك على الشيء مقتضاه».
وفي موازاة ذلك، وعلى وقع مناخ تفاؤل عارم يسود لبنان بالنسبة الى قرب عودة السيّاح الخليجيين الى ربوعه هذا الصيف وسط كلام لوزير السياحة أواديس كيدانيان توقّع فيه أن تكون 2018 الأفضل بالنسبة الى عدد السياح الذين سيزورون البلاد منذ 1951، شهدت بيروت حركة ديبلوماسية لافتة شكّل سفراء خليجيون محوراً رئيسياً فيها.
فالرئيس عون استقبل سفير دولة الامارات حمد سعيد الشامسي الذي أكد ان بلاده «تقف دائماً الى جانب لبنان في كل الظروف»، موضحاً ان الرئيس اللبناني «حمّلني تحياته الى القيادة الاماراتية الرشيدة وتمنياته بـن يزور لبنان ابناء الدولة خلال الصيف كما كانوا يفعلون في السابق، كما أعرب عن امتنانه للدور الذي تقوم به بعثتنا الديبلوماسية على صعيد تعزيز العلاقات بين البلدين، وما نقوم به شخصياً من جهد لتنمية هذه العلاقات»، وهو ما بدا رداً ضمنياً على برقيات سرية مزعومة صادرة عن السفارة الإماراتية نُشرت في إحدى الصحف اللبنانية القريبة من «حزب الله».
وبعيد هذا اللقاء، شارك الشامسي في اجتماعٍ مع وزير الخارجية جبران باسيل ضمّه الى القائم بأعمال السفارة السعودية الوزير المفوّض وليد البخاري وسفير مصر نزيه النجاري الذي اكتفى بالقول «أنّ البحث تناول الأمور الاقليمية ذات الاهتمام المشترك بين بلداننا الثلاثة ولبنان. كما ناقشنا العلاقات الجيدة التي تربط بين مصر والإمارات والسعودية ولبنان وسبل تطويرها الى آفاق أوسع».
وفيما ساد التكتم الشديد حيال هذا اللقاء الرباعي وخلفياته، لفت حضور الأمين العام لوزارة الخارجية القطرية احمد حسن الحمادي (يرافقه سفير قطر في بيروت علي بن حمد المري) الى «الخارجية» حيث اجتمع بنظيره اللبناني هاني الشميطلي وجرى، حسب المعلومات الرسمية، «عرض موسع للأوضاع الإقليمية والدولية وملف العلاقات الثنائية بين البلدين».