IMLebanon

لماذا يخاف “حزب الله” من المعارضين الشيعة؟

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الاوسط”:

شكا معارضون لبنانيون شيعة من حملة يشنها عليهم موالون لـ«حزب الله» بتهمة تلقي تمويل من سفارة عربية، بعد نشر صحيفة مقربة منه لائحة بـ28 سياسياً وإعلامياً ومحامياً وناشطاً من الطائفة الشيعية المعارضين للحزب، ووصفهم بأنهم «شيعة السفارة».

وأثارت العملية موجة اعتراض واسعة لدى الأشخاص المعنيين، وفي الأوساط اللبنانية المعارضة لسياسة الحزب، الذين رأوا فيها «دعوة صريحة للقتل، واستباحة لدماء الأشخاص المعنيين بوصفهم خونة وعملاء»، في وقت بدأ فيه الصحافي حسّان الزين إضراباً مفتوحاً عن الطعام، إلى أن تعتذر الصحيفة منه وتتراجع عمّا نشرته.

الأشخاص الواردة أسماؤهم وصورهم في القائمة، لم يحمّلوا المسؤولية للصحيفة الناشرة، بل لـ«حزب الله»، عادّين أن ما حصل بمثابة إعطاء رخصة بهدر دمائهم. وقد عبّر النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون المدرج اسمه ضمن القائمة، عن أسفه لوجود «فرقة شبيحة داخل الإعلام اللبناني لا عمل لها سوى التحريض على القتل واستباحة دماء اللبنانيين». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «بنية وعقلية (حزب الله) باتت عقلية كيماوية تحاول القضاء على كل من يخالفها الرأي بالقتل الجماعي، تماماً كالقتل الجماعي بالكيماوي الذي يمارسونه ضدّ أطفال سوريا».

وسأل بيضون: «لماذا يتغنّى (حزب الله) بأن لديه مائة ألف صاروخ متطوّر، ويخاف من هذه المجموعة التي تعارضه، والتي ليس لها أي ارتباط بجهة خارجية؟». وأجاب عن تساؤله بقوله: «هم يخافون منها لأنها القوّة الذكيّة والقادرة على إقناع الناس بأفكارها، أما هم فيمثلون القوّة العارية، وليسوا أكثر من فرقة قتل تابعة للسفارة الإيرانية، وبأحسن الأحوال تعمل بإمرة المرشد الأعلى في إيران»، عادّاً أن «السلاح لن يرهب الأحرار، وسلاحهم ليست له قضية داخلية، سوى حماية الفساد وتهديد وقتل من يخالفهم الرأي ويقدّم الحجة على فسادهم».

بدوره، عدّ رئيس «مركز أمم للأبحاث» لقمان سليم، أن «(حزب الله) قبل أن يتخذ هذا الاسم، ومنذ أن كان ائتلاف مجموعات أمنية أنشأتها طهران في بيروت، وهو يمارس حرب عصابات واستنزاف ضدّ كلّ من يخالفه الرأي». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المخالفة في البيئة الشيعية تكون عقوبتها مضاعفة عن المخالفة في أي بيئة أخرى»، لافتاً إلى أن الحزب «منذ نشأته وهو يمارس الحرب على معارضيه عموماً وفي الوسط الشيعي خصوصاً». وقال لقمان سليم، وهو سياسي شيعي معارض لـ«حزب الله»: «لا تفاجئني عودة صحافة (حزب الله) إلى هذا النوع من الاتهامات التي تتضافر معها عصابات إلكترونية يحركها الحزب وشركاؤه، لأن خصوصية الموضوع أنه لم يتم التصويب على شخص أو شخصين أو ثلاثة، الجديد هو التصويب على جماعة أو نهج الموالاة للبنان والمخالف لهذا الحزب».

وتتصاعد حملة «حزب الله» ضدّ معارضيه قبل الانتخابات النيابية المقررة في 6 مايو (أيار) المقبل، والتي تهدف للتضييق على المرشحين المنافسين للوائح، خصوصا أن القائمة المنشورة تتضمّن صور عدد من المرشحين الشيعة للانتخابات.

وأكد الإعلامي نديم قطيش، أن نشر الصور بهذه الطريقة «يعني أن (حزب الله) يقول لجمهوره: هؤلاء خونة اقتلوهم كما قتلتم هاشم السلمان، وأنا أحميكم وأغطيكم، كما حميت قتلة السلمان». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التجرؤ على نشر صور مجموعة معارضين هو اغتيال معنوي، لأن هؤلاء (حزب الله) ليسوا أصحاب رأي ولا موقف؛ بل قتلة مأجورون، فتحوا الباب واسعاً أمام ما يسمّونه (غضب الأهالي) ليعرضوننا في أي مكان».

وأضاف قطيش: «مشكلتي ليست مع (حزب الله) بل مع الدولة اللبنانية، ومع النائب العام التمييزي (القاضي سمير حمود) الصديق، الذي لا يتمتّع بالشجاعة ويتحرّك ضدّ هذه التهديدات»، مذكراً بأنه «عندما هددت الصحيفة نفسها، معارضي الحزب بالقتل وبشكل علني ومفضوح، لم يتحرّك، بينما إذا شتم أحدنا الأزهار في حديقة مسؤول في الدولة يتم الادعاء عليه». وختم قطيش: «لو كان المدعي العام ينتمي للجهة الأخرى لكان تحرّك فوراً، وبرأيي المكان الذي يجب أن يتغيّر سلوكه هو القضاء الغائب والضعيف».

ولا يستخف لقمان سليم بهذا النوع من التهديدات، «لأن التهديد يبدأ لفظياً ثم يتحوّل إلى العنف». وحمّل «حزب الله» مسؤولية ما جرى ويجري. وأكد أنه «إذا كانت هذه الحالة الشيعية (المعارضة) تمثّل اليوم الثور الأبيض الذي تسنّ السكاكين لذبحه، فيا ويلتاه على كلّ الثيران السوداء التي سيأتي دورها من بعدنا». وختم قائلا: «كل من يسكت على ممارسات (حزب الله)، خائن للفكرة اللبنانية ومتواطئ مع الحزب الذي لن يوفره في مرحلة لاحقة».

هذا؛ ويتوقّع أن يرتفع منسوب الضغط الذي يمارسه «حزب الله» وجمهوره، على الشخصيات الشيعية المعارضة له والمرشّحة للانتخابات في الدوائر الخاضعة لنفوذ الحزب، كما حصل في الاعتداء الذي تعرّض له الصحافي علي الأمين قبل يومين. وينظّم عدد من الناشطين والإعلاميين وأصحاب الرأي الحر، لقاء تضامنياً مع الأمين عند الخامسة من عصر غدٍ الجمعة في ساحة رياض الصلح وسط بيروت، رفضاً لهذا الاعتداء، وتنديداً بكل الاعتداءات التي يتعرّض لها أصحاب الرأي الحرّ.