أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أن “مأساة الشعب السوري تستمر للسنة الثامنة”، معتبراً أن “لبنان يستمر في إظهار حسن ضيافة وكرم وتضامن استثنائيين مع النازحين السوريين، في وقت تُستنزف وتُنهك قدرات المجتمعات المضيفة والبنى التحتية والخدمات الحكومية.”
وأضاف الحريري خلال مؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” في بروكسيل: “كما تعلمون جميعاً، سيجري لبنان انتخابات نيابية بعد أسبوعين، وقد قمت بجولات مكثفة في البلد وشاهدت بشكل مباشر الظروف القاسية للنـازحين السوريين وكذلك للمجتمعات المضيفة.”
وأشار إلى أن “الظروف قد تدهورت ويبقى لبنان مخيماً كبيراً للاجئين.”
وقال الحريري: “لقد عدت للتو من عرسال، القرية التي تقع في البقاع والتي تستضيف أكثر من 120 ألف نازح، والتي كنت قد أخبرتكم عنها العام الماضي.”
وشدد على أن “التوترات بين النازحين السوريين والمجتمعات المضيفة في الآونة الأخيرة لقد ازدادت” لافتاً إلى أنه “يعود ذلك من جهة إلى التنافس على الموارد وفرص العمل الشحيحة، ومن جهة أخرى لأن المجتمعات المضيفة قد رأت أن ظروفها الاقتصادية والاجتماعية قد ازدادت سوءاً نتيجة الأزمة.”
وأكد “أننا رغم كل التحديات التي واجهناها، استمرينا بالتمسك بالالتزامات التي تعهدنا بها في مؤتمر بروكسيل الأول.”
وأِشار الحريري إلى أن “الحكومة اللبنانية قد تنازلت عن رسوم الإقامة للاجئين، ما سمح لهم بتجديد إقاماتهم بشكل قانوني وتخفيف العبء المالي عنهم”، مضيفاً أن ” الحكومة اعتمدت تدابير مهمة لتسهيل تسجيل ولادات أطفال النازحين المولودين في لبنان وسهّلت تسجيل الزواج في حال كان أحد الزوجين لديه إقامة قانونية”.
ولفت إلى أن “الأطفال النازحين الذين بلغوا الـ15 سنة من عمرهم في لبنان، والذين لا يحملون هويات جوازات سفر سورية، بات بإمكانهم تقديم مستخرج مدني لتأمين الإقامة الشرعية.”
وقال: “لقد تم إحراز تقدم مهم في قطاع التعليم، حيث شهدنا زيادة بنسبة 13% في العدد الإجمالي للأطفال النازحين المسجلين في التعليم الرسمي الذي يبلغ 221 ألف ولد مسجل في المدارس الرسمية و68 ألفا في المدارس الخاصة والمدعومة و93 ألفا مسجلين في برامج التعليم غير الرسمي.”
وأكد أن “وزارة الصحة العامة أحرزت بالتعاون مع شركائها المحليين والدوليين تقدماً كبيراً لضمان توفير الرعاية الصحية بأسعار معقولة للنازحين.”
وأردف: “نجحنا خلال العام الماضي في تحقيق الاستقرار في البلد، في وقت بقينا نستضيف مليون ونصف مليون نازح، وقد استطعنا تحقيق ذلك بدعم من أصدقائنا في المجتمع الدولي الذين أعادوا التأكيد في مناسبات مختلفة على التزامهم باستقرار لبنان وأمنه.”
وشدد على أن “الشركاء الدوليون أظهروا في مؤتمر روما 2 دعماً والتزاماً ومساهمة قوية في تعزيز الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، بما يؤكد على دور لبنان كلاعب مهم في استقرار المنطقة.”
وأضاف: “لقد عدنا للتو من باريس، حيث قدمت الحكومة اللبنانية رؤية شاملة للاستقرار والنمو المستدام الطويل الأجل وخلق فرص العمل، استناداً على النقاط الأساسية التي قدمتها لكم في مؤتمر بروكسل 1″، معتبراً أن “نجاح مؤتمر “سيدر” يؤكد التزام شركائنا الدوليين باستقرار لبنان الاقتصادي وازدهاره.”
وشكر الحريري “أصدقاءنا في المجتمع الدولي على دعمهم السخي وتأمين الأموال الكافية لتمويل المرحلة الأولى من برنامج الإنفاق الاستثماري للحكومة.”
وأكد أن “لبنان لا يزال يواجه تحديات، ولا تزال الاحتياجات كبيرة والموارد نادرة”، معتبراً أن “رغم كل الجهود التي نبذلها، فإن احتمالات عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان حقيقية وكذلك إمكانية تطرف الشباب اللبنانيين والسوريين العاطلين عن العمل.”
وقال: “إنه من الأهمية بمكان أن نستمر في العمل معاً لعكس الاتجاهات السلبية، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو مشاريع التنمية التي من شأنها المساعدة على تحسين سبل عيش النازحين والمجتمعات المضيفة. كيف يمكننا القيام بذلك؟”.
وشرح الحريري الأولويات قائلاً: “يجب أن تموّل خطة لبنان للاستجابة للأزمة بشكل مناسب. إن مساهمات الجهات المانحة في برنامج خطة لبنان للاستجابة للأزمة للعام 2017 بلغت 1.2 مليار دولار أميركي، ما يمثل 45 بالمئة من مطلب لبنان الأساسي البالغ 2.7 مليار دولار أميركي. ويشكل طلبنا 6 في المئة من الكلفة التي قد تتحملها الدول الأوروبية لو استضافت مليون ونصف نازح، والإنفاق يشكل 3 في المئة.”
لا تزال الاحتياجات كبيرة، خاصة في قطاعي الصحة والمعيشة. ومطلبنا للعام 2018 هو أيضاً حوالي 2.7 مليار دولار، مع إنفاق بلغ حتى الآن 11 ٪ فقط.”
وأردف أنه يجب “ضمان التزامات متعددة السنوات لتأمين استدامة مشاريع على عدة سنوات مثل الوصول إلى جميع الأطفال بالتعليم RACE II.”
وأضاف: “يجب زيادة الدعم المقدم للمجتمعات المضيفة على الأقل إلى 100 مليون دولار سنوياً، لتمويل مشاريع البنى التحتية الصغيرة، خاصة في مجال إدارة المياه والنفايات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومراكز التنمية الاجتماعية ومشاريع تنمية البلديات المحلية.”
ولفت إلى أنه يجب “دعم تطوير نظام الحماية الاجتماعية اللبناني، لا سيما توسيع وزيادة نطاق البرنامج الوطني لاستهداف الفقر، من خلال تأمين 125 مليون دولار أميركي على شكل منح خلال السنوات الخمس المقبلة.”
وألقى الضوء إلى أهمية “دعم الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب التقني والمهني (TVET) الذي طورته الحكومة اللبنانية بدعم من اليونيسف ومنظمة العمل الدولية، تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة، من أجل تعزيز نظام يمنح الشباب والعاملين الكفاءات والمهارات التي يحتاجونها للحصول على عمل لائق والسماح للشركات بتوظيف القوى العاملة التي تحتاجها لنموها.”
ودعا الحريري “لدعم لبنان في هذه المهمة الشاقة”، قائلاً “إنها مسؤولية جماعية.” وختم: “نأمل ونصلي من أجل التوصل إلى تسوية سريعة لمأساة الشعب السوري.”