اكتملتْ الاستعدادات في بيروت لمواكبة المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية مع اقتراع المغتربين للمرة الأولى في أماكن وجودهم في الخارج حيث تُفتح اليوم الصناديق في 6 دول عربية هي الكويت، والسعودية، والامارات، وقطر، وعُمان ومصر، على ان تجري الأحد الجولة الثانية من “انتخابات وراء البحار” في الدول الأجنبية الـ 34 الأخرى.
وعشية “انتخابات المهجر”، انهمكتْ بيروت والدول التي ستجري فيها عملياتُ الاقتراع بوضْع اللمسات اللوجستية الأخيرة لضمان أن تمرّ هذه التجربة الأولى من نوعها في تاريخ لبنان من دون أي شوائب، بما يشجّع على المضيّ في “النسخة المطوّرة منها” في 2022 (انتخاب 6 مقاعد مخصّصة لغير المقيمين) وبما يعطي دفْعاً إيجابياً للانتخابات التي ستشهدها “بلاد الأرز” في 6 أيار المقبل والتي تحاصرها “شبهات” حول انتهاكاتٍ – سواء في بعض الممارسات او الخطابات – شكّلت محور الرسالة التي وجّهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى اللبنانيين مساء الأربعاء لمناسبة انطلاق “القطار” الانتخابي.
وفيما تشرف لجنة مشتركة من وزارتيْ الداخلية والخارجية على مجريات الانتخابات في الخارج اليوم وبعد غد والتي تسجّل للاقتراع فيها 82970 ناخباً، فإن مقرّ “الخارجية” تحوّل أمس ما يشبه “خلية نحل” استعداداً لبدء عملية الاقتراع في الدول العربية الست والتي سيشارك فيها 12615 لبنانياً (بينهم 1878 في الكويت) خُصص لهم 32 قلم اقتراع في 8 مراكز انتخابية داخل السفارات والقنصليات. علماً أن مجريات اليوم الانتخابي الذي يبدأ من السابعة صباحاً ويستمرّ حتى العاشرة ليلاً حسب توقيت كل بلد (اول صندوقة اقتراع ستُفتح في القاهرة عند السادسة بتوقيت بيروت)، ستكون منقولة في ما يشبه “تلفزيون الواقع” مباشرة في بثٍّ عبر الانترنت من داخل الأقلام الى غرفة عمليات استُحدثت في وزارة الخارجية وسيكون متاحاً لوسائل الإعلام.
وإذ وضعتْ “الخارجية” بتصرف الناخبين في الانتشار خطوطاً ساخنة يتوافر عليها تطبيق “الواتساب” طوال فترة الاقتراع لتقديم الشكاوى والاستفسار، أطلقتْ وزارة الداخلية على موقعها الإلكتروني تطبيقاً يدلّ لبنانيي الاغتراب إلى مراكز الاقتراع المحدّدة لكلّ واحد منهم.
ورغم أن انتخابات المغتربين، التي تجري تحت إشراف وزارة الخارجية عبر السفراء والقناصل في الدول المعنية، لن تُعرف نتائجها إلا مع فرْز صناديق الاقتراع يوم “الأحد الكبير” في 6 أيار، فإن نسبة الإقبال على الصناديق اليوم وبعد غد ستشكل مؤشراً على مدى إمكان تأثير بعض “كتل الاغتراب” في دوائر معيّنة لا سيما الشمال المسيحي (دائرة البترون، زغرتا، الكورة وبشري) التي استقطبت العدد الأكبر من اللبنانيين الذين تسجّلوا للانتخاب والتي يُنتظر ان تشهد منافسة حامية يلعب فيها صوت الاغتراب دوراً مؤثراً وربما حاسماً في بعض المقاعد.
ولم يحجب اقتراع الخارج الأنظار عن منازلات 6 أيار التي تزداد في الطريق إليها عملياتُ التعبئة التي يفترض أن تبلغ ذروتها في الأسبوع الأخير الفاصل عن “الأحد الموعود”، وسط توقعات بأن تشهد مهرجانات “ربع الساعة الأخير” لمختلف الأطراف مفاجآت تعكس “ضراوة” المعارك التي تخوضها بعض القوى في عدد من الدوائر، كما هي حال بعلبك – الهرمل التي يكثر الحديث عن احتمال أن ينفّذ الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله كلامه عن استعداده لزيارتها، بحال اقتضتْ الضرورة، لمنْع خرق مقعد شيعي في اللائحة التي يدعمها الحزب ورئيس البرلمان نبيه بري، علماً ان الحزب أرجأ احتفال لائحته الذي كان مقرراً اليوم الى الثلاثاء المقبل.
وفي حين دخلتْ الذكرى الـ 13 لانسحاب الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005 في “الحقل الانتخابي” على وقع سيل بيانات تستحضر “انتفاضة” الشعب اللبناني في أعقاب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حضرت الانتخابات في جلسة مجلس الوزراء الذي التأم أمس في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس عون الذي تمنى أن يجري الاستحقاق بهدوء “ويفوز مَن يفوز وفق إرادة الشعب”، موضحاً انه تابع ما يجري “من ممارسات قبيل العملية الانتخابية”، ومذكراً بما تضمنتْه رسالته اول من امس “إذ نبهت لضرورة تفادي كل ما يؤثر على خيارات الناخبين من مغريات وممارسات تكثر هذه الأيام، وأعرف من خلال معايشتي للحياة اساسية وجود مظاهر موسمية نبّهتُ اللبنانيين من عدم الأخذ بها”.
واذ تطرّق عون الى القمة العربية التي انعقدت في السعودية وما انطوتْ عليه من “قرارات تجاوبت مع الرغبة اللبنانية وتضمنت فقرات مهمة تدعم لبنان في المرحلة الراهنة”، لافتاً الى الاعتراض الذي سجّله لبنان على القرارات المتعلقة بـ”حزب الله”، ومتناولاً القرار الذي أصدره المجلس الدستوري أمس وعلّق بموجبه العمل بالمادة 49 من قانون الموازنة التي سمحت لكل عربي وأجنبي يتملك وحدة سكنية في بيروت (ابتداء من 500 الف دولار) وخارجها (ابتداء من 330 الفاً) بالحصول على إقامة في لبنان وذلك بانتظار البت في الطعن، تركتْ “المواجهة” المتجددة بين الخارجية اللبنانية والمجتمع الدولي حول ملف النازحين السوريين علامات استفهام إزاء تداعياتها المحتملة سواء على صعيد المساعدات الخارجية للبنان أو الوضع السياسي المحلي في ضوء النبرة الحادة التي استخدمها الوزير جبران باسيل في الردّ على بيان الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بعد مؤتمر “بروكسيل 2” والذي لم يخلُ من رسائل تجاه الداخل اللبناني.
فغداة بيان الخارجية الذي استهجن اللغة المعتمدة في البيان والتي “تدرج مفاهيم ومصطلحات جديدة غير متفق عليها وغير مقبولة لبنانياً كمفهوم (العودة الموقتة) و(العودة الطوعية) أو (خيار البقاء) أو التي تتهم الدول الغنية بطرْد النازحين (قسراً)، تعمّد باسيل الكلام من على منبر القصر الجمهوري بعد جلسة مجلس الوزراء”، معلناً ”ان المجتمع الدولي لم يحمل مجتمعاً ما تحمله لبنان وحيداً في ملف النزوح ولا أحد يمكنه إعطاءنا دروساً”. واتهم المجتمع الدولي ”بتشجيع سوريين على البقاء ومنعهم من العودة”، معتبراً أن ”المجتمع الدولي يريد حماية أوروبا وأميركا”، وسائلاً ”هل يريدون كارثة اجتماعية وحرباً وفتنة في لبنان؟”. وتوجه إلى الداخل اللبناني ”من أجل مَن هذه المسايرة؟ ولا أصدق أن لبنانياً يقبل بهذه الكارثة فقط كي لا نواجه المجتمع الدولي”، ومتحدثاً عن ”مؤامرة ولن أسكت”