كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
يتجه «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بعد الانتخابات النيابية، إلى استبدال تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يضم نواباً منتسبين إلى التيار وحلفاء غير حزبيين، بتكتل جديد يحمل اسم «لبنان القوي»، على أن يكون عبارة عن مجموعة داعمة للعهد ولرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يتفرع منها كتلة نيابية وأخرى وزارية.
ويضم هذا التكتل، بحسب قيادات عونية، كل النواب الذين خاضوا الانتخابات على لوائح شكلها «التيار الوطني الحر»: «من دون أن يعني ذلك الاتفاق مع غير الحزبيين على كل الملفات حتى تلك الاستراتيجية، إنما التفاهم على سيرهم بالعملية الإصلاحية ومحاربة الفساد».
ويكشف القيادي في «الوطني الحر» والمرشح للانتخابات في دائرة الشوف – عاليه ماريو عون، عن أن قيادة التيار أخذت «تعهداً شفهياً» من كل مرشح يخوض الانتخابات حالياً على لوائح التيار، أن يكون جزءاً من كتلة «لبنان القوي»، لافتاً إلى أنه وبما يتعلق بالحزب «الديمقراطي اللبناني» الذي يرأسه الوزير طلال أرسلان، فقد تم التفاهم معه على كتلة نيابية تضم نواب الشوف وعاليه يرأسها أرسلان، على أن يكون أعضاؤها باستثناء أرسلان باعتباره رئيساً لحزب، جزءاً من تكتل «لبنان القوي».
ويوضح عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا التكتل سيكون بتصرف رئيس الجمهورية وداعماً لمسيرة العهد، وسيتحول في مرحلة لاحقة إلى جبهة سياسية أوسع من التكتل، هدفها الأساسي استكمال العملية الإصلاحية، بناء الدولة ومحاربة الفساد، وهي العناوين التي اتفقنا عليها مع كل النواب الذين سيكونون أعضاء في التكتل الجديد، باعتبار أننا نتفهم تماماً صعوبة التوصل معهم إلى تفاهمات حول بعض الملفات الاستراتيجية المرتبطة بالوضع بالمنطقة».
ويرجح عون أن يكون عدد نواب التيار الحزبيين ما بين 22 و24 نائباً في المجلس النيابي الجديد، لافتاً إلى أن عدد نواب التكتل ككل، أي الحزبيين وغير الحزبيين قد يصل إلى ثلاثين نائباً. إلا أن خبراء انتخابيين يستبعدون أن يتخطى عدد نواب التكتل الـ22، ويتحدثون عن متغيرات كثيرة طرأت على المشهد الانتخابي في الأسبوعين الماضيين تستوجب إجراء تعديلات كثيرة على الدراسات والإحصاءات التي أجريت قبل فترة.
وأثارت تحالفات «الوطني الحر» الانتخابية الكثير من الأخذ والرد، وبخاصة أنها شملت في الكثير من الدوائر شخصيات لم تكن قريبة من مشاريعه السياسية، وحتى نظرته للملفات الاستراتيجية. ويخوض التيار الانتخابات على لائحة واحدة مع رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوّض، علما بأنه عضو أساسي فيما كان يُعرف بفريق 14 آذار. وسينضم معوّض، بحسب ماريو عون، إلى كتلة «لبنان القوي»، علماً بأن رئيس «حركة الاستقلال» كان قد أكد مؤخراً أنه رفض في الاتصالات مع القوى السياسية كافة، ربط تحالفه الانتخابي بأي التزام سياسي ما بعد الانتخابات النيابية، لافتاً إلى أن التفاهم مع «التيار الوطني الحر» قائم على «احترام مبادئ وخصوصية كل فريق»، مضيفاً: «ليس سراً أن ثمة نقطة اختلاف معه في شأن مقاربة ملف السلاح خارج إطار الدولة اللبنانية». وأوضح أن البقاء على الثوابت ومحاربة الفساد ودعم العهد، شرط أساسي لدعم منطق الدولة، ومن النقاط التي تفاهم عليها مع التيار.
ويبدو واضحاً أن الاصطفافات السياسية المرتقبة ما بعد السادس من مايو (أيار)، موعد الانتخابات النيابية، لن تشبه بشيء الاصطفافات التي طبعت عمل المجلس النيابي الحالي، وأبرزها اصطفافا 8 و14 آذار. فإلى جانب كتلة «لبنان القوي» يُتوقع أن يشكل رئيس المجلس النيابي نبيه بري كتلة نيابية تضمه إلى رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط وآخرين. وليس محسوماً حتى الساعة إلى أي فريق سينضم «حزب الله»، أو أنه سيشكل كتلة خاصة به تضمه إلى نواب آخرين مقربين من النظام السوري.
إلا أن مصادر قيادية في «الوطني الحر» كشفت لـ«الشرق الأوسط»، عن أن اجتماعا طويلا عقده الوزير باسيل مع أمين عام «حزب الله» قبل نحو شهر، توصلا خلاله إلى «تفاهمات متجددة» مرتبطة بالملفات الداخلية، لافتة إلى أن «أكثر من ملف كان يحتاج إلى توضيح وقد تم ذلك خلال الاجتماع، مع تأكيد «حزب الله» تأييده العملية الإصلاحية ومحاربة الفساد، التي يوليها الرئيس عون الأولوية المطلقة، بعد الانتخابات».