كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
تستعد جميع الأجهزة الأمنية لمواكبة الاستحقاق النيابي في السادس من مايو (أيار) المقبل، وهي اقتربت من إعلان الاستنفار الأمني، وبخاصة بعد انتقال التصعيد الانتخابي من الخطابات والبيانات إلى الشوارع مع تسجيل العديد من الإشكالات الأمنية في الأسابيع الماضية.
وقد شارفت قيادة الجيش وباقي الأجهزة الأمنية على الانتهاء من إعداد غرف عمليات موزعة على كل المحافظات اللبنانية لمواكبة الاستحقاق الانتخابي أمنياً. وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن 5 غرف عمليات مرتبطة ببعضها وبمركز القيادة في وزارة الدفاع ستتولى تأمين أمن وسلامة الانتخابات، لافتة إلى أن هذه الغرف مشتركة، أي تضم أيضاً قوى الأمن الداخلي.
ويتخذ الجيش اللبناني عادة إجراءاته حول مراكز الاقتراع ومحيطها، فيما تشرف قوى الأمن الداخلي على حسن سير العملية الانتخابية والأمن داخل مراكز الاقتراع. ولا توجد عناصر الجيش داخل المراكز، كما يؤكد العميد المتقاعد الدكتور محمد رمال، إلا إذا حصل تطور أمني كبير وارتأت غرفة العمليات المركزية أن تدخل الجيش مطلوب داخل قلم الاقتراع في حالة معينة واستثنائية. ويشير رمال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأجهزة الأمنية كافة وعلى رأسها قيادة الجيش ستكون أمام «تحدّ كبير في السادس من أيار، باعتبار أن الانتخابات النيابية في لبنان جرت العادة أن تحصل في أكثر من يوم، بحيث كان يتم تخصيص نحو شهر كامل للعملية الانتخابية على أن تجري الانتخابات كل يوم أحد في محافظة معينة»، لافتا إلى أنه «وللمرة الأولى ستحصل الانتخابات النيابية في يوم واحد ما يستدعي وضع خطة محكمة ووضع كل الوحدات في جهوزية كاملة وحالة من الاستنفار». ويضيف رمال: «عادة كانت الوحدات المنتشرة في محافظة معينة تتولى أمن العملية الانتخابية في تلك المحافظة ويتم تعزيزها بوحدات من مناطق ومحافظات أخرى، أما في الدورة الحالية فستكون كل الوحدات في حالة استنفار وجهوزية وانتشار».
ويستبعد رمال بدء تطبيق الخطة الأمنية المرتبطة بالانتخابات قبل 24 أو 48 ساعة من موعد الاستحقاق، «باعتبار أنها ستستدعي نقل الحضور العسكري من مواقع محددة إلى محيط مراكز الاقتراع، ولا معنى لأن تبدأ العملية قبل أيام طالما أن الانتخابات محصورة في يوم واحد»، مذكرا بأن هناك «الكثير من النشاطات الانتخابية المتواصلة في المناطق والتي تستدعي أيضا مواكبة أمنية لها».
وقد تفاقمت الإشكالات الأمنية في الأسبوعين الماضيين مع احتدام الخطاب السياسي بين المرشحين والأحزاب، ولم تقتصر على منطقة محددة بل طالت دوائر انتخابية متعددة، وتراوحت ما بين التضارب والاعتداء وصولا إلى الإشكالات المسلحة التي شهدت إطلاق نار.
وشهدت دائرة طرابلس – المنيه – الضنية أكثر من إشكال بين أنصار اللواء المتقاعد أشرف ريفي ومناصري لوائح أخرى، وكانت الإشكالات التي شهدتها مدينة بيروت بين أنصار تيار «المستقبل» وداعمين لمرشحين آخرين لافتة. ولم يتردد أنصار لائحة الثنائي الشيعي كما المرشح يحيى شمص في استخدام الأسلحة الرشاشة والقذائف في أشكال بينهم في الخامس من الشهر الجاري.
أما الشارع الدرزي فشهد أكثر من إشكال على خلفية تعليق صور، نتيجة الانقسام والاحتقان المتنامي بين رؤساء الأحزاب الدرزية. فسجلت إشكالات بين أنصار رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، ورئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» الوزير طلال أرسلان، كما بين مناصري الأخير ومؤيدي الوزير السابق وئام وهاب. ويبقى الحدث الأمني الأبرز الذي سجل في الأيام الماضية، هو الاعتداء الذي تعرض له الصحافي والمرشح في دائرة الجنوب الثالثة علي الأمين من قبل عناصر تابعة لـ«حزب الله».
وكشفت مصادر حزبية لـ«الشرق الأوسط» أن «جهات أمنية طلبت من كل الأحزاب دون استثناء محاولة ضبط المحازبين والمناصرين، والسعي قدر الإمكان لتفادي الإشكالات لعدم إنهاك القوى الأمنية قبل أيام من موعد الانتخابات».
وترأس وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في الخامس من الشهر الجاري اجتماعا استثنائيا لمجلس الأمن الداخلي المركزي لبحث الخطة الأمنية التي ستواكب الانتخابات النيابية في 6 أيار المقبل، وللتنسيق بين الأجهزة الأمنية. وأوعز إلى قادة الأجهزة بتشديد الإجراءات الأمنية قبيل العملية الانتخابية وفي أثنائها، خصوصا في مكافحة الرشاوى الانتخابية وإحالة الموقوفين بهذا الجرم أمام القضاء، الذي طالبه المشنوق بالتشدد في التعاطي معهم.